أهمية العناية باللسان العربي في توحيد الأمة الإسلامية


بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من لدنك رشدا، اللهم انفعنا بما علمتنا وعلمنا ما ينفعنا وزدنا علما، اللهم افتح لنا أبواب الرحمة، وأنطقنا بالحكمة، واجعلنا من الراشدين فضلا منك ونعمة. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، الحمد لله الذي أكرمنا بهذا الشهر العظيم، الحمد لله  على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، الحمد لله بلا حد كما أنعم بلا عد، سبحانه وتعالى. ثم الشكر لجميع المنظمين بدءا بهذا المجلس المبارك الذي نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله ممكنا للخير في هذه الديار، ممكنا للعلم وأهله، والشكر لهذه الجمعية الفتية المباركةالتي حملت على عاتقها رسالة حماية اللغة العربية والدفاع عنها في هذا الظرف الصعب الذي أصاب فيها العربية ما أصاب الإسلام، ولا عجب في ذلك فهي منه وهو منها، فما أصابه لابد أن يصيبها، الحمد لله الذي له الحمد في الأولى وفي الآخرة والشكر أيضا للجمهور الكريم الذي تفضل ليحضر هذه الكلمات.

عنوان هذه الكلمة كما استقام عندي هو: “أهمية العناية باللسان العربي في توحيد الأمة الإسلامية“.

اللسان العربي هو اللفظة القرآنية الأصيلة. والله جل وعلا جعل من آياته اختلاف ألسنتكم وألوانكم، اختلاف ألسنتكم أي اختلاف لغاتكم. وابن خلدون رحمه الله تعالى عقد بابا لعلوم اللسان، فهذا اللفظ لم يكن عليه غبار في زمانه، ثم عراه مما عرا كثيرا من الألفاظ، عبر التاريخ الطويل.

والأمة الإسلامية هي هذه الأمة التي نراها الآن، ونعيش في أحضانها، هي هذه الأمة المتمثلة في بلدان العالم الإسلامي، هي هذه الأمة التي تجمعها منظمة المؤتمر الإسلامي، هذه الأمة المشعرة بلفظها أنها إنما تنتمي إلى الإسلام، مشعرة بلفظها أنها إسلامية، وهي كذلك حتى الآن لا تمثل  الإسلام كل التمثيل، حتى الآن لا تمثل هذا الدين كل التمثيل، ولكنها تنتمي إليه، وهو الذي صنع تاريخها، وهو الذي يوحد ما توحد منها، فهذا الشهر المبارك الذي نصومه، هو شهر تصومه الآن كل الأمة الإسلامية، هي موحدة في صيامه، وليتها كانت موحدة في جميع أمورها كوحدتها في صيامه!! هي موحدة في القبلة التي تتجه إليها في صلاتها، هي موحدة في الكعبة التي يطاف بها في الحج الذي فرض عليها، هي موحدة في كتاب ربها الذي أنزله على رسولها صلى الله عليه وسلم، هي موحدة في أساسيات هذا الدين وكلياته، ولكنها مشرذمة في كثير من أمور حياتها، مششتة ممزقة، وحسبك أنها سبع وخمسون دولة في منظمة المؤتمر الإسلامي. مع أن الأصل أن تكون دولة واحدة لها إمام واحد، إن هذه الأمة قد عرفت عبر تاريخها الطويل مدا وجزرا.

عرفت في مدها انتشارا عظيما لافتا يذكر في التاريخ، في ظرف زمني وجيز جدا، انتشرت نقطة الضوء من بيت الله الحرام إلى المدينة المنورة إلى الجزيرة العربية، إلى شمال الجزيرة، وشرقها، فغرب الجزيرة، إلى أن دقت في أقل من قرن أبواب أوربا من الخلف على يد الجنود المسلمين الأوائل من المغاربة البواسل، دقت أبواب أوربا من الخلف وأدخلت عليها النور، فكان مما كان مما نعلمه جميعا.

