مجرد رأي


غزة ….. و العبث السياسي

…لم يفهم أحد من كبار المحللين السياسيين المتخصصين بقضايا الشرق الأوسط السبب الحقيقي وراء سعي السلطة الفلسطينية الدؤوب لعرقلة طلب انضمامها للمحكمة الجنائية الدولية، والذي يتيح لها حق ملاحقة إسرائيل ومعاقبتها على جرائمها في حرب غزة الأخيرة. ومن أبرز هؤلاء المحللين المحتارين الصحفي البريطاني المشهور(دافيد هيرست) الذي كشف في مقاله الأخير بصحيفة (هافينغتون بوست)  ليوم الخميس 11-09-14 بأن وزير خارجية السلطة المالكي زار لاهاي- على جناح  السرعة- إبان الحرب على غزة بهدف وقف طلب الانضمام القانوني الذي تقدم به وزير العدل الفلسطيني (سليم السقا) من أجل ملاحقة إسرائيل  على جرائمها في غزة…. الغريب والمريب في الأمر أن المالكي الذي ذهب لعرقلة الطلب هو نفسه الذي صرح قبيل سفره بأيام بأن: «هناك أدلة دامغة على ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب في غزة»…. إلا ان الرجل بدل أن يقدم أدلته «الدامغة» أمام المحكمة الدولية، قام بعرقلة طلب الانضمام لهذه المحكمة أصلا حتى يخلص مجرمي الحرب الإسرائيليين من الملاحقة القضائية الدولية…وفي محاولته لفهم كل هذا العبث السياسي يخلص الكاتب الصحفي إلى خبر مفاده «أن الرئيس محمود عباس التقى ب(ناتانياهو) في عمان إبان الحرب على غزة (وهو الخبر الذي سارع إعلام السلطة ومن والاه إلى نفيه جملة و تفصيلا)»

طبعا لا يحتاج المرء إلى كثير تأمل لكي يستخلص بأن الأمر دبر بليل، وأن قرار الانسحاب من الانضمام للمحكمة الدولية قد يكون بطلب من (نتن ياهو) شخصيا خصوصا بعدما نشر في كثير من وسائل الإعلام الغربية وحتى الإسرائيلية عن مستوى الهلع والخوف الشديد الذي أصبح القادة الصهاينة يعانون منه مخافة الملاحقات القانونية من قبل محكمة الجنائية الدولية خاصة بعد توافر الأدلة والشهادات الموثقة عن ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجرائم حرب تعاقب عليها القوانين والأعراف الدولية … خاصة وقد سبقت ملاحقة العديد من القادة الإسرائيليين من قبل كما حصل لوزيرة الخارجية وقتها (ستيفي ليفني) التي عادت أدراجها من مطار لندن فرارا من شرطة (السكوتلانديار) الدولية…

… في نفس السياق أكدت المدعية العامة للمحكمة الدولية (فاتو بنسودة) – في رسالة نشرها عدد من المواقع الموثوقة- ما ذكره الكاتب الصحفي (دافيد هيرست) بأنها فعلا  جاءها المالكي وطلب منها رسميا سحب طلب الانضمام للمحكمة الدولية… وتؤكد المدعية العامة «أنه بمقدور دولة فلسطين الانضمام إلى ميثاق روما لرفع الدعاوى ضد القادة الصهاينة حتى تقوم المحكمة بملاحقتهم في المحافل الدولية، شريطة أن يكون مقدم الطلب رئيس الدولة أو وزير الخارجية أو رئيس الوزراء أو أي شخص مخول من الحكومة الفلسطينية» وبحسب المدعية العامة فإن «المالكي لم يرد بالإيجاب بشأن خطاب الانضمام (الذي تقدم به وزير العدل) وهو ما جعل المحكمة تغض الطرف عن الطلب وتعتبره مجرد مراسلات» !!!

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>