بِنَبْضِ القلب – الجذور


“…إني لا أخشى هبوب الرياح على بيتي

ولا أحب إحكام غلق نوافذي

بل أريد أن تهب على بيتي رياح

ثقافة كل أرض، وتعصف

حوله بكل حرية، لكن من غير

أن تقتلع جذوري…” (غاندي)

من قدر أي شعب أن ينفتح على  باقي الشعوب وأن يمتح من شتى الثقافات، تلك هي سنة التدافع التي لا يمكن  لأمة أن تتحاشاها إن أرادت أن تجعل لها مكانا بين الأمم، وأن تُمكن لهويتها وثقافتها، وإلا أصبحت مجرد رقم على  خريطة الكون… العيب ليس في الانفتاح والتلاقح، وتداول الأفكار والمدارك العلمية، بل العيب كل العيب أن ينسلخ المرء من جلده ويلبس جلد الآخر، أو أن يحشر نفسه في مقعد لا يناسب جسمه وبدل أن يبحث له عن المقعد الملائم، نجده يضغط على  حجمه ليحشره قسرا في ذلك الحيز الضيق.

لقد حاول أتاتورك حشر تركيا في بوتقة علمانية متطرفة، وأن يغير كتابة لغتها ولباس أهلها، لكنه لم يفطن إلى  مكنون القيم التي راكمها الأتراك خلال مسيرتهم الحضارية، والتي ظلت بمثابة الجذور الممسكة بتلابيب التربة، والتي من خلالها ظلت شجرة القيم تحافظ على جذوتها وخضرتها فكلما ظل الغصن ملتصقا بجذع الشجرة، بقي محافظا على  اخضراره مهما هبت رياح التغيير، لأن هذه الرياح تصبح مساعدة على البقاء بفعل حبوب اللقاح التي تحملها للغصن وللنبتة، لكنها غير قادرة على  اجتثاث الغصن المتشبت بالأصل، وما أجمل ما قاله شاعر وفيلسوف الإسلام محمد إقبال رحمه الله في هذا الشأن :

الغصن الذي انفصل عن الشجرة

لا يمكنه أن يورق رغم قدوم الربيع

ذلك قانون الزمان..

فإذا ما داهمك الذبول

احرص أن تبقى ملتصقا

بالشجرة…

وضع أملك في الربيع

ذ. أحمد الأشهب

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>