التمويلات البنكية البديلة بالمغرب : الواقع والتحديات


لقد أضحى الاقتصاد في واقعنا المعاصر واحد من المقومات الأساسية التي لا محيد عنها لأي أمة تضطلع لتحقيق الريادة، وتثبيت دورها ومكانتها ضمن الأمم، خاصة في ظل التدافع الحضاري، والتنافس الاقتصادي وكذا المعرفي الذي أصبح سمة العصر. وإذا كانت العولمة بمختلف مظاهرها وتجلياتها، وكذا آليات عملها، أصبحت واقعا ملموسا لا يمكن إغفال ما قد يترتب عنها من سلبيات، خصوصا تلك التي تمس جانب الهوية الثقافية، وكذا القيم الإنسانية والحضارية، فان الوضع أصبح يستلزم بالضرورة الحفاظ على القيم الدينية والتمسك بها، ثم تفعيل مبادئ الشريعة الإسلامية، وتنزيل أحكامها على ارض الواقع في مختلف المجالات، وعلى كافة المستويات. فالمنهج الإسلامي بكل مكوناته يعتبر منهجا عمليا أصيلا ومتميزا، ويمثل سياجا منيعا يحفظ للمسلم كرامته، بل وللأمة عزتها ومكانتها.

من تـاريـخ التمـويلات البنكية البـديلة فـي الـمغرب

ويعتبر الاقتصاد الإسلامي بمختلف تجلياته، أحد الجوانب المعرفية والمقومات العملية التي لا يمكن تجاهل دورها وفعاليتها، خصوصا في ظل المتغيرات والمستجدات الاقتصادية المعاصرة. فعلى سبيل المثال نجد أن الصيرفة الإسلامية استطاعت أن تحجز لنفسها موقعا لا يستهان به ضمن المؤسسات الاقتصادية العالمية ذات التاريخ العريق والتجربة الطويلة،بل الأكثر من ذلك أنها تمكنت من الصمود أمام تأثيرات الأزمة العالمية الاقتصادية وتداعياتها، بحكم تميز مبادئها وخصوصيات آليات عملها، والتي تقوم بالأساس على الاستثمار الفعلي  من خلال تصحيح دور النقود كوسيلة للاقتصاد الحقيقي عوض الاتجار فيها أو اتخاذها سلعة تقوم بثمن هو سعر الفائدة، بالإضافة إلى اعتمادها على أسلوب المشاركة في الربح والخسارةبناء على قاعدة الغنم بالغرم، واجتناب العمل بنظام المشتقات المالية والتي تقوم على الغرر والقمار والاحتكار، وكلها معاملات محرمة من منظور الشريعة الإسلامية.

ويعتبر المغرب من بين الدول الإسلامية التي انفتحت على التطبيقات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة، وذلك من خلال اعتماده في السنوات الأخيرة على جملة من المنتجات أو الصيغ الشرعية في مجال الاقتصاد الإسلامي، مثل المرابحة والإجارة والمشاركة. والجدير بالذكر أن المغرب على الرغم من أنه تأخر نسبيا على مستوى الانفتاح على التمويلات الإسلامية -مقارنة مع كثير من الدول العربية والإسلامية- فهو مع ذلك أسهم بشكل فعال في دعم حركة إنشاء المصارف الإسلامية بمختلف الوسائل، نذكر منها استضافته لكثير من المؤتمرات السياسية والندوات العلمية المرتبطة بمجال التمويل المصرفي. فعلى سبيل المثال نجد أن فكرة إنشاء البنك الإسلامي للتنمية عرفت ميلادها بالرباط من خلال اجتماع المؤتمر الأول بتاريخ 25 شتنبر 1969. كما تم تنظيم ندوة التطبيقات الاقتصادية الإسلامية المعاصرة بمبادرة من الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي- والتي تمثل أبرز إطار معرفي يحرص على تنوير الرأي العام بأهمية الاقتصاد الإسلامي، ودوره في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية – وبتعاون مع المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية بجدة وذلك مابين 5و8 ماي 1998 م في مدينة الدار البيضاء. ومن بين التوصيات التي خلصت إليها الندوة، المطالبة بتعديل القانون البنكي بشكل يتيح الفرصة أمام البنوك المغربية لفتح شبابيك للمنتجات المصرفية المطابقة لأحكام الشريعة الإسلامية، وتأسيس مؤسسات مصرفية تعمل وفق هذه الأحكام بقصد تعبئة الموارد العاطلة وتوجيهها نحو الاستثمار، ثم إدخال صيغ مطابقة الشريعة الإسلامية في مشروع قانون التمويلات الصغرى (1).

