ومضة 4- قريبة بعيدة…!


تبكي شوقا إلى ابنتها.. لا تراها إلا مرات معدودة في السنة.. زياراتها لها مقتضبة ومكالماتها الهاتفية شحيحة.. قالت: “كلما أتصل بها أجدها في سفر أو في اجتماع.. صرت أخجل من الاتصال بها..”. ابتسمت وهي تقاوم دمعها ثم أضافت : ” كان الله في عونها .. إني أشفق عليها في زحمة مشاريعها وأسفارها وصغارها.. إني أطمع فقط في رؤيتها .. أتمنى أن تأخذني ولو مرة في سيارتها .. أشم الهواء أمام البحر أو في الغابة .. أتمنى لو تسمح لي أن أحضنها طويلا .. أن تتبادل معي الحديث .. أن تسألني عن أحوالي .. أن تحس بمعاناتي الوحدة والمرض في خريف العمر.. كلما حاولت التحدث إليها في زياراتها القصيرة لي، تقاطعني، وترميني بالثرثرة … ! – سُئِلتْ: هل ابنتك في الخارج؟! – أجابت: لا.. إنها في المدينة نفسها.. ! ـ طيب.. زوريها في بيتها.. ستكون مفاجأة سارة لها.. ! ـ لا أستطيع.. علي أن أتصل بمديرة بيتها وآخذ موعدا.. أعرف أن الموعد سيكون بعيدا في زحمة مواعيدها وضيوفها.. وقد تلغيه في آخر لحظة كعادتها.. ! ـ اتصلي بها هاتفيا .. ـ كلما اتصلت بها تسألني إن كنت أريد مالا.. رغم أنها تعرف أن أجرة تقاعدي معقولة ولله الحمد… وحين أجيبها أني لا أريد سوى الاطمئنان عليها.. تعتذر وأحيانا تنهرني بأنها جد مشغولة.. ! صمتت طويلا.. كفكفت دمعها وقالت: أشفق عليها كثيرا.. أخشى أن تندم على إهمالي حين أرحل من الدنيا… !

ذة. نبيلة عـزوزي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>