عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي ركبا بالروحاء فقال : “من القوم” قالوا : المسلمون، فقالوا : من أنت؟ قال : “رسول الله” فرفعت إليه امرأة صبيا فقالت : ألهذا حجٌّ؟ قال : “نعم ولك أجر”(رواه مسلم).
إن إرشاد الصبي إلى العبادة، وتربيته على الطاعة هو من صميم التعاون على إصلاح الأخلاق داخل المجتمع، إذ الولد عند خروجه من البيت سيحتك بغيره فيؤثر في رفقته بأخلاقه وسلوكه، فإن كانت تربيته حسنة فالخير يبدأ بفرد وينتشر إلى الآخرين، وإذا كانت تربيته سيئة فالعدوى تصيب المرافقين، وكم يندم أهل الضلال يوم القيامة على اختيارهم الرفقة السيئة، يقول الله تعالى :{يوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا، يا ويلتا ليتني لم اتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولا}(الفرقان : 28) هذه هي عواقب الرفقة المنحرفة على تربية الأبناء، الضلال عن الذكر، والبقاء مع الغافلين في الحياة الدنيا، وسوء المنقلب في الآخرة، فلهذا أوصى نوح عليه السلام ابنه ألا يكون مع الرفقة الجاحدة بالإيمان فقال له : {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين}(هود : 42).
فلما تمرد الابن ولم يسمع نصيحة أبيه واختار صحبة الكفار كان منهم، والقاعدة في الحديث الشريف تقول : “المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل”(1). فلما كان الأبناء داخل المجتمع يتأثر بعضهم ببعض كانت تربية الأولاد من أهم أنواع التعاون على تحصين المجتمع من الانحراف، فلهذا لما قالت المرأة : ألهذا حج؟ قال : “نعم ولك أجر” لك أجر على تعليمه مناسك الحج وكلها صلاة ودعاء، ولك أجر على تعليمه مقاصد الحج، وهي الابتعاد عن الرفث وهو الكلام الساقط الفاحش، والفسوق وهي المعاصي، والجدال، وهو المخاصمة وسوء الصحبة، وهذا يشبه قول النبي صلى الله عليه وسلم : “من حفظ القرآن وعمل بما فيه ألبس الله والديه تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا، فما ظنكم بالذي عمل بهذا”(2).
فلو أن أبناءنا أخذوا حظهم من القرآن لكان مستقبل أمتنا قرآنيا ولا شك، وحين يتضح هذا تدرك أن من تعاون على تحقيقه يستحق تاج الوقار يوم القيامة.
ذ. عبد الحميد صدوق
—- —-
1- رواه الترمذي
2- رواه أبو داود.