وكل ذلك في زمن قصير جدا، وما فتح تمكن فيه الخير لانسجامه مع الفطرة، تمكن فيه الإيمان ودخل أهلها في الإسلام، أحبوا هذا الدين، ورغبوا فيه وآثروه على أنفسهم، وجاهدوا من أجله، وحملوه حمل المؤمنين الصادقين. ولذلك عندما وقع ما وقع في مرحلة الجزر، استمر الإيمان راسخا وأعطى نماذج في غاية الروعة، حتى الآن للأسف لم يكشف عنها للأمة، ولكن ستظهر هذه الأمور بعد، يوم تنكشف الغمة عن هذه الأمة، وستظهر هذه الروائع التي سطرها أجدادنا المسلمون في الأندلس بعد تمكن الصليبية منها، بعد تمكن محاكم التفتيش، بعد نقض العهود التي كانت يوم الميثاق  في تسليم غرناطة، أمور في غاية الخطورة لكنها غير معروفة حتى الساعة للأسف الشديد، ولكن سيأتي اليوم الذي ستظهر فيه كثير من القصص العظيمة للمؤمنين بعد قرن وقرنين وثلاثة قرون من تمكن الصليبية من الأندلس. بل إنه ربما توجد حتى اليوم أسر مسلمة مند ذلك التاريخ تتوارث عددا مما كان مقدسا عندها، وعلى رأسه كتاب ربها.

هذه الكلمة دائرة على خمس نقط:

النقطة الأولى: مقدمة في ضرورة الاهتمام بوحدة الأمة، وتحتها نقط.

النقطة الثانية: رسالة الأمة في القرن الخامس عشر الهجري، وتحتها نقط.

النقطة الثالثة: الوحدة طريق أداء الأمة لرسالتها، وتحتها نقط.

النقطة الرابعة: موجبات العناية باللسان العربي في الأمة اليوم،وتحتها نقط.

النقطة الخامسة: خاتمة في ضرورة جعل اللسان العربي لغة رسمية في جميع دول منظمة المؤتمر الإسلامي.

النقطة الأولى: مقدمة في ضرورة الاهتمام بوحدة الأمة :

أيها الأحبة في مرحلة المد، كانت الأمة بكاملها تشبه روحا متوهجة، كانت نورا ينداح في الأرض، ينير قلوب الحيارى، يهدي العقول، ويطمئن القلوب. كانت روحا تنفخ في الناس، ولكن مع مرحلة الجزر بدأت تخبو تلك الجذوة، وبدأت تتراجع، وظهرت آثار الوضع السيئ. ونحن اليوم في نهاية مرحلة الجزر وبداية مرحلة المد، العين قد تخطئ الآن في تقويم وضع الأمة، حين ترى أن الشر فيها كثير، والتهاون في حمل أمانة هذا الذين كبير، لكن إذا نظرت إلى الواقع وحدّقت فيه النظر وعرفت ما يجري في أحشاء بطن الأمة وقارنته بما مضى من تاريخها في أربعة عشر قرنا، أحسست بأن الموجة القوية الآن النابضة والصاعدة من قلب الأمة، هي في وضع المد ولكنها تحتاج إلى زمن لتظهر آثارها في الأمة أولا ثم فيما حول الأمة ثانيا.

لذلك علينا اليوم وعلى أبناء الأمة اليوم، ألا تحاصرهم الأقفاص التي وضعها الغرب الصليبي، لأنهم في نهاية  مرحلة الجزر. في القرنين الماضيين عاقبنا الله عز وجل بما كسبت أيدينا بتسليط الصليبية علينا، وبتسليط ما تسلط على الصليبية من الصهيونية ثم علينا. هذا الوضع أعطى رد فعل وهو الذي أحدث الموجة الناهضة الآن، وفي نهاية تلك المرحلة ولما تنتهي للأسف الشديد، الاستعمار خرج جسده ولم تخرج روحه من الأمة. هذه المرحلة (الاستعمارية) التي لا تزال ممتدة بصور متعددة هي التي جزأت الأمة هذه التجزئة الحالية اليوم، وشرذمتها هذا التشرذم الذي توجد عليه الأمة. ولا تزال تسعى إلى ما يسمى تفتيت المفتت، لأن كل اتجاه إلى التفتيت يضعف الأمة، وكل سير في اتجاه التفتيت واتجاه التجزيء يضعف الأمة قطعا، وكل سير في اتجاه الجمع والتوحيد يقوي الأمة. فلا عجب إذا كان الغرب قد صنع هذه الأوضاع  صنعا، بعد الحرب العالمية  الأولى كما تعلمون، ولا أطيل، صنعها صنعا، وصنع لها  ما يحفظها  ويمنع دخول بعضها إلى بعض إلا بعدد من العجائب والغرائب من التأشيرات والجوازات وعجائب وغرائب، كل ذلك من صنع الغرب أساسا، لم يكن في واقع الأمة قبل، وإنما صنعه الغرب صنعا وحرص عليه وحماه ورعاه وما زال يحميه ويرعاه. ويزيد كلما أمكن التفتيت، وضع الألغام كما تعلمون في عدد من المناطق، انظروا إلى حالة الأكراد في أربع دول، انظروا إلى حالة الطوارق. في عدد من دول الصحراء، وَضَع عدة ألغام لا تسمح بالاستقرار ودائما يجد فرصة ليتدخل، وليفعل ما يفعل ويفتت ما يمكن تفتيته كحالة السودان قريبا، وغيرها مما ينتظر، نسأل الله السلامة.

