عبرة ..


قال ابن الجوزي رحمه الله في صيد الخاطر ص 226 : (لا ينبغي للمؤمن أن ينزعج من مرض أو نزول موت، وإن كان الطبع لا يملك. إلا أنه ينبغي له التصبر مهما أمكن، إما لطلب أجر بما يعاني، أو لبيان أثر الرضى بالقضاء، وما هي إلا لحظات ثم تنقضي. وليتفكر المُعَانِي من المرض في الساعات التي كان يقلق فيها أين هي في زمان العافية؟ ذهب البلاء وحصل الثواب، كما تذهب حلاوة اللذات المحرمة ويبقى الوزر. ويمضي زمان التسخط بالأقدار، ويبقى العتاب. وهل الموت إلا آلام تزيد فتعجز النفس عن حملها فتذهب. فليتصور المريض وجود الراحة بعد رحيل النفس، وقد هان ما يلقى، كما يتصور العافية بعد شرب الشربة الـمُرَّة. ولا ينبغي أن يقع الجزع بذكر البلى، فإن ذلك شأن المركب. أما الراكب ففي الجنة أو في النار. وإنما ينبغي أن يقع الاهتمام الكلي بما يزيد في درجات الفضائل قبل نزول المعوق عنها. فالسعيد من وفق لاغتنام العاقبة، ثم يختار تحصيل الأفضل فالأفضل في زمن الاغتنام. وليعلم أن زيادة المنازل في الجنة على قدر التزيد من الفضائل ههنا. والعمر قصير والفضائل كثيرة فليبالغ في البدار. فيا طول راحة التَّعِبِ، ويا فرحة المغموم، ويا سرور المحزون. ومن تخايل دوام اللذة في الجنة من غير منغص ولا قاطع، هان عليه كل بلاء وشدة).

ذ. منير مغراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>