جماع الخير تعظيمك لمعلم الناس الخير، فما حظك أنت من ذلك؟ ما مقدار تعظيمك لنبيك وحبيبك صلى الله عليه وسلم؟ إن سر نجاحك فرداً في توقيره وإجلاله، وسر نجاحنا أمة في ذلك، ولقد أمر ربنا بذلك في مواطن من كتابه الكريم منها قوله تعالى {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} ومنه {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيء} قال القاضي أبو الفضل عياض رحمه الله ((واعلم أن حرمة النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته وذلك عند ذكره صلى الله عليه وسلم وذكر حديثه وسنته وسماع اسمه وسيرته ومعاملة آله وعترته وتعظيم أهل بيته وصحابته، قال أبو إبراهيم التجيبي : واجب على كل مؤمن متى ذكره أو ذكر عنده أن يخضع ويخشع ويتوقر ويسكن منحركته، ويأخذ في هيبته وإجلاله بما كان يأخذ به نفسه لو كان بين يديه ويتأدب بما أدبنا الله به))(الشفا 26/2).
وها أناذا أذكر نفسي وأذكرك بمواقف جماعة من العلماء، وجملة من الفضلاء كلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بين أيديهم، لعل فيها عوناً لي ولك على الزيادة في تعظيمه وتوقيره عليه الصلاة والسلام.
1- موقف أيوب السختياني وحاله : قال مالك رحمه الله -وقد ذكر عنده أيوب السختياني رحمه الله : ما حدثتكم عن أحد إلا وأيوب أفضل منه، قال وحج حجتين، وكنت أرمقه ولا أسمع منه، غير أنه كان إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى حتى أرحمه، فلما رأيت منه ما رأيت وإجلاله للنبي صلى الله عليه وسلم كتبت عنه.
2- حال مالك بن أنس رحمه الله : قال مصعب بن عبد الله : كان مالك إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم يتغير لونه وينحني حتى يصعب ذلك على جلسائه.
3- حال محمد بن المنكدر : قال مالك رحمه الله : لقد كنت أرى محمد بن المنكدر وكان سيد القراء لا نكاد نسأله عن حديث أبدا إلا يبكي حتى نرحمه.
4- حال جعفر بن محمد : قال مالك رحمه الله: ولقد كنت أرى جعفر بن محمد وكان كثير الرعاية والتبسم، فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم اصفر، وما رأيته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على طهارة.
5- حال عبد الرحمن بن القاسم رحمه الله : قال عياض : ولقد كان عبد الرحمن بن القاسم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيُنظَر إلى لونه كأنه نزف منه الدم، وقد جف لسانه في فمِه هيبة منه لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
6- حال عامر بن عبد الله بن الزبير رحمه الله: قال : ولقد كنت آتي عامر بن عبد الله بن الزبير فإذا ذكر عنده النبي بكى حتى لا يبقى في عينيه دموع.
7- حال الزهري رحمه الله : قال : ولقد رأيت الزهري وكان من أهنأ الناس وأقربهم فإذا ذكر عنده النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه ما عرفك ولا عرفته.
8- حال صفوان بن سليم رحمه الله :
قال : ولقد كنت آتي صفوان بن سليم وكان من المتعبدين المجتهدين فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه(1).
هذه عينة من رجال عظموا قدر النبي صلى الله عليه وسلم فعظم الله قدرهم، فما حظك أنت وما نصيبك؟
ذ. امحمد العمراوي
من علماء القرويين
amraui@yahoo.fr
—-
1- انظر ذلك كله في الشفاء 26/2- 27.