الخطـوات العشـر للكتـابـة والتأليـف


مبدئيا كل إنسان يمكن أن يكون كاتبا، الشرط الوحيد هو أن يكون ملما باللغة التي سيكتب بها. كيف ذلك؟
في حياتنا الكثير من الأحداث والمشاكل، قد نظن بأنها غير مهمة، لنا تجارب وكذلك نظن بأنها غير مفيدة، ولنا أفكار وآراء عن مواضيع مختلفة ونظن نفس الشيء بأنها عادية.
إلا أننا ننسى بأنه إذا كان هذا الشعور عاما لما كتبت مقالة واحدة ولما كتب كتاب واحد، بمعنى آخر الكتٌاب هم بكل بساطة أناس لم يؤمنوا بفكرة أن كل ما يعيشونه ويلاحظونه ويعانونه ويعتقدونه غير مهم أو غير ذي قيمة، وبالتالي عملوا على تدوينه أولا ثم نشره ثانيا.
وبالنسبة للبعض، يرجع السبب في عدم الكتابة والتأليف إلى أن ما يمكن كتابته سبق أن كتب، وبالتالي لا يرى بأن ما سيكتب سيأتي بجديد، بل بالعكس يمكن أن يلقى نقدا حادا ويتهم بعدم الأمانة العلمية أو اجترار أفكار الآخرين، أو الكتابة من أجل الكتابة، أو الكتابة الارتزاقية، وغيرها من التهم، التي تدفعه لعدم الكتابة أصلا ويوثر السلامة. وهذا رأي غير سليم، لأنه لا بد أن تكون هناك فوارق في المؤلفات، يمكن أن تكون على مستوى المنهجية أو نوع ومستوى اللغة/الخطاب أو من حيث المعطيات، وكذلك حتى النتائج والخلاصات وبالتالي الأفكار والآراء يمكن أن تكون مختلفة. فمن المستحيل أن يكون هناك تطابق تام فيما بين المؤلفات.
البعض الآخر يرى العامل الأساسي هو عدم إتقان صنعة الكتابة، وهذا ما سأحاول أن أعالجه بعجالة في هذا المقال.
وآخرون يرجعون عدم أو ضعف الكتابة إلى الكسل والخمول، وهذه آفة تنعكس على كل الأعمال وليس على الكتابة فحسب.
ونسبة أخرى ترى أن المشكلة ليست في الكتابة وإنما في النشر، وأنا مع هذا الرأي، وشخصيا أعاني من هذا المشكل، فالحمد لله ليست لدي مشكلة في الكتابة والتحرير، بل لدي عدد من مشاريع الكتب ومن مسودات الكتب والمقالات، ولكنني عجزت عن نشرها، بسبب ضعف صناعة الكتاب في المغرب، وانعدام الدعم، وقلة ذات اليد.
وإلى الذين لا يمتلكون صنعة الكتابة، أقترح عليهم المنهجية التالية، وهي منهجية بسيطة تتكون من عشر خطوات، على أن هناك منهجيات أخرى سأعود إليها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
الخطوة الأولى: إذا شعرت بأنك يمكن أن تكتب في موضوع ما مقالة أو بحثا أو كتابا، لا تتردد في إنشاء مستند على الحاسوب (الذي هو نعمة كبيرة على الإنسانية، إذ وفر علينا الكثير من الجهد) وسمه بعنوان أو مضمون ما ستكتبه. وحاول أن تكتب فيه ما يرد عليك من أفكار ومعلومات في الحال.
الخطوة الثانية: حاول أن تجمع المعلومات التي لها علاقة بالموضوع. يمكن أن يكون كم المعلومات كبيرا فتحول المستند إلى ملف (مكون من عدد من المستندات).
الخطوة الثالثة: غربلة المعلومات، بمعنى أن تحذف ما تراه غير مهم أو غير مناسب، غير مهم بمعنى لا يفيد الموضوع أو غير مؤكد من حيث صحته، وغير مناسب يعني قد يؤدي إلى مشاكل بالنسبة لك أو بالنسبة للقراء، وشعارك في ذلك «لكل مقام مقال» و «خاطبوا الناس على قدر عقولهم».
الخطوة الرابعة: هي وضع تصميم، وذلك من خلال المعلومات التي لديك، بحيث تقوم بتجميع المعلومات وتوزيعها على ثلاثة أقسام في المتوسط، كأفكار رئيسية. وبالتالي يمكنك وضع عناوين لهذه الأقسام، على ألا يتجاوز عدد الأقسام/المحاور خمسة وألا يقل عن اثنين، ومن الأفضل ثلاثة.
الخطوة الخامسة: أن تحرر الأقسام/المحاور، وذلك بأن تربط بين المعلومات/الأفكار التي جمعتها وصنفتها، أن تعطي ملخصا لها أو شرحا لها، ولا تنس التعليق عليها بأن تقدم رأيك فيها، ويمكنك أن تقدم أفكارا مغايرة.
الخطوة السادسة: هي أن تكتب الخاتمة. وهي عبارة عن خلاصات أو استنتاجات أو تساؤلات جديدة، أو كل هذه الأمور مجتمعة أو اثنين منها.
الخطوة السابعة: أن تكتب المقدمة. وهي في الغالب عبارة عن مدخل وعرض للموضوع، وفيه طرح لمجموعة من التساؤلات هي في حد ذاتها مواضيع الأقسام/المحاور. ويستحسن أن تعرض المنهجية التي ستتبعها لمعالجة الموضوع، وإن لاقيت صعوبات وعراقيل أثناء إعدادك للموضوع يمكن أن تشير إليها. وبالمناسبة الكثير من الناس يظن أن المقدمة أو المدخل يكتب في البداية، والصواب هو أن تكتب بعد الخاتمة، لأن المقدمة هي مرآة الموضوع، نافذة على الموضوع.
الخطوة الثامنة: أن تثبت المراجع أي توثق المعلومات التي وردت في الموضوع، من خلال الإحالة على الهوامش.
الخطوة التاسعة: ضع وسائل الإيضاح من صور وخرائط وبيانات ورسوم… بالنسبة للمقالات يمكن أن تضيف ما يسمى بالإطارات، وهي عبارة عن فقرات أو جمل من الموضوع تبرزها لأهميتها.
الخطوة العاشرة والأخيرة: مراجعة الموضوع قبل نشره، ويستحسن في البدايات أن تطلب من شخص أو أكثر أن يقرأ موضوعك ويبدي ملاحظاته.
ملاحظة أساسية: لا تنسَ أن تستجيب لشروط الكتابة ولشروط النشر، فمثلا بعض الصحف والمجلات تشترط الحجم، البحوث الأكاديمية لها شروط تتعلق أساسا بالإحالات ولائحة المصادر والمراجع. وباختصار أن تكيف موضوعك وفق طبيعة المؤلف (بحث، كتاب، مقالة…) ووفق شروط جهات النشر.
د. أحـمد الطـلـحي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>