خطّة ماكرةٌ تُحاكُ اليومَ في الظّلام، ضدّ المُقاوَمَة الفلسطينيّة التي لم تنكسرْ أمام ضَرباتِ العدوّ الصّهيونيّ، سيتولّى كِبْرَ الخطّةِ رئيسُ الانقلاب السيسي، ويموّلُها ويَدْفَعُ مَبالغَها أغنياءُ العَرَب، ويُستخدَمُ فيها بعضُ خَوَنَة القضيّةِ الفلسطينيّة، ولكنّ المقاوَمَة الباسلةَ ليسَت غافلةً عن الخطّة، وتعلَمُ كيف تُحْبِطُها وكيفَ تَفضحُ أطرافَها، وكيفَ تتعاملُ مع جانبِها السياسيّ بعدَ الفَراغِ من الجانبِ العسكريّ؛ فقد ذاقَت المقاومةُ الأمرَّيْن وعانَت الويْلاتِ ممّا اقْترَفَه الخَوَنَةُ والجَواسيسُ. والغَريبُ في هذه الخطّةِ الخبيثةِ أنّه لا يظهرُ منها الآنَ إلاّ الوجه المُغْري وهو العَمَلُ على رفع الحصار عن الميناءِ والتنمية الاقتصادية للضفة والقطاع وتَخفيفُ الخناق… ولكن الوجهَ الكالحَ المُربَدَّ غيرَ البادي فحقيقَتُه القَضاءُ على المُقاوَمَة ونزعُ سلاحها وتدجينُ القضيّة الفلسطينيّة…
لقَد استيقَظَت السّلطَةُ بعدَ أن فَرَغَت المُقاوَمَةُ من ردعِ العدوّ الصّهيونيّ، لتخوضَ في وظيفتِها الواحدَةِ الوَحيدَة: وظيفَة الاستثمار السياسيّ لنصرِ المقاوَمَة، ولكنَّ الاستثمارَ لن تنسجَه السّلطةُ وحدَها بهَوى فلسطينيّ خالصٍ يضمنُ العزّةَ والنصرَ للشعبِ الفلسطينيّ، وإنّما ستتدخّلُ أصابعُ مصرَ وأمريكا وإسرائيلِ لنَسْحِ البيتِ الفلسطينيّ الجَديد. وهكذا فقَد بَدأتْ مَعالمُ الخطّةِ الخَبيثَةِ تَلوحُ ويُلوَّحُ بِها إنَّها المُبادَرَة: والأخطَرُ في مبادَرَة الزَّوْج «عباس-السيسي» أنّها إن تعرَّضَت للفَشَل -وهو شرُّ غائبٍ يُنتَظَرُ، وأمرٌ يَسْعَيانِ إليه ويَعملانِ عليْه، بأمرٍ من الصهاينَة- فسيلجؤونَ إلى الحلّ الأخير وهو التّدخّل الدّوليّ لإقرارِ السّلامِ، وليسَ للتّدخُّل الدّولي من أجلِ السّلام مَعْنى عندَهُم إلا التّحكّم في حركاتِ غزّةَ وصناعة أحداثِها ونزع سلاح المُقاوَمَة. خصوصاً إذا كانَ يُستعانُ بالصّهاينَة في المجموعة الدّوليّة المتدخّلَة، تحت غطاء الأمم المتّحدَة.
وفي هذا السّياقِ كَشفَ دبلوماسيّونَ في الأممِ المُتّحدة أن «جهوداً» تُبذلُ حالياً لاتّخاذ قَرار في مجلسِ الأمن يكون أساساً لحَلٍّ بَعيدِ المَدى يَحولُ دونَ تَكرار «الحَرب» الأخيرة « بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة »، وفقا لما نشرته الاذاعة العبرية يَومَ الجُمعة 29 أغسطس 2014. فإذا تدخّلَت الأمم المتّحدةُ في القضيّة أصبحَت حريةُ فلسطينَ وسلاح المُقاوَمَة في مهبّ الرّيح .