أقول: المسلم اليوم لا ينبغي أن يطمئن إلى هذه الأقفاص التي وضعته فيها أوروبا، بل لا بد أن يرنو إلى الأفق القريب إن شاء الله تعالى، البعيد في الظاهر {إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا} هو أفق ليس ببعيد وعلى المسلم أن يحمله في قلبه اليوم أينما كان، أنّه ينتمي إلى هذه الأمة؛ هذا الصيام صيام شهر رمضان الذي يعبر عن الأمة، هذه القبلة، هذا القرآن، هذا الحج، هذه الأركان هي التي تعبر حقيقة عن الجامع للأمة، لا ما سوى ذلك.

الطينيات بجميع أنواعها جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلمة واحدة تبطل سحر السحرة جميعا، وفي أي نقطة من الأرض، حين قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى))(رواه البيهقي). هل بقي بعد للمصري أن يبحث عن جذوره الفرعونية بوحي أوروبا، ، هل بقي بعد للبناني أو السوري أن يبحث عن جذوره الفينيقية كما تحدثت عنها أوروبا، هل بقي للعراقي أن يبحث  عن جذوره الآشورية أوالكلدانية أوالبابلية… هذه جذور صنعها الغرب بهذه الأقفاص، بحث عنها لتقف، ويجتهد لتبقى… الطين في حقيقته ليس مجزءا في أصوله، نحن جميعا من ذكر وأنثى: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى} هذا يعني أن الأخوة البشرية موجودة، سم ما شئت ارتباطا  بهذه الطينيات التي تصل إلى ألفي سنة، خمسة ألاف سنة، عشرة ألاف سنة… لا، هناك ارتباط حقيقي بأصل الانطلاق الذي هو آدم وحواء، فنحن جميعا في الأصل إخوة {كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيئين مبشرين ومنذرين} منبها على ذلك الأصل الأول الذي كانوا عليه، لأن آدم لما أهبط إلى الأرض، أهبط ومعه هدى، جاءه هدى من ربه… وكلما وقع الضلال يأتي الرسل لإرجاع الناس إلى الفطرة والصواب حتى جاءت الرسالة الخاتمة للرجوع إلى الأصل الأول، لأنها رسالة ليست كالرسائل السابقة. إنها رسالة إلى الناس كافة: الأصفر، والأبيض، والأحمر والأسود، جميع الألوان، جميع الأجناس، جميع الأشكال، جميع الطبقات، جميع الأمكنة والأزمنة، كل ذلك برسول واحد، وكتاب واحد وقبلة واحدة، ولا يقبل أي دين آخر بعد… {ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه} ((والله لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي))(رواه أحمد والدارمي) كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأن الأصل {وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيناكم من كتاب وحكمة، ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتومنن به ولتنصرنه، قال آقررتم  وأخذتم  على ذلكم إصري، قالوا أقررنا، قال: فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين}(آل عمران : 80).

لذلك أخي المسلم، أختي المسلمة لابد أن نحمل في قلوبنا هم الأمة لنؤسس للغد المنتظر، لنحضِّر أنفسنا وأبناءنا لذلك، والتاريخ يتهيأ والزمان يستدير ليصل إلى المرحلة التي يصير فيها كهيأته يوم خلق الله السماء والأرض، بإذن الله تعالى.

والله عز وجل قال: {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق، ليظهره على الذين كله} حينما رأى المسلمون قبل،هذا الظهور المادي، فسروه بظهور الحجة وظهور الغلبة في المناطق. لكن الآيه صريحة وواضحة بأن الدين لا يتوقف على زمان محمد صلى الله عليه وسلم ولا زمان الصحابة والتابعين عليهم رضوان الله تعالى، ولا  في أي زمن، الزمن ممتد والرسالة ممتدة ونحن ننتظر هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم بشرنا في الأحاديث الصحيحة ((إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها))(رواه مسلم وأبو داود وأحمد) أو كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم، ((لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا وبر إلا دخلته كلمة الإسلام بعز عزيز أو بذل ذليل، أما الذين يعزهم الله فيجعلهم من أهلها وأما الذين يذلهم الله فيدينون لها))(أخرجه أحمد)… فالأمر آت والحديث الحسن المشهور الذي له عدة متون، منها ما رواه الإمام أحمد عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكًا عاضًا فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكًا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة)) مر هذا التاريخ، في أربعة عشر قرنا مضت، ونحن نرى الآن بوضوح أن الأرض تتهيأ لهذا، تتهيأ بانتهاء الكتلة الأولى، وتتهيأ بالانهيارات التي تصيب الكتلة الثانية، وتتهيأ بما يتخلق في جسم الأمة  الإسلامية اليوم، فذاك صاعد وذاك هابط، وفي وقت من الأوقات سيتحقق ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم.

