ومضة 7- وتتداول الأيام..!


يرنو نحو الباب.. يهفو قلبه أن يزوره أحد أبنائه أو أي أحد يؤنسه.. ما أقسى المرض بين براثن الوحدة والغربة..! يتذكر كل لحظة أنه اختار المصير نفسه لوالديه .. لكن الله جل وعلا اختار لهما مصيرا آخر… ـ هل تعرفون دارا راقية للعجزة أودع فيها أبويَّ..؟! سأتحمّل مصاريفهما الباهظة هناك..! سأل أقاربه ذات عودة له من الخارج… وكزته حينها زوجه: ـ أأنت أحمق؟! أنسيت أننا سندّخر كل فلوسنا من أجل مستقبل أولادنا؟! صمت.. رفضت أن يسكن حَمَوَاها البيت الجديد في المدينة نفسها.. ورفضت أن ينفق ابنهما عليهما في” دار للعجزة”.. منحهما أحد الأقارب السكن والرعاية.. لم يدوما طويلا ورحلا إلى دار البقاء… يزداد الابن غنى في ديار الغربة .. لكن مرضا أعجزه عن العمل، وأصبح كلاًّ على أهله في البيت.. رفضت الزوجة والأبناء أن يقيم معهم، لأنه لا يعمل… تدخل الأقارب والمعارف.. فكان جواب الزوجة والأبناء: ” الحياة هنا في أوربا قاسية.. لا أحد يتحمل الآخر.. لا وقت لدينا لتحمل رعايته !” أراد العودة إلى بلده.. لكنه وجد نفسه ملزما بالعلاج والتطبيب هناك.. أراد أن يبيع عقارا من أملاكه في الوطن لينفقه على نفسه، لكنه فوجئ أن كل ما يملك في اسم زوجه…! يقضي أيامه يصارع المرض والملل والوحدة في دار للعجزة.. يرقب الباب عسى أن يزوره أحد أبنائه.. يبكي ندما على والديه ويدعو لهما.. يتساءل:” أهكذا كانت أمي تنتظرني؟! أهكذا كان ينتظرني أبي؟! هل سامحاني على تفريطي فيهما؟! هل دعوا لي أو علي؟! هل وهل…؟!” يمسح دموعه.. يبتسم.. ها هي ابنته تزوره.. يحدق في وجهها.. ينشج نشيجا كطفل.. ليست ابنته.. إنها الممرضة تحقنه بحقنة مهدئة…!

ذة. نبيلة عـزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>