كلما حلت ذكرى ميلاد خير البرية عليه أزكى الصلاة والسلام، إلا وارتدت بي الذاكرة لأكثر من خمس سنين خلت، كان القلب هائما في ملكوت من النور حين أقلعت الطائرة من مطار الرباط – سلا، في اتجاه المدينة المنورة ـ وبعد تحليق دام لأكثر من ست ساعات، وطئنا الأرض الطيبة وكلنا شوق إلى الصلاة في المسجد النبوي الشريف، والسلام على سيد الخلق محمد بن عبد الله، أطيب من حملت الأرض من ولد آدم… كانت الساعة قد جاوزت الحادية عشرة ليلا بتوقيت المدينة المنورة حين أتممنا إجراءات الإقامة في الفندق، ورغم التعب الكبير الذي كنا نحس به جراء طول الرحلة وإجراءات المطار، لم نستطع أن نخلد للنوم دون أن نصلي في الروضة الشريفة والسلام على نبي الهدى عليه الصلاة والسلام، وعلى صاحبيه أبي بكر الصديق والفاروق عمر رضي الله عنهما، حين وقفنا أمام المكان المخصص للسلام عليه، كانت العيون من كل الجنسيات تهمي بالدموع، والحناجر تهتف بالسلام والدعاء بكل لغات الأرض، أدركت حينها -وأنا أنظر في هذه الوجوه المحبة، الصادقة التي خلفت وراءها كل شيء وجاءت شُعثا غُبرا من كل حدب وصوب لتعبر عن عشقها لهذا الحبيب الذي ملأ حبه شغاف القلوب-أن عظمة هذا الدين تكمن في عظمة القيم التي جمعت هذه الفلول التي لم يكن يربط بينها رابط، لولا سماحة الإسلام، وعظمة هذا النبي الذي أقر منذ أول وهلة (أن لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى)… حبيبي يا رسول الله، والله الذي لا إله إلا هو، ما فارقت مخيلتي تلك اللحظة الغامرة بالحب وأنا أقف بين يديك باكيا أسألك الشفاعة لي ولسائر المسلمين، فعليك أزكى الصلاة والسلام إلى حين اللقاء في حضرة السلام.
ذ. أحمد الأشـهـب