أيها الأحبة لا شهادة للأمة على الناس إلا بعد الوسطية، الله عز وجل قال: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} هذه الوسطية هي المؤدية إلى الشهادة {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس} فلنعد أنفسنا لهذا ولنعد أمور الأمة جمعاء، ولا وسطية إلا بعد الاعتصام بحبل الله {واعتصموا بحبل الله جميعا} هذه اللفظة في غاية الأهمية (جميعا)، لا داعي لننزل الآيات تبعا للتكتلات الصغيرة، جميعا يعني جميع المسلمين في العالم، مطلوب منهم أن يعتصموا بحبل الله، لا تصدق الآية على قطر من الأقطار أومدينة من المدن، كلا ثم كلا، الأمر ليس هكذا، إنما الخطاب هو للجميع، ولا وحدة إلا بعد مجاهدات، واجتهادات وجهاد، لن نحصل على هذه الوحدة إلا بعد مجاهدات  واجتهادات كثيرة جدا  وجهاد أيضا كبير جدا، كما قال  تعالى في النوع الأول: {وجاهدهم به جهادا كبيرا} أو بقية الأنواع: {يا أيها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم تومنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون يغفر لكم ذنوبكم ويُدخلكم جنّات تجري من تحتها الانهار ومساكن طيّبة في جنّات عدن ذلك الفوز العظيم وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المومنين}(الصف : 10- 13).

 النقطة الثانية هي رسالة الأمة في القرن الخامس عشر الهجري:

وتحتها ثلاث نقط :

1- نقل الأمة نفسها من الإسلامية إلى المسلمة

2- بناء الأمة الوسط في مختلف المجالات

3- تحرير البشرية من هيمنة الطاغوت

القرن الخامس عشر مضى منه ثلثه الآن، ولا يفوتني  بهذه المناسبة أن أقول، إننا في القرن الخامس عشر، ولسنا في القرن الواحد والعشرين مفهوم هذا الكلام، للأسف الكتب المدرسية تُـحَوَّل فيها الأرقام الهجرية، ليصبح تاريخا ميلاديا تمر في صمت، لا كلام عنها، ولكن الكتب المدرسية في عدد من التخصصات تعرف هذا المكر الخفي. {والله من ورائهم محيط} لذلك أقول إننا نعيش زمنا بعينه، نحن الآن في القرن الخامس عشر، ولا صلة لنا بالقرون الوسطى، لا صلة لنا بالتاريخ الأوروبي، لكل زمنه. حديثنا عن تاريخنا  في إطار زمننا، هذا القرن الخامس عشر ما رسالة الأمة فيه؟ مضى ثلثه الأول، وهو الآن يختم بأشكال من الوعي والصحو، قد تظهر فيها  كربات، وفيها ابتلاءات ومصائب، لكن التحولات التاريخية لابد أن ترى قدرا من ذلك. فلا عيب في ذلك، إن الأمور تتجه في اتجاه الخير إن شاء الله عز وجل، مهما شابها ومهما رافقها من عجائب وغرائب، والآن نشهد لماذا في هذا القسم من الأمة الذي يسمونه الأمة العربية، وهو في حقيقته صدى لاتجاه معين، اتجاه القومية العربية، وإلا فالمسلمون مسلمون جميعا عربا وعجما، {هو سماكم المسلمين} ولم يسمكم أي شيء آخر، فلا نسمى بأي اسم آخر، واختار لنا اسم المسلمين، واختار لنا الإسلام. هذا القسم لماذا ظهر فيه ما ظهر؟ هذا يرجع إلى موضوع محاضرتنا، لأن اللسان العربي يمثل القاسم المشترك في هذا الجزء من الكرة الأرضية، وأي لسان هو ليس أداة للتواصل فقط، كلا ثم كلا، هو أداة نقل حضارة، هو أداة نقل ثقافة، هو أداة نقل  منهج، هو أداة نقل كيف حضاري، اللغة تختزن العجب العجاب من الطاقة. فكون هذه الأمور الآن تسري في هذه المنطقة ولا تسري في مناطق أخرى، فذلك لعدم وجود هذا القاسم المشترك، ويوم يحضر في بيئات أخرى، أيضا ننتظر مثل ذلك في الثلث الثاني من القرن.

أقول رسالة الأمة في هذا القرن، منتظر منها أولا أن تأخذ نفسها هي بنفسها في تحولات داخلية عميقة، من الأمة الإسلامية إلى الأمة المسلمة، وشتان بين الاصطلاحين، اصطلاح قرآني في دعوة إبراهيم عليه السلام: {ربنا واجعلنا مسلمين لك، ومن ذريتنا أمة مسلمة لك} وهو يعني أنها تمثل الإسلام، فالإسلام لها صفة راسخة موجودة فيها، قد أسلمت أمرها لربها، كما أسلم إبراهيم أمره لربه: { إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين، {وأوصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب…}.

أما  الأمة الإسلامية فإنها التي تنتمي  وتنتسب إلى الإسلام، والحقيقة أن هذا المصطلح اليوم ينسجم مع واقعنا كامل الانسجام. وهو الواقع الذي تمثله منظمة المؤتمر الإسلامي، هذا المفهوم ليس هوالموعود بما وعد الله عز وجل به، وإنما الموعود بذلك هوالأمة المسلمة وهي الأمة الواحدة، وهي الوارثة لأمة الإسلام عبر التاريخ، للأمة المسلمة عبر التاريخ التي أشار إليها القرآن الكريم: {وأن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاتقون}.

جميع الأنبياء مسلمون، وجميع الأديان التي جاءوا بها هي من الإسلام، هي مرحلة من مراحل تنزل الإسلام، حتى إذا اكتملت النعمة على بني آدم، على البشرية في الأرض، جاءت الرسالة الخاتمة، وجاء الكتاب، وقبل ذلك : {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب}، ولم يؤتوا الكتاب كله {مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} هذا هوالكتاب : {ألم، ذلك الكتاب}.

الأمة الإسلامية مطلوب منها أفراداً ودولاً أن تنتقل من هذا الوضع الذي لا يمثل الإسلام خير تمثيل، إلى الوضع الذي يمثل الإسلام حق التمثيل وهوالأمة المسلمة.

ومطلوب منها أن تبني بعد ذلك أمة الوسط في مختلف المجالات، مطلوب منها أن تبني نفسها، بالحرص على الإمامة العلمية في كل التخصصات، ومطلوب منها أن تسترجع القسم الضائع منها الذي يستعمله الغرب الآن في جهاده الذي يدير به العالم، والذي يتمكن ويزداد تمكنا، قسم الأدمغة المهاجرة التي هي بالملايين، والأدمغة المهاجرة التي تعمل في الغرب وتقويه علينا، هذه الأدمغة مطلوب  استرجاعها، بإعمال كل ما يلزم لاسترجاعها، بالذي يستطيع توظيفها ويجعلها أداة لبناء الأمة الخيرة، الأمة الوسط. هي الأمة التي مطلوب منها الشهادة على الناس بهذا الدين.

ثالثا مما هومنتظر من هذه الأمة في نهاية هذا القرن، تحرير البشرية من هيمنة الطاغوت: {والذين اجتنبواالطاغوت أن يعبدوها، وأنابوا إلى الله لهم البشرى} الطاغوت هو كل ما عبد من دون الله، والطاعة كما في حديث عدي المشهور حيث أورد الإمام أحمد والترمذي أن عدي بن حاتم قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتلو قوله تعالى:  {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمُ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ …} فقال له: إنا لسنا نعبدهم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ((أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟)) فقلت بلى، فقال : ((فتلك عبادتكم إياهم)). ما يسمى الآن بالشرعية الدولية، هذا المصطلح بالضبط الذي إذا فتش فيه لا يوجد ممثلا في أكثر من دولة أو بضعة آلاف نسمة في دولة، لأنه إذا كانت هناك دولة مأسوف عليها، فهي دولة الولايات المتحدة الأمريكية، إننا نرثيها ونتأسف على حالها، أي رئيس للولايات المتحدة لا يستطيع أن يفعل شيئا إلا أذا أذنت له تلك الآلاف، هذه الهيمنة لغير شرع الله، لغير دين الله، هذه الهيمنة المفروضة على العالم، ما يقال له العولمة، ليس له وجه اقتصادي فقط، بل له وجه ثقافي مدمر للثقافات، مدمر للخصوصيات الثقافية، هذا هو الوجه الكالح للعولمة، لأن العصر عصر تأليه وعبادة للمادة، على حد قول الرسول صلى الله عليه وسلم  من حديث أبي هريرة الذي أخرجه البخاري : ((تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض))، عباد الدولار وعباد المادة والعجل في هذا الزمان هم الأكثرية. ولذلك الإنسان أصبح يباع ويشترى بثمن بخس، والأصل أن ابن آدم لا يباع ولا يشترى. كان العرب قديما يقولون: إنما  المرء بأصغريه، قلبه ولسانه، فإذن ذلك الذي هومعنى في الإنسان هوالذي أصبح يباع ويشترى، وبثمن بخس!!

