بطاقة تعريف :
- الاسم :محمد خليل جيجك،
- من مواليد ولاية «ماردين» هي من الولايات الشرقية في تركيا،
- درس العلوم الشرعية في المدارس الأهلية
- تخرج عام 1992 من الدكتوراه في التفسير،
- عمل أستاذاً في جامعة «يلدرم بايزيد»
- وهو الآن أيضا عميد لكلية الإلهيات في جامعة «بينكول» .
- مهتم بالقرآن الكريم وعلومه.
< من منطلق تخصصكم في الدراسات الإسلامية كيف تُقيّمون واقع الدراسات الإسلامية في الجامعات العربية الإسلامية بشكل عام؟
<< أرى أن واقع الدراسات الإسلامية لا يتماشى مع واقع العصر، فنحن في عصر التكنولوجيا الجديدة، عصر انفجار المعلومات وتدفق المعلومات من كل جانب، فإذا ما قسنا الدراسات الإسلامية بهذه الكم الهائل من المعلومات والتطورات الهائلة في المعلومات البشرية والعلوم التجريبية والعلوم التقنية نرى أن مستوى الدراسات الإسلامية لا يتواءم ولا يتماشى مع هذا، وأرى أن النقطة الرئيسة في هذه المعضلة التي تعمّ جميع المسلمين، هو عدم توظيفنا للأذكياء من أبنائنا في ساحات الدراسات الإسلامية، طبعاً ربما يتوجه بعض من شبابنا المسلمين الأذكياء إلى الدراسات الإسلامية، ولكن هذا اتجاه فردي لا يتواءم مع متطلبات العصر، فمثلا حينما نجول في التاريخ الإسلامي وخصوصاً تاريخ العلوم الإسلامية نرى أن أذكى أذكياء العالم، من مثل ابن رشد الأندلسي، والقاضي عياض، والنووي، وإمام الحرمين، وأبي حنيفة، وغيرهم من أذكياء العالم اتجهوا إلى العلوم الإسلامية ونبغوا فيها، وأتوا بما أتوا به من ذلك الوابل الصيب العظيم من العلوم الإسلامية، غير أنه منذ ما يقرب من مائتي سنة بدأ المسلمون يتجهون الاتجاه الغربي، وأخذوا يعايرون المسائل والأحداث والوقائع بالمعايير الغربية، وطبعا -كما هو معلوم لديكم- فإن المعايير الغربية هي معايير دنيوية وعلمانية، ليس فيها نصيب للدين ولا لقيمه، فبسبب ذلك بدأ المسلمون أنفسهم ينظرون إلى الأحداث وإلى الوقائع وإلى المستقبل وإلى تقلبات الحياة كلها بمنظار علماني ومنظور دنيوي فقط، لا يهمهم إلا أمور الدنيا وأمر الترفه فيها. وحينما تأثر العالم الإسلامي بهذا المنظور الدنيوي بدأ المسلمون يغادرون شيئا فشيئا العلوم الإسلامية والدراسات الإسلامية، فلم يوظّف المسلمون بصفة عامة من طاقات الذكاء ما يناسب تلك الكمية الهائلة من العلوم الإسلامية والعلوم الشرعية التي يمتلكونها لم يوظفوا طاقات النبوغ والاستعداد والمواهب، فترتب عن ذلك نتائج وخيمة وغير محمودة العاقبة وهي قلةُ من نبغ في العلوم والدراسات الإسلامية وبالتالي قل الإبداع والتجديد الفاعل في الأمة، فمن هذه الناحية هذه نقطة هامة، فإذا ما أردنا ـ نحن المسلمين ـ أن نرتقي بالدراسات الإسلامية إلى مستوى ما يُطلَب في العصر الحاضر وما يناسب التطورات الهائلة في ساحات العلوم التجريبية والعلوم الاجتماعية وسائر العلوم فيتوجب علينا أن نوظف في هذا المجال الطاقة الذَّكية طاقات الذكاء. هذا هو ما نحتاج إليه، خصوصا في مجال الفقه الإسلامي الذي هو مصدر حياة المسلمين ومجال التعامل مع المشكلات الاجتماعية والحضارية المعقدة، .. لذلك لتحقيق هذا التطور نحتاج إلى عقول ذكية وطاقات مبدعة مستوعبة للماضي وقادرة على التعامل مع متطلبات العصر.
