بِنَبْضِ القلب – المرأة والحداثة


ارتبطت الحداثة في الكثير من نضالاتها بحقوق المرأة ومطالبها، وانصب نضال المثقفات في المغرب على التمكين للمرأة في مجالات السياسة وغيرها، ومع بداية الألفية الثالثة كان للمرأة نصيب في المنظمات الحقوقية حيث تربعت على رأس منظمتين حقوقيتين امرأتان، كما تم مؤخرا انتخاب أمينة عامة على رأس حزب مغربي، واعتبرت الأوساط السياسية أن ذلك يعد انتصارا لقيم الحداثة والديمقراطية… إن المشكل الحقيقي في بلدنا لا يرتبط بالمراكز التي تحتلها المرأة، بل بالدور المنوط بها، فقد انخرطت الحركة النسائية التقدمية في معارك دنكشوطية من أجل الدفاع عن الحق في ما أسمته الحريات الشخصية. واستنجدت بالمواثيق الدولية، بل منها من زايد على الوحدة الترابية (استدعاء انفصاليين لمؤتمر إحدى المنظمات الحقوقية) في الوقت الذي لا زالت فيه المرأة تمتهن عبر الإعلام العمومي والخصوصي وينظر إليها كقطعة أثاث وديكور.. إن الاستقواء بالأجنبي من أجل ترسيخ مفاهيم لا تنسجم مع مكوناتنا الثقافية والعقدية، لن يرسخ قيم الحداثة الحقيقية بقدرما يؤجج الاحتقان بين أبناء الوطن الواحد.. إن أولى مقومات المجتمع الحداثي أن يكون مجتمعا متناغما يتكئ على موروث ثقافي وقيمي، لذا نجد أمة كفرنسا لا زالت تحتفي عبر تاريخها المتواصل بامرأة تدعى جان دارك قاومت غزو بريطانيا من أجل عزة وطنها، لم تتخرج من جامعة، بل هي فتاة تربت في دير ولم تتلق أي تعليم يذكر، كل ما هنالك أنها رأت أن رقي فرنسا يبدأ من المنافحة عن وحدتها الترابية، نتذكر أيضا شهيدة الأوراس “فاطمة إنسومر” التي قاومت الفرنسيين في الجزائر، وفاطمة الفهرية التي أسست أول جامعة في التاريخ البشري، وكانت وجهة لطالب العلم من كل بقاع الأرض… من هنا تبدأ الحداثة و ليس من المزايدة على وحدتنا الترابية والدفاع عن الشواذ وعن المجاهرين بالإفطار في رمضان، ومرحبا بالمرأة عالمة، وسياسية واقتصادية وبرلمانية، ووزيرة في خدمة الوطن والمواطنين.

ذ. أحمد الأشـهـب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>