كلمة الدكتور عادل بن علي الشدي الأمين العام المساعد لرابطة العالَم الإسلامي


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين واهب النعم ودافع النقم مصدر العطايا وصارف البلاء، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الرحمة المهداة والنعمة المسداة خيرة خلق الله نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
معالي الأخ الدكتور محمد الروكي رئيس جامعة القرويين، فضيلة الأخ الدكتور الشاهد البوشيخي الأمين العام لمؤسسة البحوث والدراسات العلمية “مبدع” أصحاب الفضيلة والسعادة، أيها الإخوة والأخوات، السلام عليكم جميعا ورحمة الله تعالى وبركاته، وطيب الله أوقاتكم بالخير والمسرّات، يلتئم جمعنا في هذا الصباح المبارك في مدينة فاس العريقة مدينة العلم والعلماء لتدارس موضوع يحتل قمة سابقة في سلم أولويات الأمة وفي حقيقة الأمر فإن جهود الأمة في خدمة السيرة النبوية حقّ تؤديه ورسالة تحملها وشرف تناله ومنهج يجمعها، ولا غرو فإن الله تبارك وتعالى قد امتن علينا بمبعث هذا الرسول الأمين عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وقال سبحانه {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ}. أيها الإخوة الكرام إننا في رابطة العالم الإسلامي التي أتيتكم منها، بيت المسلمين الكبير، المنظّمة الإسلامية العالمية الشعبية التي تسعى ومنذ ما يزيد عن خمسين سنة في خدمة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجمع الناس عليها نثمن عاليا اختيار اللجنة العلمية المنظمة لهذا المؤتمر هذا الموضوع وجمعها لهذه النخبة المباركة المتميزة من علماء المسلمين لتدارسه خدمة للسيرة النبوية العطرة، وأنقل لكم تحيات وتقدير معالي الأخ الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الذي كان حريصاً على تلبية الدعوة لهذا المؤتمر المبارك إلا أن اعتبارا عمليا حال دون حضوره. ونحن في حقيقة الأمر نتطلع إلى أن يكون هذا المؤتمر نقلة إيجابية في مسار الدراسات العلمية الجادة في خدمة السيرة النبوية العطرة، وأن يخلد بتوصيات عملية قابلة للتطبيق في هذا المجال، ولقد أكثر المشايخ والإخوة الكرام الذين سبقوني بالحديث في قضايا جوهرية ومنها أن سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم قد خُدمت أيما خدمة من السابقين من علماء المسلمين وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد نقلوا لنا ما يتعلّق بأفعاله وأقواله وتقريراته وهديه المبارك صلى الله عليه وسلم ولكني أسائلكم أيها الإخوة الكرام ونحن في مجلس النخبة هل قمنا نحن الآن اليوم -وليس علماؤنا السابقون- هل قمنا بالواجب علينا في خدمة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم لتيسيرها للناس مئات الملايين من شباب المسلمين وفتياتهم فضلا عن المليارات من غير المسلمين الذين هم بأمس الحاجة إلى أن نقرِّب لهم هذه السيرة النبوية العطرة وأن نبرز لهم جانب العلاقات الإنسانية للسيرة النبوية بوصفه صلى الله عليه وسلم زوجا وأبا ومعلما ومربياً، هل قمنا بإبراز القيم الأخلاقية للسيرة النبوية، الرحمَة والعدل والسماحة وحب الخير للبشر أجمعين؟، هذه القيم التي أرسله الله تبارك وتعالى بها هل طبقنا توجيهه عليه الصلاة والسلام الذي حمَّلنا إياه في عبارة وجيزة حين قال >بلغوا عني ولو آية< فحملَت هذه العبارة التي لا تزيد عن نصف سطر أربعة معان فهي تشريف وتكليف وتعريف وتخفيف. ومن هنا فإننا نأمل أن يكون في جهد المؤتمرين ما يشير إلى هذه القضايا وما يقرِّبها وما يمكن أن نأخذ من خلاله نتائج عملية تثني مسيرة خدمة سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم، نريد أن تتحول السيرة النبوية إلى ثقافة جيل وإلى منهج حياة وهذا لن يتأتى إذا مضينا على ذات الوسائل وذات الطرق وذات الأساليب التي انتهجها من ألَّفوا في السيرة في عصور سابقة واقتصرنا عليها، لقد قاموا بخدمة جليلة للسيرة النبوية في وقتهم، ونحن نبني عليها، ويمكن أن نطوِّر ويمكن أن نأتي بوسائل منسجمة مع القواعد والأصول الشرعية، نستخدم وسائل المعارض مثلا، وأنا مسرور أن يكون في خارج هذه القاعة معرض