إلى أن نلتــــــقي – هل أحسنا إلى نبينا إذ أساءوا


الإساءة إلى الأنبياء والمؤمنين المسلمين الذين اتبعوهم بإحسان، بإيذائهم وتشويه سمعتهم، أمر درج عليه أعداء الإيمان والتوحيد منذ القديم، بل قد يصل الإيذاء إلى حد القتل، لقوله تعالى: {وكأين من نبيء قُتل معه ربيون كثير}. لكن الصبر والعزيمة كانا من شيم هؤلاء الأنبياء، أو أولي العزم منهم على الأقل الذين اتسموا بالصبر، كما قال تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم : {فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل}. وبِصبر هؤلاء الرسل وبصبر أتباعهم من المؤمنين، وصفَهم رب العزة بقوله: “فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا”.

ولقد تعرض حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنواع من الإيذاء الحسي والمعنوي، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يتأثر في نفسه بهذا الإيذاء، بقدر ما كان يتأثر بعدم إيمان قومه واتّباعهم له، ولذلك كان من جملة أقواله صلى الله عليه وسلم : >اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون<، و “لعل الله يخرج من أصلابهم من يعبدالله”، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، في حين ذَكر رب العزة في أكثر من آية حزنه وحدبه صلى الله عليه وسلم على قومه بألا يكونوا مؤمنين، فقال: {لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مومنين}. وإيذاء الأنبياء وأتباعهم مِن قِبل غيرهم ليس مقصورا على أعصارهم وأزمانهم وأماكنهم، بل هو ممتد عبر الزمان والمكان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. ولذلك وجدنا عبر التاريخ طوائف من المؤمنين المسلمين الذين تعرضوا لأصناف الإيذاء والاضطهاد، فقط لأنهم يقولون لا إله الله محمد رسول الله.

وتكفي الإشارة إلى ما تعرض له مسلمو الأندلس (المورسكيون) قديما، وما تعرض له المسلمون في البوسنة قبل سنوات، وما يتعرض له حاليا المسلمون في بورما لنعرف نماذج حية من أنواع الإيذاء والاضطهاد. ومن خلال إيذاء المسلمين يؤذى نبيهم المصطفى عليه الصلاة والسلام، مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : >مَنْ آذَى مُسْلِمًا فَقَدْ آذَانِي ، وَمَنْ آذَانِي فَقَدْ آذَى اللَّهَمن آذى ذمياً فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة<؟. إن التساؤلات عديدة ومتنوعة، لا أقصد منها النكير على من خرج منددا بالإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبيرا له منه عن حبه له واتباعه له، ولكن قصدي التنبيه إلى عدة أمور نشاهدها وربما نفعلها لا توافق حبنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لذلك يكفي أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: “هل أحسنّا إلى نبينا إذ أساءوا؟”، ليجيب كل واحد من موقعه وواقعه.

د. عبد الرحيم الرحموني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>