العدد 400 __ د. أحمد بن محمد العمراني (*)
من المسلم به أن أولى خطوات بناء ذات الأمة، البناء السليم، تتمثل في لم شتات نقولها، بالبحث عنه والتنقيب والتكشيف لجمعه وتوثيقه. إذ جمع المادة العلمية يشبه ما يقوم به البنّاء من جمع للمواد اللازمة لتشييد مبنى، فالمعلومات التي تُجمع هي ما يقوم عليها البنيان موضوع البحث، وتوثيقها جزء مهم من الوسائل المعينة على نجاح فعل البناء من التعثر والسقوط والانهيار.
أفق خدمة الجمع والتوثيق للنقول.
1- تكشيف محتويات النقول الموثقة: عملية التكشيف .. وإعداد الكشافات، هو تنظيم لمحتوى النتاج الفكري، ومن بعد، يستطيع الباحث تحديد الوثائق والأعمال التي تفيده بيسر وسهولة. وهذا عمل لا يمكن التغلب عليه إلا بتحقق الشروط الآتية:
أ- توزيع الجهود منهجيا وتقنيا: إذ التغلب على كل صعب مفرق ومشتت، لا تستطيعه الجهود المفرقة، فالمفرق لا يجمع المفرق، لكن توحيد الجهود، والطاقات، والامكانيات يعين على القيام بذلك بيسر وسهولة. وهذا يقتضي:
ب- التزام المؤتمرات بتنفيذ توصياتها.
ج- التزام الجامعات بطبع رسائلها العلمية المتعلقة بالباب.
د- الانتقال من عمل الأفراد إلى عمل الفرق.
2- طبع ما تم إنجازه وتوزيعه: مشكلتان عويصتان تقف في وجه البحث العلمي عموما، والدراسات القرآنية خصوصا، مشكلة طبع المنجز، ومشكلة توزيعه:
أ- طبع المنجز: وهو أمر يهم الأمة جميعها، إذ توفير المال لهذا الأمر أضحى فرضا وواجبا على الغيورين على هذا الدين، لأن خدمة النقول من خدمة الدين. إذ كم من كتاب، أو نص، أو مخطوط حقق، ولم يجد طابعا. وكم من كتاب حقق، ورسالة نوقشت، ومخطوط درس وحقق، بقي مرقونا كأنه لم يحقق. وكيف لعمل تستهلك فيه سنوات من عمر فرد من الأمة، في كتاب يهم الأمة، يبقى حبيس الرفوف؟.
ب- توزيع المطبوع: وخدمة التوزيع من خدمة الطبع، هو أيضا أمر يحتاج إلى عمل سريع مستعجل مدروس، والتوزيع المطلوب اليوم ينبغي أن يتجاوز ما عرف من عراقيل تجاه الكتاب المطبوع يعرفها كل باحث .
فكم من كتاب طبع دون أن يحظى بفرصة توزيعه، أو بموزع يحمل هم نشره، وإيصاله إلى كل راغب فيه، وكم من مطبوع وزع ولم يكد يجاوز العلم بطبعه البلد الذي طبع فيه…
—–
(*) أستاذ التفسير والفقه المقارن بجامعة شعيب الدكالي-الجديدة- المغرب.
طبع المنجز وتوزيعه أمر في غاية الأهمية ، ولاسيما إذا كان العمل في القرآن الكريم ، أو في الحديث النبوي الشريف . فإن كثيرا من الأعمال الأكاديمية التي استغرق الباحث في انجازه عدة سنوات لايجد دورا للنشر تهتم بهذا المجال . فحبذا لو كان هناك دور عربية تنشر هذه الأعمال الأكاديمية في تحقيق التراث في القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف.