….ما من يوم جديد يطلع علينا إلا وتطالعنا وكالات الأخبار بمزيد من مآس وانتهاكات يندى لها الجبين خجلا لخيرة شباب مصر وفتياته ونسائه على أيدي فاسدين انقلابيين قدت قلوبهم من حجر صلد لا يرحمون امرأة ولا طفلا ولا شيخا بلغ من العمر عتيا. كان فرعون يذبح الأبناء ويستحيي النساء, أما هؤلاء فلا يستحيون النساء بل يسحلونهن في الشوارع ويغتصبونهن في المخافر وأقبية السجون… وتجد من يزكي كل هذه الانتهاكات من دعاة الحداثة والعلمانيين والليبيراليين وكل ناعق صدع رؤوسنا طيلة سنوات بالديموقراطية واحترام حقوق الإنسان والتصدي للظلم والظالمين وفق المواثيق الدولية ومعاهدات جنيف وطوكيو وجزيرة الواقواق وهلم ثرثرة و «كلام فاضي»…..
إن ما يحز في النفس ويصيبك بالغثيان حقيقة ليست مواقف هؤلاء العلمانيين. بل ما يحز في النفس فعلا هي تلك المواقف المخزية والمريبة التي يقفها بعض من تسموا بالعلماء والمشايخ…. فلا تكاد تسمع لهم همسا ولا تنديدا أو شجبا. وحرمات المسلمين تنتهك والحرائر تغتصب والمساجد تحرق أو تغلق وآيات الله يستهزأ بها وتلوى أعناق الآيات تملقا لقائد الانقلاب… وتاريخ مصر يزور نهارا جهارا حتى ليتجرأ المدعو القمص مرقص عزيز (أحد كبار القساوسة الأقباط) فيزبد ويرعد ويتوعد المسلمين قائلا : «يا مسلمين احنا أصحاب البلد و مصر ابتليت بكم, يا متخلفين يا مستعمرين منذ 1400 سنة» و مع ذلك لم نسمع من شيوخنا الأفاضل دام ظلهم همسا… ولا إشارة ولا تنديدا ولا هم يحزنون، وكأن الأمر لا يعنيهم وهم الذين ملأوا رؤوسنا طيلة السنوات الخوالي بمواعظهم و كلامهم المنمق عن العزة والكرامة ووجوب الجهر بالحق في وجه الظالمين, ووجوب نصرة المظلوم والذود عن حياض الإسلام والمسلمين والمستضعفين في الأرض ووو. ويا ما سمعنا منهم عن مواقف العلماء الربانيين من أمثال سعيد بن جبير و سلطان العلماء العز بن عبد السلام وسعيد بن المسيب وأحمد بن حنبل و غيرهم الكثير من أعلام العلماء الحقيقيين عبر تاريخنا الزاخر…. سكوت بعض هؤلاء المشايخ إزاء كل ما سبق من انتهاكات ليدعو إلى الريبة.
فسكوت العلماء غير سكوت العامة من الناس، لأنهم ورثة الأنبياء. وقد أخذ الله منهم ميثاقا أن يبلغوا الحق الذي أمروا به …. فالعلماء يا مشايخنا بمواقفهم وليس بعلمهم فقط فاحذروا أن تكونوا مع الشياطين الخرص لأنكم سكتم عن قول الحق, واحذروا أن تكونوا في زمرة أحبار بني إسرائيل لأنكم تقولون ما لا تفعلون و كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .
ملاحظة : أنا هنا لا أتحدث عن المرجفين من العلماء الذين جاهروا بوقوفهم إلى جانب الانقلابيين الظلمة من أول يوم من أمثال علي «كفتة» صاحب فتوى « اضرب في المليان» أو الهلالي الذي وصف السيسي و محمد إبراهيم بأنبياء الله موسى و هارون , أو شيخ الأزهر , أو دراويش حزب الزور (النور سابقا) أو ذلك العالم «المودرن» الذي أفتى بضرورة تطليق الزوجة الإخوانية وتبعته في فتواه سيدة داعية كنا نعدها من الأخيار …إنما كلامي على بعض المشايخ الكبار الذين ابتلعوا ألسنتهم وآثروا السكوت وعدم الخوض فيما اعتبروه «فتنة» زاعمين الوقوف على الحياد لتبرير مواقفهم المريبة ….. فيا علماء الأمة يا ملح الطعام، من يصلح الطعام إذا الملح فسد… اتقوا الله في علمكم الذي استخلفكم الله عليه، واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون … يوم تقفون فيه أمام الواحد القهار حفاة عراة غرلا…يوما يقول الله فيه لملائكته وقفوهم انهم مسؤولون .
ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
ذ: عبد القادر لوكيلي