لكم أن تتصوروا مدى الإحباط الذي يحس به غلاة العلمانية في العالم العربي والإسلامي عامة، وفي تركيا خاصة، بعد الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية بقيادة أردوغان في الانتخابات البلدية… لقد حاول المعادون للتجربة الإسلامية وبكل ما أوتوا من دهاء سياسي، ودعم خارجي إفشال التجربة الرائعة التي تعيشها تركيا لأول مرة في تاريخها الحديث، حيث استطاعت أن تحافظ على نمو اقتصادي في حدود %7 ، في الوقت الذي تعيش فيه اقتصاديات أوروبا والولايات المتحدة أسوأ أيامها، كما استطاعت تركيا أن تتخلص من ديونها الخارجية كلها منذ مارس 2013، بل أصبحت مستعدة لإقراض صندوق النقد الدولي وكبرى المؤسسات المالية… كل هذا أزعج عتاة العلمانية الذين عاثوا في تركيا فسادا منذ سقوط الخلافة سنة 1924، وسخروا الجيش لخدمة مآربهم الدنيئة، فصادروا الحريات، وخاطوا دستور تركيا على مقاسهم حتى لا يسع غيرهم… لكن الشعب التركي اليوم عرف من هو في صفه، ومن هي الجهة التي تحمل همومه، وتقاسمه آلامه وآماله، وقد جاء خطاب أردوغان معبرا عن هذه الحقيقة غداة فوز حزبه في الانتخابات المحلية حيث قال : «نحن لسنا أمراء على هذا الشعب بل خدامه…».. فمباشرة بعد الربيع العربي، ووقوف تركيا مع الشعوب العربية التواقة إلى الانعتاق والحرية، وفتح حدودها للمعارضة السورية، وعدم قبولها بالانقلاب العسكري والالتفاف على الثورة المصرية، بدأت خفافيش العلمانية تثير القلاقل في تركيا، بَدْءاً بميدان «تقسيم» وليس انتهاء بالمحاولات الانقلابية التي حاول الجيش وحلفاؤه القيام بها لولا فطنة النظام والشعب التركي، هذا الأخير الذي لم يعد مستعدا أن تعود به المؤامرات إلى عهد العسكر ومظالمه..
فتحية للشعب التركي وإلى كل الشعوب المتعطشة إلى حياة آمنة طيبة… لقد كانت فعلا صفعة قوية لكل المتآمرين وكل المخدوعين بديموقراطية العسكر وأذنابه، ولربما قد تعيد البعض إلى رشده.
ذ: أحمد الأشهب