يا لجمالك حبيبتي، وأنت تتزينين بحليك الفاتنة، الرائعة الحسن والبهاء؛ على رأسك تاج من ذهب مرصع زمردا وزبرجدا، يعلوه في شموخ وعز بالله.
يداك الجميلتان ازدانتا طهرا بأساور الخوف تحكَم على معصميك؛ تقيدك عن المعصية، صُنعت لك، لا لغيرك.
خاتمك الفضي تتوسطه لؤلؤة التقوى، تنير ظلمة طريقك، وتجلي سواد كل قلب جاف جحود.
خلخالك يأسر رِجلا تقية طاهرة عن المشي في طريق الضلال.
بياض قرطيك نوره يشع فيسري في أذنيك، فلا تسمعان إلا بنور ربهما.
ثوب حيائك من سندس واستبرق، سمته الطهر، يواري سرا من أسرار الله لا يجوز كشفه.
كم أنت جميلة حبيبتي بحليك الفتانة؛ التي يأنق بها كل من رأى حسنها؛ لا تزيليها وإلا سرقت منك، فاللصوص يتربصون بك، بغيتهم تجريدك منها، وهي عزك وأغلى ما تملكين.
بنيتي. يا من تحس بغربة دنياها، لا تتركي وحشة الغربة تعميك عن رؤية جمال حليك، فهي سر ثرائك، وبدونها أنت فقيرة لا تؤجرين على فقرك في دنيا السالكين.
أومضي نور عينيك بكحل غض البصر، فالعين جارحة لا تملأ، وإطلاقها ينقش في القلب تعلقا بالدنيا، والحبيب لا يرضى بالشريك. فلا تستبدلي الذي هو أدنى بالذي هو خير.
اغرسي أرض قلبك بالقرآن تزول عنه الغشاوة، وينير الله به بصيرتك؛ فهو ينادي فيك: أفرغي قلبك من غيري أسكنه.
الحلي نفيسة لأنها أعوان لك توصلك إلى المقصود، والثمن المبذول عزيز، والحساد كثر، والمنادي جليل، واللصوص تأهبوا. فاحذري بنيتي من لصوص يطمعون بحليك.
أ- احذري لصوص التوحيد :
دخل رجل على سهل بن عبد الله فقال: اللص دخل داري وأخذ متاعي، فقال: اشكر الله، فلو دخل اللص قلبك (وهو الشيطان) وأفسد عليك التوحيد، ماذا كنت تصنع؟
وأنا بدوري أسألك: إذا دخل الشيطان قلبك ما عساك تفعلين؟
لقد زانتك العقيدة النقية الطاهرة. توحدين ربا لا شريك له، وتعلمين أنه المتفرد بالوحدانية. لكن الشيطان لص يلهث وراء توحيدك. فحذار من حبائله !!
ب ـ لا تؤثري الخميصة والقطيفة :
اشتري نفسك اليوم من عبادة الخميصة والقطيفة، فقد حذر سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من تعلق قلبك بغير الله وإيثار بضاعة رخيصة، فصدع بها مدوية قائلا: «تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة ، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش»، فكل شيء تعلقت به غير الله تعالى، يكون حجابا بينك وبينه سبحانه، وقد قال بعض العارفين بالله تعالى: مادام قلب العبد بغير الله معلقا، كان باب الصفاء عنه مغلقا.
واعلمي بنيتي أن:
- المتعلق بالخميصة والقطيفة عبد لهما، وقد قال عنه النبي صلى الله عليه سلم: عبد الخميصة وعبد القطيفة، مبينا أنه لما صار عبدا لغير الله تعس وانتكس، فلا نال المطلوب ولا خلص من المكروه. وهذا حال من تعلق قلبه بحب المال مهما تغيرت صوره..
لأن المرء إذا أحب المال افترس إيمانه كما تفعل الذئب الجائعة في الغنم السائبة. فعن»أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما ذئبان ضاريان جائعان باتا في زريبة غنم أغفلها أهلها يفترسان ويأكلان بأسرع فيها فساداً من حب المال والشرف في دين المرء المسلم».
- الخميصة والقطيفة تتخذان مظاهر متعددة في حياة الفتيات اليوم: إنهما الفستان الجميل،الذي يظهر المفاتن، والسروال المصمم وفق آخر تصميمات الموضة، والثوب الذي يشف ويصف،والذي زخرف بألوان فاتنة و…
فإن حفظت قلبك من التعلق بها سيجد لص التوحيد الباب موصدا ويعود أدراجه خائبا.
ذة. رجاء عبيد