ويمثل تاريخ فاتح أكتوبر 2007 منعطفا أساسيا ومرحلة مهمة، حيث تم من خلالها الإعلان عن الانطلاقة الرسمية لبدء عملية تطبيق بعض صيغ التمويل الإسلامية، والتي أطلق عليها اسم المنتجات البديلة. وقد بدأت عملية تسويقها من طرف المؤسسات البنكية المغربية، ويتعلق الأمر ب”دار الصفاء” التابعة لـ التجاري وفا بنك، ثم البنك المغربي للتجارة والصناعة، والبنك الشعبي. وهذه الصيغ كما أسلفت الذكر هي الإجارة والمشاركة والمرابحة.

تعـريف الإجـارة والـمشـاركة والـمـرابحـة وأهـميتها

ويقصد بالإجارة حسب بنك المغرب “كل عقد تضع بموجبه مؤسسة الائتمان، عن طريق الإيجار منقولات أو عقارات معلومة ومحددة ومملوكة لها تحت تصرف احد العملاء لاستعمال مسموح به قانونا”. بينما يقصد بالمشاركة : “كل عقد يكون الهدف منه اشتراك مؤسسة الائتمان بمساهمة في رأسمال شركة موجودة أو قيد الإنشاء من أجل تحقيق الربح.يشارك الطرفان في تحمل الخسائر في حدود مساهماتهما، وفي الأرباح حسب نسب محددة مسبقا بينهما”. أما المرابحة فهي : “كل عقد تقتني بموجبه إحدى مؤسسات الائتمان على سبيل التمليك، وبناء على طلب أحد العملاء، منقولا أو عقارا من أجل إعادة بيعه له بتكلفة الشراء مع زيادة ربح معلوم يتم الاتفاق عليه مسبقا”.

ومما لاشك فيه أن اعتماد هذه الصيغ البديلة من شانه أن يعطي دفعة قوية ويساهم في تحريك دواليب الاقتصاد، وتحقيق تنمية على مستوى النسيج الاقتصادي الوطني، وذلك من خلال تعبئة الموارد المالية وفسح المجال أمام الكثير من الأشخاص الذين يدخرون أموالهم، ويمتنعون عن التعامل مع البنوك التجارية التقليدية بحكم أن هذه الأخيرة تتعامل بالربا أخذا وعطاء. كما أن هذا الأمر من شانه أن يشجع على الاستثمار، ويزيد من فرص العمل ومن نسب الإنتاج. لهذا يمكن القول إن انفتاح المغرب على هذه التمويلات البديلة يعتبر نقطة انطلاق ايجابية، ومكسبا مهما يستجيب لحاجات الأفراد ولمتطلبات الاقتصاد في أفق تطوير هذه التجربة بشكل تدريجي لتحقيق مقصد أسمي ألا وهو إنشاء بنوك إسلامية بالمغرب.

تحـديـات التمـويـلات البنكية البديلة بالـمغرب

وثمة إشكال يطرح بخصوص هذه الصيغ التمويلية يكمن في كيفية تنزيل هذه الأدوات على مستوى الواقع، وتفعيلها بشكل ايجابي من خلال استحضار الضوابط الفقهية والمبادئ الشرعية عند التطبيق.بالإضافة إلى ضرورة مراعاة مبدأ المرونة على المستوى القانوني والإداري، وذلك من خلال الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات هذه الصيغ الشرعية وطبيعة الأحكام الخاصة بها. وفي هذا السياق تم تسجيل جملة من الملاحظات الجوهرية بخصوص مدى التقدم الحاصل على مستوى التطبيق نذكر منها أن الوتيرة التي تتقدم بها عملية تفعيل هذه الصيغ ما زالت بطيئة جدا، بحكم غياب الشروط الموضوعية التي تساعد في تحقيق الأهداف المسطرة في السابق. فحسب بنك المغرب فان قيمة المعاملات أو المنتجات المالية البديلة وصلت إلى حدود شهر مارس 2010  ما قيمته 700 مليون درهم(2). وتعتبر هذه النسبة هزيلة مقارنة مع حجم الاستثمارات السنوية بالمغرب، الشيء الذي يطرح أكثر من تساؤل حول أسباب ضعف حجم الدور التمويلي المنتظر تحققه على أرض الواقع. وإذا كان من الصعب على المستوى الاقتصادي تقويم تجربة ما في فترة وجيزة لم تصل بعد إلى حدود خمس أو ست سنوات على الأقل، لكنه مع ذلك تبقى عملية التقويم هذه مسألة ضرورية بحكم أنها تركز بالأساس على أهم الأسباب المباشرة ذات الارتباط الواضح بالتعثر الحاصل على مستوى تطبيق هذه الصيغ الشرعية، والتي يمكن إجمالها في العناصر التالية:

أ- غياب الحملات الاشهارية التي تعرف بهذه التمويلات، فقد انطلقت هذه الأخيرة بشكل محتشم، ولم تحظ باهتمام على مستوى الإعلام، الشيء الذي أثار تساؤلات المحللين الاقتصاديين الذين استغربوا بخصوص الصيغة التي انطلقت بها هذه التمويلات، نذكر من بينهم الخبير الاقتصادي المغربي الدكتور عمر الكتاني الذي قال بأن “هناك غموضاً في تفسير أسباب انطلاق هذه المعاملات، فالخطاب الرسمي يقول إنها جاءت تلبية لرغبات الجمهور في الانفتاح على أساليب جديدة في التعامل مع البنوك دون ذكر هويتها الإسلامية، ولا التشهير لها، وكأنها مولود غير شرعي لهذه البنوك يجب التستر عليه، مع العلم أن إنشاء بنوك إسلامية هو مطلب وضع على طاولة البرلمان المغربي منذ أزيد من عقدين”(3).

ب- ضعف التكوين إن لم نقل غيابه على مستوى الأطر والعاملين بالبنوك التقليدية في ما يرجع إلى حقيقة هذه المنتجات المالية الإسلامية، وما يرتبط بها من ضوابط وأحكام شرعية، وشروط فقهية دقيقة. فلا شك أن العمل بهذه المنتجات يقتضي بالضرورة ويستلزم بالأساس، أن يكون هناك تكوين فقهي شرعي متكامل، وكذا تأطير علمي وعملي للعاملين بهذه المؤسسات المالية، حتى يكونوا في مستوى تقديم هذه الأدوات التمويلية بطريقة صحيحة تراعي الضوابط الشرعية. ومن أجل ذلك يبدو أنه من الأفيد إنشاء معاهد عليا متخصصة في مجال الاقتصاد الإسلامي عامة والصيرفة الإسلامية خاصة، لدعم المؤسسات البنكية بأطر متخصصة تجمع بين المعرفة الشرعية المصرفية، والتكوين الفني والتقني المرتبط بالمجال الاقتصادي.

جـ- غياب جهاز الرقابة الشرعية في البنوك التقليدية التي اعتمدت هذه الصيغ البديلة، فكما هو معلوم فان هيئة الرقابة الشرعية تعتبر ضرورية بالنظر إلى طبيعة المهام الملقاة على عاتقها والدور المنوط بها، والذي يتحدد على وجه الخصوص في الاشتراك في وضع نماذج العقود والعمليات الخاصة بالبنك، ثم التحقق من مشروعية معاملات البنك وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، وإبداء الرأي فيما يعرض عليها من مسائل أثناء ممارستها لنشاطها.

د- تحديات ذات طبيعة قانونية وتنظيمية، حيث لوحظ على مستوى المساطير القانونية المتبعة، أن هناك مجموعة من التعقيدات الإدارية، وارتفاع كلفة هذه الصيغ التمويلية بسبب الضرائب المفروضة عليها.وعلى الرغم من بعض التعديلات التي تمت في السنة الماضية خاصة بالنسبة لصيغة  المرابحة التي استفادت  نسبيا من خلال حذف مسألة الازدواج الضريبي ثم تخفيض نسبة الضريبة على القيمة المضافة من 20%  إلى 10%، لكن مع ذلك تبقى هذه التمويلات البديلة أكثر تكلفة مقارنة مع  التمويلات التقليدية أي القروض الربوية، وهو ما ينعكس سلبا على حجم أو نسبة الإقبال على التمويلات البديلة بحكم أن المواطنين غير قادرين على تحمل الكلفة المرتفعة لهذه التمويلات. كما نلاحظ أيضا غياب صيغة المشاركة على مستوى التطبيق العملي ليكتفى فقط بصيغتي الإجارة والمرابحة على وجه الخصوص، وهو ما يجعلنا نتساءل : ما جدوى التنصيص على تمويلات إسلامية دون تفعيلها على أرض الواقع؟

هـ-  إغفال أو تجاهل لصيغ شرعية تمثل آليات عملية كفيلة بالإسهام في تحقيق تنمية مباشرة وتحفيزالمستثمرين للإقبال على جملة من الأنشطة الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية، ومن ذلك مثلا صيغة المضاربة أو ما يسمى بالقراض من الناحية الشرعية،ثم السلم و الاستصناع. ويقصد بالمضاربة “أن يدفع رجل ماله إلى آخر يتجر له فيه، على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه”(4)،  فهذا العقد يقوم على أساس تقديم المال من جانب و العمل أو الجهد من جانب آخر، على أن تكون حصة كل من الطرفين في الربح جزءا مشاعا ومعلوما. وتعتبر هذه الصيغة في جوهرها نظاما يؤلف بين رأس المال والجهد الإنساني على أساس المشاركة في الغنم والغرم.

