توطئة
خمس ساعات هي المدة التي استغرقتها الرحلة من مطار محمد الخامس بالدار البيضاء إلى مطار “صبيحة باستمبول” كبرى مدن تركيا وعاصمتها الاقتصادية والسياحية، حوالي الساعة الثانية عشر ليلا حطت الطائرة على مدرج المطار، حمدنا الله على سلامة الرحلة وانخرطنا في إجراءات الدخول، كان المطار يعج بمختلف الجنسيات، كل يسعى لهدف ما من وراء هذه الزيارة لهذا البلد المسلم، الذي أدهش العالم بالطفرة الاقتصادية التي حققها رغم الظرفية الاقتصادية الصعبة التي يمر منها العالم ولا سيما أوربا.. كان هدفي الوحيد من هذه الرحلة أن أكتشف الحضارة العثمانية وما أحدثته من تغيرات على المستويين السياسي والحضاري والذي تختزله مدينة إستمبول بشقيها الأسيوي والأوربي، وأتتبع خطى الفاتحين وما خلفته من إرث حضاري قل نظيره، والذي أصبح ميراثا إنسانيا يأتيه الناس من شتى بقاع الأرض… ولم تقتصر رحلتي على تتبع خطى الفاتحين الأوائل، بل تتبعت أيضا خطى العثمانيين الجدد، الذين استبدلوا أسلحة الفاتحين من أسلافهم بأسلحة أكثر ضراوة وهي الأسلحة الاقتصادية والإصلاحات السياسية التي جعلت من تركيا، ذلك البلد الذي كان يغرق في الفساد السياسي والعسكري، ويرزح تحت مديونية ثقيلة وتضخم اقتصادي لا مثيل له على الصعيد الأوربي، يقفز إلى المرتبة العاشرة عالميا ويتخلص من كامل مديونيته بعد انقضاء ولايتين من حكم حزب العدالة والتنمية التركي… نحن الآن في الجزء الآسيوي من مدينة إستمبول، وبعد قليل سننطلق نحو الجزء الأوربي من مدينة الأحلام هذه، حيث سنعبر مضيق البوسفور الواقع على بحر مرمرة، بواسطة الحافلة من فوق جسر محمد الفاتح، وقد اختار منظموا الرحلة أن تبدأ رحلتنا من الشق الأوربي الذي توجد به أكبر المآثر التاريخية وأكبر البزارات والأسواق التي تحتوى على أرقى الملابس والتحف والتوابل والمقتنيات ذات الصنع المحلي.. خلال هذه الرحلة الشيقة سوف نستنطق التاريخ والجغرافيا ونقف على الأسباب الذاتية والموضوعية لتقدم تركيا، ونضع الأصبع على جرحنا المغربي، لماذا تقدمت تركيا وبقينا نحن نجتر تخلفنا رغم التشابه المناخي والإمكانيات الاقتصادية المتشابهة التي تجمع المغرب وتركيا؟؟… ذلك ما سنكتشفه بعون الله خلال هذه الحلقات التي سننشر تباعا على صفحات جريدة المحجة الغراء …
فشدوا الأحزمة !!…