وحصلت «صَحيفةُ النَّهار» اللُّبنانيّةُ على نُسخةٍ من مُسَوَّدَة مَشروع القَرار الذي قَدّمتُه الولاياتُ المتّحدةُ إلى مَجلس الأمْنِ بهذا الخُصوص وهو ينصُّ على جَعل قطاع غزةَ منطقةً خاليةً من السِّلاح والمُسَلَّحين باستثناء أفراد السلطة الفلسطينية، وعلى تَدمير كل الأنفاق على الحدود مع إسرائيل ومصر.
وما زالَت تطلعُ بينَ الفينَةِ والأخْرى عباراتٌ يُصرّحُ بها محمود عَبّاس تُفيدُ عزمَ السّلطةِ على مواجهَةِ المُقاومَةِ بمَعونةِ مصرَ وأمريكا وإسرائيلَ، منها قولُه : «لا شَرعية لأيّ سلاحٍ إلاّ سلاح السُّلطة» وهذا وجه آخَر من وجوه رغبةِ إسرائيلَ في نزعِ سلاحِ المُقاوَمَة.
ومن الجَديدِ القَديمِ في تَجميدِ المُقاوَمَة ونزعِ سِلاحِها ما نشرتْه وكالَة فلسطين للأنباء:
أنّ مَصدراً فلسطينيّاً مُطّلعاً أكّدَ لصَحيفةِ الشّرقِ الأوسطِ السُّعوديّة، أنّ مصرَ أبلَغَت المُقاوَمَةَ أنّه لن يَكونَ هناكَ فتحٌ لمَعبر رَفح أو المَعابرِ الأخرى في قطاع غزةَ، ولن يُشرَعَ في إقامةِ ميناءٍ أو مَطار، من دون عَودةِ السُّلطةِ الفلسطينيّةِ إلى قطاع غزة عَوْداً كاملاً. وأنّ «التَّرتيباتِ» الآن جاريةٌ لعودة غزّةَ إلى السّلطةِ، وأبلَغَتْ مصرُ السّيسيّةُ حركةَ حماس أنها «لا تَتعاطى مع تَنظيماتٍ، وإنما مع السُّلطة الفلسطينية، الممثل الشرعيّ للشعب الفلسطيني» بزَعْمِها.
أمّا حركةُ حَماس والفَصائلُ الفلسطينيّةُ فتقولُ إنّها مُوافقةٌ مبدئياً على عَودةِ السُّلطةِ إلى المَعابر، ولكنْ مع وُجودِ قُوّةٍ فلسطينيّةٍ مُؤلَّفَة من الفَصائل للمُساعَدَة في إدارتها. وفي إعادة إعْمار قطاعِ غزّةَ، وأن تكونَ حُكومةٌ للتَّوافُق تُشرفُ على إعادَةِ الإعمارِ، ووُجود هيئةٍ وَطنيةٍ مُستقلّةٍ تعملُ إلى جنب الحُكومَة. لكنّ السّلطةَ الفلسطينيةَ ترفُضُ المُقْتَرَحَ وتعُدُّه رغبةً في تكوينِ حُكومةٍ ثانيةٍ في الظّلّ، وتُصرُّ على الاستفْرادِ بالعَمليّاتِ كلِّها، مُتَّهِمةً مُقترَحَ الفصائلِ بأنّه تدخُّلٌ في إدارَة المَعابرِ والإعْمارِ، ومُلوِّحةً بأنّه لا صرفَ لمُرتَّباتِ الموظَّفين التّابعين لحركة حَماس إلا إذا رَجَعَت السّلطةُ المُطلقَةُ إلى محمود عَبّاس، وهو في ذلِك يعتمدُ على دعم مصرَ السّيسيّةِ ويأملُ أن تدعَمَه أمريكا أيضاً، وأنّ صرفَ المُرتَّباتِ يجب أن يَكونَ بإشرافٍ دوليّ، وبموافقة إسرائيل والولايات المتحدة، لأسباب مرتبطة بإدراج حماس في قائمة المؤسسات الإرهابية.