أما عن أهمية هذه الصيغة الاستثمارية فتكمن في كونها تسخر المال لكل قادر على العمل فيه بحسب خبرته ومهنته، وتزداد أهميتها إذا ما تم تطبيقها في إطار العمل المنظم لتستوعب مختلف المجالات، وبالتالي تساهم في تحقيق التنمية والتخفيف من حدة البطالة، خاصة بالنسبة لأصحاب الكفاءات والخبرات. وكما هو معلوم فقد تم تطوير نظام المضاربة من صيغته الثنائية البسيطة إلى صيغة أكثر شمولية، وهي ما يطلق عليها بنظام المضاربة المشتركة.

أما عقد السلم فهو نوع من أنواع البيوع المشروعة والذي يتم من خلاله تقديم الثمن، أي أداؤه مسبقا وتأخير المثمن كالبضاعة مثلا إلى أجل، وهو ما يستفاد من تعريف الإمام الدردير وهو من علماء المذهب المالكي والذي جاء فيه : “بيع يتقدم فيه رأس المال ويتأخر المثمن لأجل”(5). وتكمن أهمية هذا العقد في كونه يمثل بديلا حقيقيا وشرعيا للتمويل عن طريق القرض بفائدة، فبفضله يتم تغطية نفقات الإنتاج، وتطوير وسائله وتحسين ظروفه. كما أنه يكون أرفق من التمويل الربوي حيث إنه لا يضيفإلى رأس المال التكلفة التي تضيفها الفائدة، والتي تزداد نسبتها كلما عجز المدين عن الوفاء في الوقت المحدد.

وبخصوص عقد الاستصناع، فهو عقد بموجبه يلتزم المشتري بشراء شيء مما يتم صنعه، على أن يلتزم البائع بدوره بتقديم الشيء المصنوع وفق مواصفات محددة، وبثمن متفق عليه. ويتضمن عقد الاستصناع معنى الإجارة، حيث إن الصانع سوف ينتج الصنعة المطلوبة بنفسه وفقا للمواصفات التي حددها المستصنع، وذلك مقابل ثمن محدد هو بمثابة أجر. والفرق بين العقدين، أن العامل في عقد الاستصناع يأتي بمادة الاستصناع، أما في الإجارة فمادة العمل من طالب الصنعة. كما يشبه عقد  الاستصناع  عقد السلم “لأنه بيع المعدوم، وأن الشيء المصنوع ملتزم عند العقد في ذمة الصانع البائع. ولكنه يفترق عنه من حيث إنه لا يجب فيه تعجيل الثمن، ولا بيان مدة للصنع والتسليم، ولا  كون المصنوع مما يوجد في الأسواق”(6). وتتجلى الأهمية الاقتصادية لهذا العقد في كونه يمثل أداة شرعية لحث صغار المنتجين والصناع على الإنتاج، وكذا تمويل المشروعات الاستثمارية، وتحفيز المقاولات الصغرى والمتوسطة على تحقيق إنتاجية، وتوفير الإمكانيات اللازمة لتطوير عملها.

ونأمل أن  يتم إخراج هذه الصيغ الشرعية إلى حيز الوجود في أقرب وقت ممكن كي تستفيد منها المقاولات المغربية، وبالتالي خلق دينامكية جديدة في مجال الاستثمارات لتحقيق تنمية تخدم مصالح المجتمع، وتمكنه من توفير مختلف حاجياته سواء على مستوى التمويل، أو على مستوى الإنتاج بشكل عام.

    د. محمد الوردي

alouardi1972@gmail.com

—-

1- د. سعد الدين العثماني، التطبيقات المعاصرة للاقتصاد الإسلامي.مجلة الفرقان،ع:42، ص:4.

2- ينظر: جريدة التجديد ع 2274 ص:06 / ثم جريدة المساء ع:1151 ص:9.

3- ينظر نص الحوار الذي أجرته جريدة الصباح مع الدكتور عمر الكتاني بتاريخ :09/02/2010..ع:3058 ص:6.

4- الإمام ابن قدامة، المغني ج5/ص134.منشورات المكتبة السلفية بالمدينة المنورة.

5- الإمام الدردير، الشرح الكبير ج3/ص195.(مطبوع بهامش حاشية الدسوقي) دار الفكر.

6- د.وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته ج4/ص631. ط:2، دار الفكر دمشق.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>