كل عيد تتذكّر بمرارة الأعياد في طفولتها.. لم تنس نظرات إخوتها المنكسرة .. كم كان الحزن يحفر في قلوبهم الغضة أخاديد عميقة من الألم… كانوا يتصبَّرون مع أمهم .. لكن قلوبهم الصغيرة كانت تنفطر حزنا كل عيد.. كان يزورهم أبناء عمها وهم يحملون أكياس الملابس الجديدة من “الأنواع” العالمية الغالية .. تقول بأسى: “كانت تلك الملابس الفاخرة تحرقنا حزنا وشعورا بالفقد ..كنا نتجرع صدى آهاتنا .. آه ليت أبانا حي .. لو كان حيا ماذا كان سيهدينا في الأعياد؟! ” لم يعيشوا فرحة الأعياد منذ رحيل أبيهم إلى دار البقاء .. لم يكونوا يتمنّون سوى طلعته عليهم.. لم يعرفوا إلى حد الآن لِمَ كان العم وزوجه وأبناؤه يزورونهم فور اقتنائهم ملابس للعيد ـ هم اليتامى ـ دون باقي أفراد العائلة … ؟! ولِمَ كانوا يتبجحون أمامهم بأسفارهم..؟! تغلب ابتسامتُها حزنَها الدفين، وتضيف: “كنا نقضي عطلنا محبوسين في البيت .. كان أخي الأصغر حين يبكي على البحر .. نضع له آنية كبيرة مملوءة بالماء، فيجلس فيها .. ثم اشترى صنارة، وكان يضع نعالنا في الماء ويقوم بصيدها.. وكم استمتعنا بذلك معه رغم ألم اليتم والحاجة… !”
ذة. نبيلة عـزوزي