فإذن لا يمكن تحرير البشرية وإخراجها من ظلم الكبار، الذي هي رازحة تحت نيره الآن عمليا وتوجد له هياكل لا معنى لها، أي معنى يمكن أن يتصور لمجلس يسمى مجلس الأمن، خمسة من الناس إذا اتفقوا على شيء انسحب على العالم كله، أي معنى يمكن أن يكون لحق النقض، شخص واحد يقول لا فيفسد رأي خمسة ملايير من البشر. بأي حق كان هذا وبأي منطق، إلا منطق القوة والغلبة، إلا منطق: أليس لي ملك الأرض وهذه الشعوب تبكي من تحتي.

النقطة الثالثة: الوحدة طريق أداء الأمة لرسالتها :

لا يمكن إنقاذ الناس إلا بالحق والقوة، {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات، وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، في حديث الإمام أحمد  الذي فيه :((وجعل رزقي تحت ظل رمحي)) الجهاد ماض إلى يوم القيامة، الضعاف لا يحملون أمانة، لم يوسد الله أمانةً لضعيف، دائما الأمانة تابعة للقوة، {إن خير من استاجرت القوي الامين} قوة الأمة ضرورية لتحتل موقعها وموضعها الذي وضعها الله عز وجل فيه، فتكون شاهدة على الناس، لن يمكن ذلك إلا إذا كانت أمة وسطا في مختلف المجالات، إذ ذاك يمكن لها أن تنجز ما يمكن إنجازه لها وللناس وللعالم.

ولتحقق الأمة رسالتها، لابد من ثلاثة أمور :

الأول : وحدة الإيمان أساس وحدة الأوطان، وليس العكس.

الثاني : لا قيمة للأوطان في الأمة ما لم تنصهر جميعها في كيان.

الثالث :وحدة اللسان شرط لرص البنيان ووحدة الكيان.

الأمر الأول : وحدة الإيمان أساس وحدة الأوطان، ما الذي يجمع الناس في هذه الأمة وفي ميزان هذه الأمة، وفي منطق هذه الأمة وفي كتاب هذه الأمة؟ إنه شيء واحد هو الدين فقط، هو وحده الجامع، يختلف الناس في الأفكار، يختلفون في مساقط الرأس، يختلفون في أصولهم التاريخية القديمة، يختلفون جغرافيا، يختلفون ويختلفون. . . لكن الشيء الذي يجمع أبناء الأمة  جميعا هو الدين، هو الله : لا إله إلا الله محمد رسول الله، إذا زال هذا الجامع تشتت الناس وكل ذهب إلى رايته، إلى تلك التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : ((…دعوها فإنها منتنة))(رواه البخاري). شيء واحد يجمعنا محليا ودوليا هو هذا فقط. فوحدة الإيمان هي التي يجب أن ترسخ، وتوسع ويمكّن لها ويجمع الناس جامعها، ليس لهم جامع سواها.

