قال سبحانه : {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور} إنها المناسبة التي انطلقت من الوعد للمؤمنين بمكة بالنصرة والعصمة من لدن الله عز وجل ضد تحرشات المشركين ، وتمتد إلى كل زمان ومكان يتصادم فيه الحق والباطل، كان بعلمه وهو خالق القلوب ومقلبها ويعلم ما كان ويكون فيها ، يبشر المؤمنين وهم في أتون عاصفة التدافع وفي مهب إعصار الكيد لهذا الدين وأهله بأن بنيان الريبة سيسقط على مشيديه لا محالة، ويكون إنفاقهم بالتالي حسرة في قلوبهم .
ويبدو اللحظة فضاء الفتنة الكبرى هاته التي طالت العالم العربي وشتتت شمل بنيه أشبه بلوحة الهزيع الأخير من الليل الذي تشتد حلكته وسرعان ما تبدأ معالم ولوج النهار في الليل، بانفراج السواد عن نور خافت يشق العتمة الداجية، ويواصل التمدد في غياهبها حتى يأذن الله تعالى بالانبلاج للنهار، وتشرق الشمس بإذن ربها، وآنها ينمحي من ذاكرة الإنسان تماما شبح الظلمات، وتردد أنفاسه الممتنة للواحد الأحد : سبحان الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور، ويعم الضياء والنور أرجاء الأرض وتنبجس الحياة من رحم الموت في تفتح الزهور وزقزقة العصافير ودبيب كل المخلوقات وسعيها في مناكب الأرض إيذانا بالبعث والميلاد.
وهكذا هو الإسلام، وهكذا هو سراج نوره القرآن الكريم الذي وعد المولى بحفظه.
وإن توالي تصريحات أكبر نجوم المجتمع الغربي باختلاف أطيافه المبجلة لهذا الدين مع اعتناقهم للإسلام، وبسط وافر إعجابهم به ليشبه هذا النور المنفلت من لجة الظلام.
لقد تكفل المولى بهذا الحفظ كما أسلفنا، مهما توالت الانكسارات والخطوب . وقد شهد القرن الماضي وبداية الألفية الثالثة أزمات مهولة المآلات على أمن واستقرار المسلمين، رافقتها برحمة من المولى موجة اعتناق غربيين من كل الأصناف والفئات للإسلام .
وكما فصلنا في حلقات ماضية معالم هذا الانقلاب الى الحق ، من لدن أفراد غربيين مرموقين نتوقف في حلقة اليوم عند شخصية نسائية وازنة بعلمها وبغيرتها على الإسلام ، ويتعلق الأمر بالسيدة آن سوفي، هذه المرأة السويدية التي امتهنت التاريخ علما وحرفة، والدفاع عن قضايا المسلمين بصفة عامة والأقلية المسلمة في السويد تحديدا، مجالا وجدانيا أعطته نسغ محبتها لتبرع فيه، وتمتلك فيه ناصية الدفاع الشرس عن كبرى القضايا التي تطرح في الدوائر الغربية ونعني منها المغرضة للنيل من تماسك وعظمة الديانة الإسلامية ، خاصة في القضايا التي تمس معالم شخصية المرأة المسلمة من حجاب وتعدد وزواج وإرث إلخ ..
والمثير في دفاع آن سوفي عن هذه القضايا هو أنًّ سوفي التي افتتحت سكة تدينها بالمسيحية وعاشت تفتح مشاعرها الروحية في بيت مسيحي ملتزم ، كما سخرت زادها المعرفي للدفاع عن قضايا تحرير المرأة الغربية في محضن ولادتها، ستنجذب بشكل مذهل إلى الإسلام وهي تختار التخصص في مجال التاريخ الديني أستاذة محاضرة في علم الديانات وكاتبة مقالات وكتب واسعة الانتشار في رصد القضايا الخاصة بالمسلمين وإبراز قوة برهانها وفلاح سراطها.
ليزيل الله سبحانه عنها غشاوة الأباطيل الغربية حول الإسلام وتحديدا حول الإسلام وستنبري لردم الهوة بين الغربيين المنصفين وهذا الدين وتسهم بدورها في الحرب على الإرهاب الغربي ضد المسلمين.
وهي بلا شك كمناضلة نسائية لها رصيدها من الثقافة النسائية الثورية في سوانحها التحررية حد التطرف كان يجب أن تكون في صف المهللين لعظمة الرصيد الحركي التحرري النسائي الغربي، لكننا نجدها تنتقل إلى ضفة الانتصار للرؤية الإسلامية بخصوص المرأة .
وإذا علمنا أن السيدة سوفي أكاديمية مبرزة وراسخة القدم في علوم التاريخ والعلوم الأخرى الرديفة ومن عصارتها قالت ربي الله والإسلام ديني أيقننا بأن الوعد الرباني لا يتخلف وأن وعد استخلاف مشروع المحبة والرحمة والخير للجميع وعد غير مكذوب تقول آن سوفي في أحد حواراتها «على الإنسان أن يتحرك نحو الله لأن الله لا يكره الناس على الإيمان به».
وهي القناعة التي استمدتها بكل تأكيد من الإسلام قال تعالى {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}.
آن سوفي تشبه مؤمن آل فرعون وهي لا تكتم إيمانها بل هي في إنتاج وإبداع مستمر لكتابات متخصصة تحمي بها وجود المسلمين في الغرب ..
وفي كل زمان ومكان يوجد من يجلجل بالحجر والتضييق على هذا الدين كما يوجد من يفديه بروحه لصونه والذب عنه ..
والشيء بالشيء يذكر فقد سمعت بالصدفة في قناة غربية موجهة للمسلمين من يدافع من المسلمين عن حظر الحجاب بالدولة الفرنسية، بل قيل إن الحجاب عادة وليس بفرض، وتذكرت النساء الغربيات من مختلف الأجناس وهن يرتعن في بلداننا عاريات بشواطئ مغربية أو بملابس أشبه بملابس قراصنة الأدغال القدامى، ونحن نمنحهم كل الود المشفوع بالكسكس والشاي الساخن ..
وذكرت سوفي وأخواتها من المنتصرات للمسلمين في محيطات الحكرة هذه وذكرت قول الله عز وجل: {ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا} (الطلاق : 3).
فتوارت غربتي ..إلى حين.
ذة. فوزية حجبي