هذا البحث يتناول كتابين من كُتب السيرة النبوية لعالِمَين مُحْدَثين، هما: الأستاذ محمد إبراهيم الصادق عُرجون. والأستاذ محمد فتح الله كَولن. ويهدف البحث أساساً إلى إلقاء الضوء على جهود هذين العالِمَين في كتابة السيرة النبوية، أسلوباً، ومنهجاً، وتحليلاً، واستنباطاً، ونتائج، وبيان جديدهما، وما امتازا به عن الكتب التي سبقتهما، أو عاصرتهما في هذا الباب. باختصار إن هذين الكتابين يكمل أحدهما الآخر، فإذا كان كتاب الأستاذ فتح الله كولن قد خاطب في كتابه عاطفة القارئ أكثر مما خاطب عقله، فإن كتاب الأستاذ محمد الصادق عرجون قد خاطب عقل القارئ أكثر مما خاطب عاطفته، وإذا كان أسلوب الأستاذ محمد فتح الله كولن أسلوباً سهلاً بسيطاً، لا يكلف القارئ كبير عناء، فإن أسلوب الأستاذ محمد الصادق عرجون كان أسلوباً رصيناً جزلاً، يحتاج القارئ معه غير قليل من العناء، فالكتابان في المحصلة -فيما نحسب- متكاملان، وفي كليهما خير.
ونختم هنا بتسجيل أهم النتائج التي خَلَص إليها هذا البحث، وهي وَفَق التالي:
أولاً: يُعدُّ كتاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم للأستاذ محمد الصادق إبراهيم وكتاب النور الخالد للأستاذ فتح الله كولن من أهم كُتب السيرة النبوية التي ألفت في العصر الحديث.
ثانياً: امتاز كتاب الأستاذ فتح الله كولن بسهولة العبارة، وتيسير عرض أحداث السيرة، في حين امتاز كتاب الأستاذ محمد الصادق عرجون بتمحيص الروايات، ونقد متونها، وتحقيق أقوال العلماء، وترجيح ما أيده الدليل.
ثالثاً: حرص المؤلفان على ربط أحداث السيرة النبوية بواقعنا المعاصر؛ إذ الغرض الأساس من عرض أحداث السيرة الاقتداء بها والاستنان بهديها.
رابعاً: ابتعد المؤلفان في نقل أحداث السيرة ووقائعها عن أسلوب سرد الأحداث، بل كان شغل المؤلفين الرئيس تحليل أحداث السيرة، وتنـزيل وقائعها على قضايانا المعاصرة.
د. عمر أنور الزبداني
باحث على موقع www.islamweb.net