والأمر الثاني :لا قيمة للأوطان في الأمة، ما لم تنصهر كلها في كيان. الأوطان مجرد مرحلة، نعم صنعها الغرب كما قلت، ويريد تفتيتها من جديد ما استطاع إلى ذلك سبيلا، ولكنها في منطق الصعود لها نسق آخر، هي مرحلة من المراحل، توحيد الأوطان، توحيد لأبناء كل وطن على الحق، على أصل الوحدة، على الدين، هذا تمكين لوحدة الأمة جمعاء في كيان جامع لها بأي نوع من أنواع الجمع، لا حرج ولا إشكال في هذا الموضوع، حتى ولوسمينا أنفسنا الولايات المتحدة الإسلامية، بأي طريقة تمت. هذه الخمسون ولاية الموجودة بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكنها منظمة وتسيربنظام واحد، بوزارة تعليم، ووزارة دفاع واحدة وكذا وكذا… نحن أحق بكل ذلك منهم، سبع وخمسون دولة الآن من حقها أن تتجمع، ما عندها من خيرات وثروات، ما ادخر الله لها في باطن الأرض  وفي  داخلها من ذهب أسود وذهب أصفر، وذهب أبيض، جميع أنواع الثروة توجد عندها، وثروة البشر عندها أكثر مما عند سواها. هذه الأوطان مرشحة لتنصهر جميعا في بوتقة كيان واحد، هي الأمة المنتظرة في نهاية هذا القرن إن شاء الله تعالى.

الأمر الثالث : وحدة اللسان شرط لرص ذلك البنيان ووحدة الكيان. وحدة اللسان مطلقا، الولايات المتحدة الآن عندها اللغة الإنجليزية، عموما عندما تجتمع دولة ما، أمة ما على لغة واحدة، يكون ذلك مصدر قوة لها، بناء على أن اللغة كما قلت من قبل ليست أداة للتواصل فقط، بل  هي حاملة لمضامين حضارية، مضامين فكرية تقرب الناس من بعضهم، وتسهل انصهارهم وتسهل توحدهم. فاللغة الواحدة تعتبر منعناصر الوحدة حتى عند غيرنا، ولكن عندنا نحن، لها وجه آخر، وتلك اللغة هي لغة القرآن، هي اللغة العربية.

النقطة الرابعة: موجبات العناية باللسان العربي في الأمة اليوم :

الموجب الأول أنه لسان الوحي الجامع.

والموجب الثاني أنه لسان التراث الجامع.

والموجب الثالث أنه لسان الغد الجامع.

اللسان العربي هو لسان القرآن، والقرآن الكريم هو كتاب البشرية جمعاء، وكتاب هذه الأمة خاصة. هذا الكتاب لا يمكن أن يقرأ إلا بالعربية، الذي يقرأ القرآن بالترجمة الإنجليزية أوبالترجمة الإيطالية أوأي لغة، لا يقرأ القرآن، وإنما يقرأ فهم الترجمان للقرآن، أوالمفكر أوالباحث، لا يقرأ القرآن بحال، القرآن لا يقرأ إلا بالعربية، ولا يفهم ولا يستنبط منه إلا بالعربية. ولذلك لا يمكن أن نتصور بلدا إسلاميا ليست لغته العربية، كيف؟ بمنطق القرآن لا يمكن، كيف يمكن أن يتذوق كتاب ربه ويعرف رسالة ربه بغير العربية، يعرف ذلك بالواسطة ولكن يكون عالة على تلك الواسطة. والله عز وجل يقول: {ادعوني أستجب لكم} كل ذلك يدعونا إلى أن نتصل به بكلامه مباشرة بدون واسطة، هذا من أسرار هذا القرآن، هذا التدبر الذي يحدث في أيام رمضان هل يتيسر لغير أهل العربية؟ لا يمكن، ربما يسمع أنغاما جميلة، ولحنا مباركا، ويكون في جو طيب، لكن لن يتذوقه إلا إذا كان يعرف العربية. ومع العربية الإيمان ((فإذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان)) لابد من الإيمان، لأنه إذا أتقن من العربية ما شاء، فإنه لا يفيده ذلك {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء وَالَّذِينَ لَا يُومِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى}.

فالموجب الأول أن هذا اللسان هو لسان الوحي الجامع، لماذا قلت الوحي ليشمل الكتاب والسنة، وقلت الجامع لأن الأمة بعد مرحلة تنزل الوحي بدأت بالتشتت، الوحي هوالجامع الأكبر لهذه الأمة، هوالمنطلق الذي انطلقت منه فروعها، وفروع علومها، كل ذلك انطلق من هذا الأصل الجامع، فينبغي الآن العودة إلى هذا الأصل الجامع إذا أردنا أن نجمع كلمة الأمة من جديد. لن تجتمع الأمة اليوم ولا بعد اليوم على فرع من الفروع لأن الفروع الأخرى ستقاوم، لن تجتمع على طائفة، لن تجتمع على مذهب معين، أبدا، لن تجتمع إلا على الأمر الجامع، إلا على ما كانت عليه أول مرة مجتمعة.

