إشـــــــــــراقـــــــــة – نصرة الدعاة من الزكاة


عن أنس قال : كان أخوان على عهد النبي وكان أحدهما يأتي النبي والآخر يحترف، فشكا المحترف أخاه للنبي فقال : “لعلك ترزق به” (رواه الترمذي بإسناد صحيح على شرط مسلم) “يحترف” يكتسب ويتسبب.
إن الإنفاق على المتفرغ لطلب العلم ولأجل الدعوة إلى الله يعتبر من أهم أنواع الإنفاق في سبيل الله قديما وحديثا. يقول الشيخ رشيد رضا : ومن أهم ما ينفق في سبيل الله في زمننا هذا إعداد الدعاة إلى الإسلام، وإرسالهم إلى بلاد الكفار من قبل جمعيات منظمة تمدهم بالمال الكافي كما يفعله الكفار في التبشير بدينهم.
وقد ذهب كثير من العلماء إلى أن الدعوة إلى الله تدخل في معنى “وفي سبيل الله” الذي هو سهم في الزكاة، وقد ورد في الدعوة قوله تعالى : ادع في سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وقد ذهب معظم أعضاء المجلس الفقهي الإسلامي إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وإن إعلان كلمة الله يكون بالقتال ويكون أيضا بالدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه بإعداد الدعاة ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم فيكون كلا الأمرين جهادا، لما روى الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم عن أنس أن النبي قال : «جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم». يقول الشيخ شلتوت : “وفي سبيل الله” يشمل الإعداد القوي الناضج لدعاة إسلاميين يظهرون جمال الإسلام وسماحته، ويفسرون حكمته ويبلغون أحكامه، ويتعقبون مهاجمة الخصوم لمبادئه بما يرد كيدهم إلى نحورهم.
ويقول الشيخ مناع القطان : فلم يعد المفهوم الحربي للحفاظ على الأمة قاصرا على الحرب الدموية في القتال وعدته، بل أصبح شاملا للتعبئة الفكرية وصد هجمات المغرضين… وهذا يحتاج إلى إعداد فكري للدعوة لا يقل أثرا عن عدة السلاح، وتكوين جند للدعوة يحملون لواءها، ويذودون عنها بالقلم واللسان والبيان، كما يذودون عنها بالصاروخ والمدفع.
ويقول الشيخ القرضاوي : إذا كان جمهور الفقهاء.. حصروا هذا السهم : “وفي سبيل الله” في الغزاة والمرابطين على الثغور.. فنحن نضيف إليهم في عصرنا غزاة ومرابطين من نوع آخر، أولئك الذين يعملون على غزو العقول والقلوب بتعاليم الإسلام، والدعوة إلى الإسلام… وإن الجهاد في الإسلام لا ينحصر في الغزو الحربي.. فقد سئل النبي : أي الجهاد أفضل؟ فقال كلمة حق عند سلطان جائر (رواه النسائي بإسناد صحيح).
إن الدعاة الذين يسخرون جميع طاقاتهم لنصرة الله ورسوله، ويبذلون كل إمكاناتهم لعز الإسلام وقوة سلطانه، ويسعون في الأرض مبشرين ومنذرين بالدعوة لرب العالمين، فهذا الفيلق من المجاهدين الأبرار لا يقل شأنهم عن المرابطين على الثغور والفاتحين للحصون، والعاملين في الأسواق والحقول، فلهذا قال له النبي لعلك ترزق به، فرزق المتفرغين لطلب العلم مضمون بوفرة تكفيهم وغيرهم ممن هو معهم.
ذ. عبد الحميد صدوق
——————–
< أنظر بحث نصرة الدعاة
من الزكاة من كتاب الواعظ
بين الرواية والدراية للمؤلف.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>