< في علاقة بهذا كيف تنظرون إلى واقع حركة التفسير في مجال الدراسات الإسلامية؟ وكيف يمكنها أن تسهم في بعثة الأمة ونهضتها؟
<< بالنسبة للتفسير، إذا ما ألقينا نظرة عامة على واقعه نجد توجها كبيرا وقويا نحو تفسير كتاب الله تعالى، ونجد نهما بالغا لتفسير القرآن الكريم، طبعا بالنسبة لحركة التأليف في التفسير يوجد هناك تأليفات كثيرة في كل من المشرق والمغرب بعضها اهتم بتقديم تفسير شعبي مبسط لجمهور المسلمين وعامتهم، وبعضه كتب بأسلوب علمي يخاطب طبقة المثقفين والعلماء، كما أن بعضا ألف على طريقة المفسرين القدامى من حيث الاهتمام بأسباب النزول وإعراب القرآن، وبعض آخر اهتم بالجانب الفني والبلاغي في القرآن الكريم، فطبعا كل هذا وغيره يشكل اليوم واقعا علميا متنوعا لحركة التفسير المعاصر لا يستغنى عنه أبدا سواء في يومنا هذا أم في غيره. لأن طبيعة القرآن الكريم طبيعة أسلوبية وبلاغية وعبارية وتركيبية تتضمن كل ذلك وتسعه بل ويحتاج إليها احتياجا ضروريا لحسن فهمه واستنباط العلم اللازم للأمة لاستمرار حركة التفسير والتدين في الأمة، غير أن المهم في كل هذا أن نُكَون مفسرين وعلماء لنرتقي بحركة التفسير إلى مستوى يرفع الأمة إلى منزلة الشهود الحضاري.
< في هذا السياق، ما هي أنواع التفاسير التي يمكن أن تساعد في نقل الأمة إلى هذا المستوى وما الذي يلزم لتكوين الخريجين حتى يكونوا قادرين على حمل هذه الرسالة؟
<< أنواع التفاسير التي يمكن أن تقفز بالأمة إلى مستوى الشهود الحضاري، وأن ترفع الأمة إلى مستواها اللائق بها أرى -والله تعالى أعلم- ذلك التفسير الذي يهتم بالذات الحضارية للأمة، والتفسير الذي يعنى بإبراز القيم الإنسانية في القرآن الكريم، التي تعاني الإنسانية جمعاء من فقدانها أو من ضآلتها وضعفها، فإذا نظرنا إلى المجتمعات الغربية اليوم وجدناها تعاني من غياب جل القيم الإنسانية وذوبانها في طوفان الحداثة الغربية، وفي المقابل نجد أنفسنا-نحن المسلمين- نملك ثروة هائلة وكبيرة في مجال القيم والمبادئ الإنسانية لا يمتلكها أي نظام آخر، لذلك صار واجبا على المسلمين إن هم أرادوا الارتفاع إلى مستوى الشهود الحضاري أن يهتموا بهذا النوع من التفسير، وأن يعملوا على إعداد الباحثين في هذا المجال متوفرين على العُدد الكافية والمؤهلات الضرورية للوصول إلى تقديم الإسلام إلى العالم بالكشف عن نظامه القيمي والأخلاقي الإنساني، وإذا ما حققنا ذلك فسيكون بمثابة نقطة انطلاق مهمة وعملية وسيكون ثورة هائلة على الصعيد العالمي لأن الإنسانية اليوم هي أفقر ما يكون من المبادئ والقيم ومتعطشة لنظام يحل مشكلاتها الأخلاقية. وللأسف الشديد تجد الغربيين يفخرون ويعتزون بأنهم اكتشفوا مبادئ في حقوق الإنسان و.و. ولكنه إذا قورن بما وضعه القرآن الكريم وبما يمتلكه المسلمون يبقى ضئيلا وضعيفا بحيث لا يسمن ولا يغني من جوع بل قد يضر كثيرا.