التفريق والشرذمة جاءا من مصدرين كبيرين: مصدر تاريخي ولا سيما في القرون المتأخرة، ومصدر معاصر جاء من شمال الكرة الأرضية بالأساس، حيث يقطن الشيطان الأكبر. هذان المصدران هما اللذان صنعا واقع الأمة اليوم :

المعاصر يجرها جرّاً إلى عالم بعيد نهائيا، إلى عالم لا تُشَمُّ فيه رائحة الوحدة، والتاريخي يجرها جرّاً إلى  الفرقة والتشتت، يجرها إلى ما لا يجمع كلمة الأمة جمعاء.

فلابد من تدخل العلماء العقلاء على مراحل، لأن ما انهدم عبر قرون، فلا يمكن أن يعود من جديد دفعة واحدة، رغم أن العبارة سهلة وميسرة ومفهومة وهي ((لن يصلح آخر هذا الأمر إلا بما صلح به أوله))، إلا أن هذا الإصلاح كما قلت في بداية الكلام يحتاج إلى مجاهدات  واجتهادات فردية وجماعية وجهاد عام وجهاد خاص لنستطيع أن نبني الغد الجامع الذي تجتمع عليه الأمة.

وأيضا هذا اللسان العربي هو لسان التراث الجامع، التراث العام الذي يجمع ماليزيا، مع باكستان مع أفغانستان، مع العراق مع المغرب مع السودان، يجمع أكثر من 57 دولة. هذا التراث الجامع أصله مكتوب باللغة العربية، لماذا؟ لأنه لما كانت الأمة في مرحلة المد، تمكنت العربية من الأرض، تمكنت من القلوب، قبل أن تتمكن من الناس، فحين أخلدت الأمة إلى الأرض للأسف بدأ فيها  الوهن، وإذ ذاك انطلقت النعرات القومية، وأطلت اللهجات برؤوسها، فتمكنت الفارسية من جديد من الفرس. وتمكنت التركية من الأتراك -ومثلهما غيرهما- وبقي الحرف العربي يستعمل إلى أول القرن الماضي. الآن استطاع الغرب أن يزحزح الحرف العربي عن موقعه، وأحل محله الحرف اللاتيني. ولكن أحسب أن هؤلاء الناس الذين يعودون إلى الله تعالى في تركيا، ولما يمكّن لهم في الأرض سيعيدون الحرف العربي كما كان في اللغة التركية السابقة، قبل أن توزع أوروبا تركة الرجل المريض كما يقال في التاريخ.

ولكون اللغة العربية اللسان الجامع في الدين واللسان الجامع في التاريخ، فهي أيضا لسان الغد الجامع. لا توجد أي جهة من هذه 57 دولة تسمح لدولة أخرى بأن تفرض عليها  لهجتها. لكل بلد لهجاته، وتلك اللهجات لا تقبل أن تتنازل للهجات أخرى من دولة أخرى، فكيف تجتمع الأمة؟ بأي لسان يمكن أن تجتمع؟ لن تجتمع إلا بلسان عربي، وبه تقف بين يدي الله، وبه تقرأ الفاتحة، وتقرأ  كتاب ربها.

النقطة الخامسة: ضرورة جعل اللسان العربي لغة رسمية في جميع دول منظمة المؤتمر الإسلامي :

فإذن إذا أردنا تسريع اجتماع الأمة، نحتاج إلى التمكين للغة العربية في جميع أقطار الأمة الإسلامية اليوم، بجعل اللغة العربية لغة رسمية في جميع دول المؤتمر الإسلامي أي في جميع دول العالم الإسلامي. هي الآن في بعض الدول التي تتقدم نحوالإسلام، أصبحت اللسان الثاني كحال ماليزيا على سبيل المثال، وتركيا الآن تتقدم أيضا في هذا الاتجاه وعدد من الدول تسير في هذا الاتجاه، لكن لن يكون التأثير  المطلوب إلا إذا مكن لهذا اللسان ليس في العالم العربي ولكن في جميع دول العالم الإسلامي. لأن التمكين له يجر معه التمكين للوحدة، ويجر معه التمكين للتراث المشترك، ويجر معه التمكين لما أشرت إليه من قبل، وهوالتمكين لتلك الرؤية المضمنة  في هذه اللغة، والمنطق المضمن في هذه اللغة، والثقافة المضمنة في هذه اللغة.

فالله أسأل أن يجمع كلمة هذه الأمة على الأحب إليه والأرضى له، اللهم اجمع كلمة هذه الأمة بفضلك العظيم، والسلام عليكم ورحمته تعالى وبركاته.

>    أ.د. الشاهد البوشيخي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>