يعرض جوانب من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، نحتاج إلى وجود المعارض وإلى أن نعرض باللغات العالمية سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام، نستخدم شبكة الإنترنيت بفعالية في مواقعها أو بلغاتها المتنوعة لتعريف الناس بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ونريد أيضا أن نطور في مناهج عرض السيرة النبوية بأسلوب الوحَدات المستخدمة في التأليف الجامعي لم يحظ بحظه الكافي إلى الآن في موضوع التأليف في السيرة النبوية، التأليف الزمني الذي يتكلم عن سنة كذا وقع كذا وكذا، وفي شهر كذا وقع كذا وكذا، هذا أسلوب طيب وملائم ومناسب واستخدمه العلماء سابقا وستظل الحاجة إليه قائمة ولكن لا مانع من التجديد، وأن نؤلف على أسلوب الوحدات الأكاديمية المعروفة، أن نسعى إلى أن يكون مقرر السيرة النبوية مقرراً أساسياً في جامعاتنا الإسلامية. لدينا اليوم أيها الإخوة أيتها الأخوات في منظمة التعاون الإسلامي سبعة وخمسون دولة والمسلمون في المجتمعات الأقلية يعيشون في أكثر من مائة وعشرين مجتمع بشري، ونستطيع أن نسعى إلى إيجاد مقرر نموذجي ينبع من خلال لجنة علمية متخصصة من هذا المؤتمر وأمثاله لكي نقدم السيرة النبوية من خلال هذه الأساليب المعاصرة، ونحن في رابطة العالم الإسلامي مستعدون لمدّ يد التعاون المخلص مع كل جهد نلاقيه في هذا المجال سواء كان من قبل اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر مؤسسة البحوث والدراسات العلمية “مبدع” بقيادة أمينها العام فضيلة الدكتور الشاهد البوشيخي، أو من خلال أي مشروع من المشاريع التي تُطرح علينا لأن هذا الأمر واجب وشرف يختص الله عز وجل به من يشاء من عباده، لكن الشرف كلما عظُم فإن المسؤولية تزداد وهذا ما أكد عليه الباري جل في علاه {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، فلسوف نُسأل عما بين أيدينا من تراث عظيم، ومن سيرة نبوية عطرة فيها الحلول لمشاكل العالم التي يتخبط فيها اليوم، ولكن كثيراً من التقصير حاصل نسأل الله تبارك وتعالى أن يعاملنا جميعا بعفوه. أقول إن في خدمة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم الذبّ عليه عليه الصلاة والسلام، ونصرته عليه أفضل الصلاة، والتسليم، ومن ذلك السعي اليوم في إقرار قانون دولي يجرِّم الإساءة للرسل الكرام عليهم أفضل الصلاة وأتم التسليم، وأشيد في هذا المقام لمبادرة قائد الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ومطالبته من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل شهرين تقريبا ثم من مكة المكرمة في أيام الحج الأمم المتحدة بسنِّ هذا القانون وإقراره، ولابد أن يكون للمسلمين موقف أقوى بهذا المجال حتى يلبوا مطلبهم كما أن توسعة حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسجده رعاية له وقياما ببعض حقه عليه الصلاة والسلام من الأعمال التي تُذكر فتشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أمر بهذه التوسعة وفتحها لتستوعب ما يزيد عن مليون وست مائة ألف مصلي خلال سنوات قليلة إن شاء الله، نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه نافعاً لعباده. أما الإخوة الكرام الذين أحاطونا بغامر الودّ وكريم الضيافة وبالغ الحفاوة لمنظمي هذا المؤتمر فإن كلمة الشكر لا تكفي لهم ولكننا ندعو لهم لأن يبارك الله تبارك وتعالى في أعمالهم وإنجازاتهم وأوقاتهم فقد غمرونا بكرم الضيافة وحفاوة الاستقبال، صار حقاً علينا أن نشكرهم الشكر الجزيل، أتمنى أن تكون جلسات هذا المؤتمر وتوصياته على وجه الخصوص سبيلا لنهضة حقيقية بهذا المجال مجال السيرة النبوية العطرة وإننا لفي شوق إلى انطلاق هذه التوصيات، ولذلك فإنني آمل أيضا من الإخوة المنظمين للمؤتمر أن يولوا التوصيات عناية واضحة وأن يهتموا باللجنة التي سوف تتولى ذلك، لأنه لا أقول المؤتمرون فقط ينتظرون ولكن الأمة تنتظر هذه التوصيات لتنظر ماذا يقول المتخصصون الذين التأم شملهم من دول شتى ويريدون أن يوصوا بوصايا عملية لخدمة السيرة النبوية. الشكر الجزيل والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>