أخبرني الدكتور أحمد شوقي أستاذ الفقه الإسلامي بكلية الحقوق بالرباط رحمه الله أن له أبحاثا في موضوع : “الزعامة النسائية للمطالبة بحقوق المرأة بالمغرب” فألفى أن جل هذه الزعامة تتكون من عناصر لايتعدى عددهن المائتين أو الثلاث مائة (والشك مني).
جلهن يعانين أزمات حادة ومعقدة، فهن بين مطلقات، أو في حياة متوتّرة مع أزواجهن، أو عوانس. أما الذكور ولا أقول الرجال ” اللذُُّّون” يروجون لحقوق المرأة بمقتضى “مؤتمر بكين”، وتعاليم سيدة العالم أمريكا فيجب على المعنيين بكرامة المرأة وحقوقها الحقيقية أن يقوموا بدراسات لهم ولأحوالهم ودوافعهم.
ومازلت أذكر أن نوعا من هؤلاء، كانوا يتمتعون بالبنات المسكينات أيام المراهقة والنضال، حتى إذا ما التحقوا بالعمل والوظيف وتخلوا عنهن وتزوجوا غيرهن، أصبحن في الهامش حاقدات على الذكور، وقد نصحت ” بعضهن” ممن كن يلتجئن إليَّ للاستشارة، فمن سمعت النصيحة نجت والحمد لله، ومن غلبها ضعفها وثقتها العمياء اكتوت بنار الحب الخادع والسراب العابر.
إن مشاكل المرأة هي نفس مشاكل الرجل، إنها مشاكل المجتمع نفسه، ومن خطإ الرأي، وسوء المنهج، تجزئة المشكل، فالمرأة والرجل وجهان لعملة واحدة، لايمكن دراسة أمرهما إلامن خلال وجودهما وعلاقتهما وواجباتهما ووظيفتهما في المجتمع، هذا المجتمع الذي يجب أن يُخَطَّط له لتنبثق منه خير أمة أخرجت للناس.
ونحن لانزايد إذا ما طالبنا بأن يُنْظر إلى المرأة على أنها يجب أن تحظى بأكبر عناية واهتمام من الرجل، لأنها أُمٌّ قبل كل شئ وبعد كل شئ. لذلك يجب أن يكون للمرأة المسلمة حق “الأمومة” أن يكون لها حق في التمتع بعش الزوجية، إذ من الظلم الفاحش أن تظل بناتنا عوانس، ونساؤنا أرامل ومطلقات.
إن المغرب يعاني أزمات خانقة وتوترات اجتماعية “مَهُولة” ومفزعة بسبب ارتفاع أعداد العوانس التي قد تبلغ ست ملايين، وأعداد المطلقات لاحصر له، إذ نسبة الطلاق بالمغرب عالية ومذهلة، وأعداد الأيامى وأبنائهن اليتامى كثيرة.
فلماذا لايفكر في مشاكلهن جميعا؟ ولماذا لاتعالج الأمور من أساساتها؟.
ثم لماذا تكلف المرأة في الوظيفة والعمل وهي أم مثل ما يكلف به الرجل؟ فمن الظلم المساواة بينهما هنا. أليس من الواجب أن تعتبر الأم عنصرا منتجا وهي ترضع وتربي وتقوم بشؤون المنزل؟ أليس من العدل والانصاف بل ومصلحة المجتمع والأمة أن تكلف المرأة بنصف حِصّة الرجل في العمل مع المساواة في الأجر لكونها تبذل جهدا أكثر من الرجل في البيت؟ ثم لماذا لاتتمتع الزوجة الأم بتقاعد كامل إذا ما أتمت عشرين سنة من العمل؟؟ كما تفعل الكويت مع نسائها؟؟ ثم لماذا لا يكون للمرأة المرضع الحق في إجازة عامين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة؟؟ كما تفعل بعض الدول الأوروبية؟!.
إن ما يجب التفكير فيه بجد هو إيجاد ثقافة صيانة المرأة، أي تربية المجتمع على احترام المرأة منذ ولادتها إلى وفاتها، حتى لاينتهشها الفقر، والضياع، والعنوسة، والظلم، والدعارة، والجهل، واستغلالها في المعامل والمصانع، والتسلط على كرامتها من لدن رؤسائها، إلى غير ذلك مما تعانيه المرأة من ويلات .
إن المرأة أمانة في أعناق الرجال -لا الذكور- لكن أين الرجولة فيمن لادين له، ولا إخلاص له؟َ.
فمتى ياترى تناقش مشاكل المرأة في ضوء الإسلام الحنيف والشرع الشريف لا في ظلام الحضارة الهوليودية والبيگالية، وأحياء الشذوذ الجنسي، والسقوط الأخلاقي، والتفسخ الاجتماعي، والشراسة الليبرالية.
{يُريدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ ويَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الذِينَ منْ قَبْلِكُمْ ويتُوبَ عَلَيْكُم واللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ واللَّهُ يُرِيدُ أنْ يَتُوبَ عَلَيْكُم ويُرِيدُ الذِينَ يتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً، يُرِيدُ اللّه أن يُخَفِّفَ عَنْكُم وخُلِقَ الانْسَان ََضَعيفاً}(النساء : 28).
إن حل مشكل المرأة هو حل لمشكل الرجل نفسه، لأن الأمر يتعلق بالمجتمع ككل، وهذا المشكل لايُحَلُّ بالمزايدات السياسية التهريجية، ولا بالعقد النفسية المتوترة، ولا من خلال الكراهية، وحب الانتقام، وإنما بدافع المحبة والعطف والإخلاص، وحب النصح الصحيح، ويعالج بالعلم والخبرة والدراسة الشاملة للمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع نتيجة النظر الضعيف، والفكر السقيم ، والتقليد الأعمى، والجهل بحقيقة الإسلام وعظمته، وسمو تشريعاته، التي تضمن للمرأة من الحقوق والامتيازات مالا يوجد في العالم المتحضر المتوحش، والظالم للمرأة والرجل، والطفل، والحيوان، والطبيعة، والناشر للخراب وعولمة الشر.
فلماذا لا يُسَنُّ تشريع صارم مستمد من الشريعة الإسلامية لحماية المرأة في شرفها وعرضها وحقوقها المادية والمعنوية؟ وما معنى أن يظل المغرب تابعاً للقوانين الدولية في قضايا كثيرة مثل الاغتصاب وانتهاكات الرجال.. حيث لم تزد هذه القوانين الوضع إلا تدهوراً. فلو كانت القوانين تحمي المرأة حقاً لحمتها في بيئتها.
أ.د.عبد السلام الهراس