إشراقة – بدع المستفتين


عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : “دعوني ما تركتكم، إنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء، فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم”(متفق عليه).

الإكثار من الأسئلة من البدع المذمومة، وخاصة فيما لا يفيد، أو في الأمور العويصة التي لا تنبني عليها مصلحة تذكر، يقول ابن عباس رضي الله عنهما : ما رأيت قوما خيراً من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا يسألون إلا عما ينفعهم. يعني أن هذا كان الغالب عليهم. وفي الصحيح : ((إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء لم يحرم عليه فحرم عليهم، من أجل مسألته)) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لا تسألوا عما لم يكن، فإني سمعت عمر يلعن من سأل عما لم يكن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم : “عن الأغلوطات”(1).

قال الأوزاعي : هي صعاب المسائل.

ثم قال : إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على  لسانه الأغاليط.

وقال صلى الله عليه وسلم : إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات، وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال، وإضاعة المال”(2).

وقال الحسن : إن شرار عباد الله الذين يجيئون بشرار المسائل يعتنون بها.

يقول الإمام الشاطبي : والحاصل أن كثرة السؤال ومتابعة المسائل والأبحاث العقلية والاحتمالات النظرية مذموم، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وعظوا في كثرة السؤال حتى امتنعوا منه، وكانوا يحبون أن يجيء الأعراب فيسألون حتى يسمعوا كلامه ويحفظوا منه العلم، ألا ترى ما في الصحيح عن أنس قال : نهينا أن نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع(3).

وقد ذكر الإمام الآجري رحمه الله تعالى مواصفات العالم المتأسي بالهدي النبوي فقال: إن سأله منهم سائل عما لا يعنيه رده عنه، وأمره أن يسأل عما يعنيه،.. يقبل على  من يعلم أنه محتاج إلى  علم ما يسأل عنه، ويترك من يعلم أنه يريد الجدل والمراء.. وإذا سئل عن مسألة فعلم أنها من مسائل الشغب ومما يورث بين المسلمين الفتنة استعفى منها ورد السائل إلى ما هو أولى به(4).

> ذ. عبد الحميد صدوق

——–

1-  رواه أحمد بإسناد حسن

2- رواه البخاري

3- الموافقات ج 4، ص : 234

4- أخلاق العلماء ص : 36.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>