قصدت بهذا البحث الوجيز عرض بعض آفاق خدمة السيرة النبوية الشريفة، مهتديا -لارتياد هذه الآفاق- بِصُوى منهج أهل الحديث، الذي أعملوه رضي الله عنهم في أخبار تلك السيرة الشريفة، فخَلَّصُوها من شوائب كثيرٍ من المرويات الباطلة، واهتدوا به إلى تحقيق الحق في تواريخ جملة من تلك الأحداث، مما ساعد على ترتيبها الترتيب اللائق، وأفادوا منه لإثبات أو نفي شهود بعض الأصحاب لطائفة من وقائع السيرة؛ كما ضمنوا تراجم أبواب كتبهم المرتبة على ذلك كثيرا من المنازع التي لم تُسْتَثْمر الاستثمار التام في الكتابة في السيرة النبوية الشريفة، وقد أقمت بناء هذا البحث على عمادين اثنين:
أولهما: حددت فيه مجال هذا الموضوع، وميدان البحث فيه.
وثانيهما: استعرضت فيه الآفاق التي انتهى البحث إليها، والتي انحصرت في ستة وهي:
< الأفق الأول: استكمال عمل التصحيح والتضعيف، وجمع الجهود السابقة في هذا الباب.
< الأفق الثاني: توسيع الاستفادة من المجهود الضخم الذي بذله من اشترط الصحيح في خدمة مرويات السيرة.
< الأفق الثالث: الالتفات إلى الاستفادة من كتب الرجال بمختلف تخصصاتها.
< الأفق الرابع: الاستفادة من أبواب عقدها المحدثون في الجوامع والسنن، يمكن أن تُجمع من خلال تركيب ما تضمنته أحاديث تلك الأبواب: صورةٌ كاملة، أو قريبة من ذلك، لحالة من أحوال الحياة في الزمان النبوي الشريف.
< الأفق الخامس: الاستفادة من تراجم الأبواب في كتب الحديث، ومن المنازع الدقيقة لأئمة المحدثين من المتون المتضمنة لحدث من أحداث السيرة.
< الأفق السادس: إخراج متن السيرة اعتمادا على الأخبار الثابتة، وتحرير التواريخ، واستبعاد الواهي؛ ويعد هذا الأفق الأخير الغايةَ الكبرى، كما يعد ما قبلها من الآفاق خادماً لها.
والله الموفق والهادي إلى الصواب
الدكتور محمد السرار (رئيس مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث
في الحديث الشريف والسيرة العطرة بالعرائش)