ككل السالكين درب الهوى، أعلنت حبي لك سيدة الضياء حماة، يابلد المآذن ومعبر الأتقياء… سفك الدم الطاهر فلا قبر ولا عزاء… وانمحى وجه النهار هاربا من وحشة الدماء.. سلكت كل دروب العشق، أبحث عن وجهك الخائف بين ركام المباني أسأل سمار الحي عن طفلة جمعت أسمى المعاني… قالوا مجدولة شعر تأبى أن تركب بحر الخنوع… قلت هي حماة قبلة العشق وينبوع الخشوع… وطني المسكين.. يا نحرا على السكين… يا جرحا غاضبا من حدود البوسنة إلى أرض فلسطين… لك وحدك النهار وسط هذا الظلام… لك القصف الهمجي يقتل الصغار وهم في أسِّرتهم نيام… فمزق أستار الظلم وادفع حراب القهر عن صدور الأنام… يا واقفين بجَحَافِلكُم على أعتاب مدينتي… لن تستبيحوا ذرة كيرياء من قلب حماة. لن تسرقوا الضياء منها ولا من أبنائها التقاة… فاشهد يا زمن الفجيعة عن قهر الطغاة… يا أطفال حماة… ويا راحلين بدمعكم نحو السماء.. آبشروا برحيل الظلم عن كل دروب الشام… عن درعا وإدلب ودمشق وحلب الشماء… أما أنا فسأحفظ عهدك… وسأظل سائرا على دربك… أتلقى أخبارك بقلب جريح وثاب… أعزف صمودك على ربابتي من باب إلى باب… حتى يرحل عن ربوعك الذئاب… (فإما إلى النصر فوق الأنام… وإما إلى الله في الخالدين)(ü).
ذ. أحمد الأشـهـب
———
(ü) من قصيدة “أخي” للشهيد سيد قطب.