حين وضع عالم الفضاء الأمريكي الجنسية اليهودي الديانة” مايكل هارت” سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم على رأس العظماء المائة في التاريخ، وأضفى عليه نزرا من فيض صفات قال فيها سبحانه {وإنك لعلى خلق عظيم}،سجلت تلك الكلمات بماء من ذهب في أسفار المسلمين المتتبعين لكتابات الغربيين حول المصطفى صلى الله عليه وسلم. قال العالم مايكل هارت : “لقد كان محمد قوة جبارة إنه أعظم زعيم سياسي عرفه التاريخ، مزج بين الدين والدنيا، وكان له أكبر أثر فيهما معا “. فهل كان هذا العالم مجندا مدفوع الأجر وبالعملة الصعبة للإدلاء بهذا التصريح المنصف في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أوتي من معرفة برسولنا إلا قليلا؟؟ هل في شهادته التي أكد فيها مهارة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجمع بين الدين والدنيا كان مدافعا مجانيا وبالوكالة المفتوحة من لدن المسلمين الجدد عن شمولية الإسلام لأمور الدين والدنيا ومنافحا عن المسلمين المكالين إلى حائط الحكرة الأكبر في جل بلاد “لا إله إلا الله”، بحجة نواياهم التوسعية والهيمنية من خلال تعاطيهم لتدبير الشؤون العامة وإقحامهم للسياسة في الدين والعام في الخاص بين العبد وربه . علما أن المبكي والمضحك في هذه الزوابع هو ركوب مركبة الدين العظيمة من لدن معارضي إقحام الدين في الشؤون العامة والإعلان جهارا أن الدين ليس حكرا على ناس دون ناس وأن الحق في الاجتهاد مكفول للجميع باسم حقوق الإنسان وباسم اللازمة المشهورة (گاع كلنا مسلمين) في تدخل سافر في شؤون الدين من لدن من لا خبرة علمية لهم في ثوابت الدين ومتغيراته كما هو الشأن بالنسبة للعلماء والشيوخ المتفرغين للمجال الديني بمستجداته وركائز انطلاقه، وهم الربانيون الذين إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا، لا ازورارا وسخرية وتبخيسا .
وهؤلاء المتحرشون في تسليمهم معول التبخيس لبعضهم البعض يعملون بما أوتوا من جهد لرص صف مناهضتهم لشمولية الإسلام لإعطاء الانطباع بأن خلاصاتهم ليست معزولة، بل هي تيار مجتمعي وازن يقوده مفكرون عقلاء ينطلقون من منطلقات علمية لا تحتمل ردا. وسبحان محق الحق بجنوده، إذ يقيض لهذا الدين من الغربيين المعتبرين من ينافح عنه بالحجج والأدلة التي لا تصمد أمامها أكثر الإدعاءات “رصانة ” كما يروج لها. ومن آيات هذه الحفاظة المذهلة بروز هذه الشخصيات على مر العصور وفي مختلف العلوم ومنها الدقيقة، ومن مختلف بلدان الغرب . وإذا كان مايكل عد رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس المائة من العظماء (وإن كان الحبيب أكبر من أن يسيج بين ثلة الخطائين من البشر وهو المعصوم، وأكبر من أن يحد فيض نبوته وهو الذي تجاوزت رسالته جغرافية الجزيرة العربية لتصل إلى أقاصي جميع القارات) فإن ما يبصم على هذه العظمة الاستثنائية هو العض العجيب للأقليات المسلمة المعزولة بجغرافيات جد نائية على دينها رغم صنوف التنكيل التي لا يصلنا من جحيمها إلا الفتات. فمنذ إرساء أوتاد هذا الدين العظيم بهذه المناطق القاصية عبر الفتوحات والزيارات التجارية للمسلمين وغيرها، تعاقب على التنكيل بأولئك المسلمين الشامخين أعداء شرسون منهم أعداء الزمن الحاضر من شيوعيين وبوذيين متطرفين، ساموهم الخسف وسوء العذاب لكنهم ما بدلوا تبديلا : نذكر منهم مسلمي آسيا ومنهم أقليات أراكان واللاوس وكمبوديا ومسلمي أوربا الشرقية وبلدان إفريقيا السمراء إلخ وكما يعرف الكثير منا فدعاة المذهب الماركسي كما “الديانة البوذية” طبلوا لخلاص الإنسانية من المستبدين والظالمين، وجاء تنزيلهم لأكاذيبهم بين المسلمين مرعبا في قسوته وضراوته، فلا ديانة من الديانات اضطُهِد أصحابها بكل الكراهية وفي جو من الصمت الدولي المخزي أكثر من الديانة الإسلامية. ومع ذلك -وكما أسلفنا- فإن كل من عرف هذا الدين وقرأ سيرة هذا النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، سكنته الصعقة الإيمانية، وقادته لا إلى اعتناق الديانة الإسلامية فحسب بل انشحن كل كيانه بحب هذا الدين واستشعار الحس الكامل بالمسؤولية عن الحفاظ على إشعاعه النوراني، ونشر خيراته في العالمين، ونذكر بشكل عابر أحد هؤلاء العاشقين للإسلام، وهو الشاعر الألماني الكبير جوته، هذا الأخير كرس جملة من إبداعاته لمدح الرسول صلى الله عليه وسلم والدعوة إلى تبني المنظومة الإسلامية للقضاء على أوجاع الإنسانية المستديمة. قال جوته في جملة بليغة الإشارة وتمثل الرد الناجع على كل الذين يسمون هذا الدين ب”الظلامية” و”التطرف”، و”القصور البنيوي” عن مسايرة ركب التقدم والحداثة : (إن التشريع في الغرب ناقص بالنسبة للتعاليم الاسلامية وإننا أهل أوروبا بجميع مفاهيمنا لم نصل بعد الى ما وصل إليه “محمد” وسوف لا يتقدم عليه أحد). ولم يكن الكاتب البريطاني برنارد شو أقل انبهارا من جوته وهو يصنف الرسول صلى الله عليه وسلم كمنقذ للإنسانية .. والمستقبل بلا شك سيكون لدين يتسارع لاعتناقه العلماء والمبدعون والمثقفون، وترصد الميزانيات الضخمة لتخويف الغربيين من مجرد الإقتراب منه تجنبا لعدوى الإرهاب والنكوص على كافة المستويات، لكن التخويف لا يزيد الغربيين إلا عطشا لمعرفة هذا الدين الذي يحرك كل هذا القلق بل كل العدوان على المسلمين . وعلى رأس الفئات الغربية التي تحاط بسياج الحذر الشديد كما ذكرنا بذلك في حلقات ماضية هن النساء لكن الله عز وجل الأمكر والأعلم بكيدهم يهدي للإسلام العشرات من النساء الغربيات وفيهن النساء المعروفات، فيطفقن تمجيدا في الإسلام ونظرته الراقية للمرأة فيهدمن جدارات الكراهية على رؤوس من بنوها بكل المكر. وليس هذا الانجذاب للإسلام إلا لشموليته وكماله وهذا هو بيت القصيد . قال تعالى : {أفغير دين الله تبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه ترجعون}.
ذة. فوزية حجبي