مجرد رأي – د. مرسي والعرس الإيراني…


….استطاع الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي بتسديد من الله تعالى ثم بحنكتة السياسة أن يبهر العالم ويفسد على إيران عرسها في عقر دارها وهي تستضيف مؤتمر دول عدم الانحياز والتي راهنت عليه كثيرا وخالته طوق نجاة يفك عنها بعضا من عزلتها الدولية، كما راهنت أيضا على زيارة مرسي نفسه على اعتبارها أول زيارة لرئيس مصر بعد عقود من القطيعة، ولذلك خصصت للضيف الجديد استقبالا حارا وفرشت له السجاد الأحمر وأحاطته بعناية خاصة لعله يُدهن فلا يدهنون أو على الأقل يلين من موقفه فلا يسمعهم قولا غليظا قد يزيد طينهم بلة، إلا أن صدق الرجل أبا عليه إلا أن يعلنها صادقة مدوية منذ الجملة الأولى من خطاب شجاع قوي هز عمائم الملالي السوداء منها قبل البيضاء، كما أربك حسابات الحرس الثوري وأجهزة الإعلام عندهم لدرجة أن مترجم الخطاب سقط في يده وترجم كلمة ” النظام السوري ” بكلمة “النظام البحريني” أوهكذا أوحي إليه من قبل أجهزة المخابرات.
وقد اضطر التلفزيون الرسمي الإيراني للاعتذار عن الخطأ المقصود فيما بعد…. هكذا إذن خرجت حكومة الملالي “من المولد بلا حمص” كما يقول المصريون، والظن عندي أنهم لم يدخلوا هذا “المولد” أصلا لأن الرئيس محمد مرسي حفظه الله ألقمهم حجرتين كبيرتين في نفس الوقت أربكت جميع الحسابات. أما الحجرة الأولى ألقى بها في بداية الخطاب عندما ترضى عن آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وخص بالذكر منهم أبا بكر وعمر وعثمان لأن هؤلاء الكرام لا يذكرون في إيران إلا “ملعونين”. وهي رسالة واضحة وصريحة لحكام إيران ومعمميها وولاة فقهائها بأن كفوا عن سب الصحابة الكرام وتشويه سيرهم العطرة لأن ذلك يغيض أهل السنة والجماعة ولن يسكتوا على إهانة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمهات المسلمين بعد الآن.
وأما الحجرة الثانية فكانت إدانة صريحة للنظام السوري “الظالم” لارتكابه المجازر البشعة ضد شعبه الحر الأبي والرسالة تحمل في طياتها إدانة شديدة اللهجة للنظام الإيراني المساند والداعم للنظام في سوريا. ولم يفت الدكتور مرسي أن يحمل جميع رؤساء الدول الحاضرة في المؤتمر ومعهم جميع أحرار العالم والمنتظم الدولي المسؤولية الأخلاقية للدفاع عن الشعب السوري الأعزل بكل الوسائل المتاحة والعمل على وقف المجازر المروعة التي يقيمها النظام ومحاسبته على جرائمه البشعة أمام المحاكم الدولية. هذا وقد أشادت معظم الصحف العالمية بخطاب الدكتور مرسي في قمة دول عدم الانحياز. فقد اعتبر التلفزيون الفرنسي “أن خطاب الدكتور مرسي قد أدخله فعلا إلى نادي العظماء”.
أما صحيفة (كريستشن ساينس مونتر) الأمريكية فقالت في تعليقها على الخطاب “الشرق الأوسط هو حقا مكان جديد عندما يناشد الرئيس المصري العالم -من قلب إيران- للمساعدة في تحرير سوريا وبالوقوف إلى جانب الشعب السوري في مواجهة النظام القمعي هناك”. في حين وصفت الصحيفة البريطانية (دي كاردين) خطاب مرسي ب”اللاذع” وبأنه “حمل قدرا مذهلا من التعنيف للقادة الإيرانيين” كما أشادت الصحيفة بوصف مرسي للنظام السوري بأنه “قمعي وفاقد للشرعية” مما دفع الوفد السوري لمغادرة قاعة المؤتمر. وتضيف الصحيفة بأن خطاب مرسي “ألقى قنبلة مدوية على رأس القيادة الإيرانية وزاد من عزلة إيران في المنطقة باعتبارها الداعم الوحيد المتبقي لنظام الأسد”. وقال المحلل السياسي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط (جينز دايفيد هارتويل) : “لقد فرش الإيرانيون السجادة الحمراء لمرسي، ولكنه لم يتبع النص الإيراني. لقد كان أمراً محرجاً للإيرانيين”. وأضاف أن حركة عدم الانحياز تحاول عادة أن تكون هادئة وأن تركز على مناهضة الإمبريالية، ولكن سوريا جعلتها مثيرة للمشاكل، قائلاً بأن “مصر تعتبر أيضاً النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية غير مفيد. وترى أنها محاولة إيرانية لنشر النفوذ الشيعي في المنطقة”. بدورها قالت صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكية إن خطاب مرسي الحماسي كان بمثابة “إهانة دبلوماسية لطهران التي احتفت بزيارته واعتبرتها نصراً دبلوماسياً باعتباره أول زعيم مصري يزور إيران منذ الثورة التي أطاحت بالشاه في 1979″. كان هذا غيض من فيض مما قاله المحللون العالميون وما قالته الصحف والوكالات العالمية إشادة بالخطاب التاريخي والجريء للرئيس مرسي. ترى ما رأي المرجفين والمنافقين العلمانيين في عالمنا العربي والإسلامي الذين لا يعجبهم العجب ولا الصوم في رجب مما يقوله كبار المفكرين والمحللين السياسيين المنصفين إشادة بشخصية الدكتور مرسي حفظه الله تعالى لمصر وللأمة العربية والإسلامية جمعاء.

ذ. عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>