< لعل الذي تتحدثون عنه في هذا المجال يقودنا إلى القول بأن من أسباب هذا الضعف لدى المسلمين في حقل الدراسات الإسلامية هو راجع في جزء منه إلى واقع الضعف الذي يعيشه البحث العلمي في الجامعات العربية والإسلامية ضعف على مستوى الرؤية والتخطيط والمنهج والكفاءات، وعلى مستوى التكامل والتنسيق والانفتاح…، كيف تنظرون إلى هذا الواقع ؟ وما هي سبل تجاوزه؟
<< نعم يحتاج المسلمون إلى أن يرفعوا هذه الحواجز والعوائق أمام البحث العلمي وهي عوائق كثيرة: مادية وفكرية، جغرافية وذهنية تمنع حركة التواصل الطبيعي بين مناطق العالم الإسلامي وبلدانه. لذلك فأول شيء ينبغي فعله هو رفع هذه الحدود والموانع، وأن نصل إلى مستوى أن نشعر في أعماق نفوسنا بدلالات قوله تعالى: {إنما المومنون إخوة}، وقوله جل وعلا: {كنتم خير أمة اخرجت للناس}، فالآيات الكريمة ترشدنا إلى درس هام نحن أحوج ما نكون إليه هو أن تكون أمتنا أمة مرشدة وهادية إلى مجامع الخير والرحمة والعدل، فهذه وظيفة هذه الأمة، فمن هذه الناحية إذا ما حققنا هذا الشعور فيسهل أن يأتي ما بعده، فوظيفة الأمة إزالة هذه الحواجز وتحقيق الوحدة الفكرية بين المسلمين، ثم ثانيا أن نوجد في أنفسنا الاهتمام بوحدة المسلمين. فهل نجد نحن اليوم في أنفسنا الاهتمام بحل مشكلات المسلمين؟
نعم لربط هذا بالبحث العلمي بالجامعات في العالم الإسلامي أقول إنه بإمكان رؤساء الجامعات وعمداء الكليات ومدرائها أن يسهموا من جانبهم في التأسيس لمثل هذا التكامل والتنسيق والانفتاح والتعاون في مجال البحث العلمي وتيسير سبله من خلال تأسيس اتحاد جامعات إسلامية في العالم الإسلامي بحيث يجمعها تحت سقف واحد تتمكن من خلاله من معالجة المشاكل المشتركة وإعداد الخطط والبرامج الكفيلة برفع كثير من التحديات،
< في نظركم ما هي المهام التي يمكن لمثل هذا النوع من الاتحاد أن يقوم بها ؟
<< من المهام:
- أولا التبادل بين الطلاب
- ثانيا التبادل في الخبرات وهذا أهم شيء، لأنه قد يوجد في بلد من الطاقات والإمكانات ما لا يوجد في غيره. وبتبادل الخبرات وتبادل الطلاب يمكن أن نستفيد من حل كثير من مشكلات البحث العلمي، وعلاوة على هذا سييسر مثل هذا الاتحاد تبادل الخبرات الإدارية والفكرية والمنهجية
- ثالثا لا يزال كثير من المسلمين يعانون من أزمة ضيق الأفق وضيق التفكير وقلة الاهتمام بالمجالات العلمية، فرغم وجود جامعات ضخمة تتوفر على إمكانات هائلة إلا أنها لا توظفها في أقصى الحدود لخدمة العلم وأهله،
لذلك فالأمل معقود على مثل هذه الاتحادات التي إذا وجدت بيننا ستمكننا من فرص الاستفادة المشتركة في تبادل الخبرات أي خبرة وتوسيع الأفق، وتوسيع التفكير والتعاون، بحيث سيتأتى لنا أن نربي جيلا قادرا على فهم مشكلات عصره ومواجهتها، وتحمل ثقلها والاقتدار على أن يأتي لها بحلول إسلامية ناجعة وقرآنية مفيدة وصالحة, فالتكامل بين الجامعات مطلب ملح لتطوير البحث العلمي والباحثين، وسيكون ذلك النواة لبقية الاتحادات في سائر المجالات من مجالات الحياة في جسم الأمة.
< هل من كلمة أخيرا؟
<< آمل أن نرى الأمة الإسلامية معافاة وسليمة وقوية قادرة على استيعاب تنوعها وحسن استثمار إمكاناتها وعدم التفريط في ثرواتها البشرية والمادية وهويتها الحضارية، وإن بشائر تحرر الأمة وانطلاقها بدأت إن شاء الله تعالى.
< في الأخير نشكر الأستاذ الدكتور محمد خليل على هذا الحوار وإلى فرصة أخرى بإذن الله تعالى.
أجرى الحوار: الطيب الوزاني
السلام عليكم ورحمه الله .نشكر فضيلتكم على ما تقدمونه من مواضيع قَيّمة .الله يكرمكم اريد ان اتواصل مع الدكتور محمد خليل جيجك وياريت بتساعدوني انا طالبة علم ولي استفسار مع الدكتور. وربي يجزيكم الخير.والسلام عليكم ورحمه الله .