الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا رسول الله، بعثه الله بالحق ودين الهدى، وأنزل عليه كتاباً مبيناً بأفصح لسان وأروع تصوير وأغلب بيان ، ويتجلى ذلك في معانيه الجليلة وتراكيبه المحكمة التي قصرت البلاغة بحدودها الواسعة عن استيعابه ، لما هو به زاخر من آيات عظام وإبداع لا يرقى إليه بيان آخر ، قال عز من قال : {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله}.
إن القرآن الكريم نور الله في الأرض، والمعجزة الخالدة للنبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، وهو المنبع الأول بكل ما يتصل بالعقيدة الإسلامية وأحكام الشريع ، وما يتصل بالمعاملات ومبادئ الأخلاق وقواعد السلوك وسائر الفضائل والمكارم . ولذلك فإن تحفيظ القرآن الكريم لشباب وأبناء الأمة الإسلامية واجب ينبغي القيام به ، وفضيلة ينبغي التقرب بها إلى الله سبحانه وتعالى . لأن في ذلك تربية لهم على ما فيه من فضائل ، وصقلاً لعقولهم وتدريباً لأذهانهم على حفظ واستيعاب ما ينفعهم .
كما أن في حفظ كتاب الله من ناشئة الأمة الإسلامية وشبابها تأكيد لحفظ القرآن الكريم الذي تكفل الله عز وجل به : {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}. إن التزام شباب الأمة الإسلامية وأبنائها بحفظ القرآن الكريم ، والتعمق في شرح معانيه ، وتفسيره يساعد الناشئة والأمة الإسلامية بكاملها على الاستفادة من منهج القرآن في الحياة ، ذلك المنهج الذي يسمو بالإنسان إلى المنزلة الكريمة التي أرادها الله ، وسيجدون في كتاب الله ما تقصر عنه مستجدات العصر الحاضر والعصور السابقة له . إن ابتداء نزول القرآن الكريم بالأمر العظيم (اِقرأ) شاهد جلي على عناية الإسلام بالعمل والمعرفة والبحث في مختلف الميادين ، وإذا ما أرادت الأمة الإسلامية تحقيق غد مشرق ، يقوده جيل مزوّد بالعلم والمعرفة والحكمة والفكر والسلوك فما عليها إلا الاعتصام بالقرآن الكريم ، وترغيب أبنائها بحفظه بكامله فهو موحّد كلمتنا ، ودليل تطورنا الفكري والثقافي والحضاري ، وهو المعبر عن أصالة هويتنا الإسلامية ، وموجه المستقبل المشرق لأمة الإسلام إن شاء الله .
> مجلة الدعوة-العدد1634
د. إبراهيم بن عبد العزيز الشدي