أيــن الـضجيجُ الـعذب والـشغب
أيـــــن الـطـفـــولةُ فـــــــي تــــوقّـــدهـــا
أيــــن الـتـَّـــشـاكـسُ دونـمـــــا غـــرض
أيــــــن الـتـبـــاكــــي والـتـضــاحك فـي
أيـــــن الـتـسابـــقُ فـــي مـجاورتـــي
يـتـزاحـمــــون عــلــــى مـجــــالستـــي
يـتـوجـهــــون بــســــوق فــطــــرتـهـــم
فـنـشـيدهــــم : (بـابـا) إذا فـرحــــوا
وهـتـافـهــــم : (بــابـا) إذا ابـتـعـــدوا
بــالأمــــس كــــانــــوا مـــــِلء مـنـزلنـا
وكـأنـمــــا الـصـمــــتُ الــــذي هـبطــت
إغــفـــــــاءة الـمـحـمـــــوم هــــدأتـهــــا
ذهـبـــوا، أجل ذهبـــوا، ومسكـنُهم
إنـــــي أراهـــــــم أيـنـمــــــا الــــتـفـتَتْ
وأحـــــــس فـــــــي خـلـــــدي تـــلاعـبَهم
وبـَـريـــــق أعـيـنـهـــم، إذا ظــفـــــروا
فــــي كـــــل ركـــــن مـنـهــــم أَثَــــــر
فـي الـنافذات زجـاجها حـطموا
فـي الـباب قـد كـســـــروا مـزالجه
فـي الـصحن فيه بعض ما أكلوا
فـي الـشطر مـن تفاحة قضموا
إنـــــي أراهـــــــم حـيـثمــــا اتـجـهــــت
دمــعــــي الـــذي كـتـمـتــــه جـلـــــدا
حــتـى إذا ســاروا وقــد نـزعـوا
ألــفـيـتـنــــــــي كـالـطـفــل، عــــاطـفـــــةً
قــد يـعـجب الـعـُذّال مِـن رجـل
هـيـهـــــات مـــا كــــــــلُّ الـبـكـــــا خَــوَرٌ
********
أيــن الـتـدارس شـابـَهُ الـلعب؟
أين الدُّمَى في الأرض والكتب؟
أيــن الـتـَّـــشاكي مـالـه سـبب؟
وقــتٍ مـعــــــا، والـحــــزنُ والـطرب؟
شـغـفــــــا إذا أكـلـــــوا وإن شـربــــوا؟
والـقـرب مـنــــي حـيثمـــا انـقلبـــــوا؟
نــحـــــوي إذا رهــبـــــوا وإن رغــبـــــوا
ووعـيـدهـــــم: (بــابـا) إذا غـضـبــــوا
ونـجـيـهـــــــم: (بــابــا) إذا اقـتـربـــــوا
والـيـوم، ويــح الـيوم، قـد ذهـبوا
أثـقـالـُه فـــــي الـــدار إذ غـربـــــوا
فـيـهــــا يـشـيـــــع الــهـــــــمّ والـتـعـــب
في القلب، ما شطّوا وما قربوا
نـفسي وقد سكنوا، وقد وثبوا
فـــي الـدار لـيــــس يـنالهــــم نـَصَب
ودمـــــــــوع حـرقـتـهــــــم إذا غـلـبــــــــوا
وبــكــل زاويــــة لــهـم صــخـب
فـي الـحائط الـمدهون قد ثقبوا
وعـلـيه قــد رسـموا وقـد كـتبوا
فـي عـلبة الـحلوى الـتي نهبوا
فـي فـضلة الـماء الـتي سكبوا
عـيـني كـأسراب الـقطا سـربوا
لــمــــــا تــبـاكـــــــوا عــنـدمَــــــا ركــبــــــــوا
مــن أضـلـعي قـلـبا بـهم يـَجِب
فـــإذا بـــه كـالـغـيث يـنـسـكب
يـبكي، ولـو لـم أبك فالعجب
إنـــي – وبـــي عــزم الـرجـال – أبُ
الشاعر عمر بهاء الدين الأميري