هناك مؤلفات عديدة صنفت في هذا المجال، منها:
أولا: كتب المغازي: كتاب المغازي للواقدي: يعد كتاب المغازي لأبي عبد الله محمد بن عمر الواقدي (131 هـ – 207) من أقدم الكتب التي وصلتنا في السيرة النبوية، وخاصة في تاريخ الحياة والغزوات النبوية، وهو يقدم زبدة سابقيه، لدرجة أوهمت البعض أنه “قد سطا على ابن إسحاق دون عزو إليه”، وليس ذلك صحيحا، بل الصحيح أنه “يمثل الصورة الأخيرة من مراحل تطور السيرة النبوية في القرنين الأول والثاني للهجرة”.
ثانيا: الدولة ونظمها: كتاب تخريج الدلالات السمعية للخزاعي: يمثل كتاب تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصناع والعمالات الشرعية، لمصنفه علي بن محمد بن أحمد الخزاعي، نموذجا جيدا من المصنفات القديمة في مجال الدولة الإسلامية على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم. عمل الخزاعي في كتابه على التأصيل لوظائف الدولة والعمل معها، وذلك بعد تجربة طويلة في خدمة الدولتين الزيانية والمرينية، فقام بتجميع الشواهد والأدلة من كتب السابقين لتأكيد أهمية وشرعية وضرورة الخدمة في مصالح الدولة، وأنها ليست بدعة كما يظن الجاهلون والمتحاملون، يقول في ذلك: “فإني لما رأيت كثيرا ممن لم ترسخ في المعارف قدمه، وليس لديه من أدوات الطالب إلا مداده وقلمه، يحسبون من دفع إلى النظر في كثير من تلك الأعمال في هذا الأوان مبتدعا لا متبعا ومتوغلا في خطة دنيّة، ليس عاملا في عمالة سنية، استخرت الله عز وجل أن أجمع ما تأدى إليّ علمه من تلك العمالات في كتاب يضم نشرها، ويبين لجاهليها أمرها، فيعترف الجاهل، وينصف المتحامل، فألفت هذا الكتاب… حتى أثبتّ لجميع ما تضمنه من الحرف والصنايع والعمالات التنويه والتشريف، بالنسبة الشرعية، والتنزيه عن الظنّة السيئة البدعية”.
ثالثا: كتب السير: كتاب السير الكبير لأبي الحسن الشيباني: يعد كتاب السير الكبير لأبي الحسن الشيباني (ت 189 هـ / 804م). من أول وأهم ما وصلنا في مجاله. ويدور موضوع الكتاب حول جميع الأمور المتعلقة بالحرب وعلاقتها بالمشركين وأحكامها. فقد تكلم محمد بن الحسن عن أهل الإسلام وأهل الحرب المشركين وبين أحكام الأسرى من الفريقين سواء أكانوا رجالاً أم نساءً أم أطفالاً، وإسلام المشركين، والأمان على اختلاف ضروبه وألفاظه، والمستأمنين، والرُسُل الذين يفدون إلى دار الإسلام من دار الحرب، والحصانات التي يتمتعون بها، والغنائم، والصلح والتحكيم، والفداء، وأحكام السلاح والرقيق، والكراع، والأراضي التي يستولي عليها أهل الحرب في الحرب، وأهل الإسلام في دار الحرب، ونقض المعاهدات، وجرائم الحرب. هذا إلى مئات من المسائل المتعلقة بأهل الحرب وصلاتهم بالمسلمين في أيام السلم والحرب معاً. وقد كان الشيباني بتأليفه في أمور تتعلق بالقانون الدولي، أسبق من غروسيوس Grotius الهولندي الذي عاش في القرن السابع عشر (1583 و1645 م)، وسمي أبا القانون الدولي لأنه بحث في بعض الأمور الخاصة بالقانون الدولي، كما سبق من سبق غروسيوس أو عاصروه مثل فيتوريا Vitoria وسواريز Suarey وفاسكويز Vasquez ، من الفقهاء النصارى.. وقد أسست في غوتنجن بألمانيا أول جمعية علمية سميت جمعية الشيباني للقانون الدولي وضمت علماء القانون الدولي والمشتغلين به في مختلف بلاد العالم”، وقد انتخب رئيساً لها الفقيه المصري الكبير وعضو محكمة العدل الدولية بين عامي 1946 و1964 عبد الحميد بهجت بدوي، وانتخب الدكتور صلاح الدين المنجد نائباً للرئيس، ونظرا لأهمية الكتاب فقد نال عناية فائقة وترجم إلى عدة لغات، منها التركية أيام السلطان محمود خان، والإنكليزية وأهم شرح له بالإنكليزية هو شرح السرخسيّ والجمال الحصري.
رابعا: كتب الإمامة ووظائفها: أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الطّلاع القرطبي: وهي كتب الإمامة والإفتاء والقضاء، التي تعرضت لرئاسة النبي صلى الله عليه وسلم للدولة، ووظائفه المرتبطة بتسيير شؤونها الدنيوية الدينية، كالقضاء والإفتاء، وغيرها، ومن هذه الكتب: كتاب أقضية الرسول صلى الله عليه وسلم، غير مسبوق في بابه، ألفه الفقيه الأندلسي أبو عبد الله محمد بن فرج المالكي القرطبي المعروف بابن الطلاع (404 هـ- 497)، وقد استعرض فيه سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته مفتيا وحاكما (أي قاضيا). ويقول عن منهجه في الكتاب: أذكر فيه ما انتهى إليّ من أقضية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي قضى بها، أو أمر بالقضاء فيها… أو بما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حكم بها، أو بما أجمع العلماء عليه، أو بدليل من هذه الوجوه الثلاثة”.
د. عبد السلام بلاجي أستاذ الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية – الرباط.