بِنَبْضِ القلب – {وتلك الأيام نداولها بين الناس}


الأيام دول، والتاريخ يتحرك وفق ناموس الكون، والتغيير حاصل مهما حاول الطغاة تحنيطه ووضعه في المتاحف.. تلك هي العبرة التي خرجت من رحم الأحداث والثورات العربية، ولم تستسغها الأنظمة البوليسية التي دأبت على تأليه الحاكم ورفعه إلى مقام النبوة… قبل خمس سنوات أو أقل لم يكن أكبر المتفائلين يحلم بزوال أنظمة دكتاتورية على شاكلة النظام التونسي والمصري والليبي، ولم يكن يحلم أن ينتفض أبناء الشام ضد نظام حزب البعث الذي ألغى إرادة الشعب لعقود عدة، أما اليمن فهو بلد الحراك المستمر منذ تأسيسه إلى حين انقسامه ثم التحامه… فهل تتحرك باقي الأنظمة في اتجاه الإصلاح وإعطاء أكبر قدر من الحرية لشعوبها وإشراكها في تسيير شؤونها؟!.. إن هذه الأنظمة الجبرية تعتبر نفسها غير مدينة لشعوبها بأي شيء… فهي لم تأت عبر صناديق الاقتراع، بل أتت على ظهر دبابة… ولن ترحل إلا على ظهرها، ولهذا فرأي الشارع لا يدخل ضمن أجندتها، لأن منطق القوة الذي أتى بها إلى السلطة هو الحاسم في كل شيء، لذا دأبت على إحاطة نفسها بسياج أمني رهيب، وأقامت المحاكم العسكرية للمدنيين، وزورت الانتخابات وقهرت المعارضة، وأقامت نظاما حديديا لا يرى منه للخارج إلا كما يرى جبل الجليد الذي يختفي أكثر من ثلثيه تحت الماء… وهذه الأنظمة أيضا أغلب رؤوسها من الجيش، والعسكريون في منطقهم : القوة أساس الحكم… لذلك لا نعجب حين نرى العقيد القذافي وهو لا يكاد يذهب لدورة المياه من دون حرس لاشتداد ضغط الثوار على نظامه، يرسل الخطاب تلو الخطاب مؤكدا أن جزءا كبيرا من الشعب يقف إلى جانبه، وأنه ما زال مستعدا للقتال حتى طرد فلول العملاء وتطهير ليبيا شبرا شبرا… إنه منطق يبعث على الشفقة والاحتقار في آن واحد…

فلتصح الأنظمة المستبدة فهذا زمن الشعوب التي سئمت من أن تبقى مجرد ديكور في قصور الحكام.

>  ذ. أحمد الأشـهـب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>