عبد اللطيف الحجامي: ارتبط باسمه مشروع إنقاذ فاس، وتأسيس المدرسة الوطنية للمهندسين(ü)
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة على خير المرسلين، الأخوات والإخوة أعضاء عائلة المرحوم، الأخوات والإخوة أصدقاء ومحبي الأستاذ المرحوم عبد اللطيف الحجامي. لم أكن أنوي الوقوف أمامكم اليوم، لكن عندما طلب مني الإخوة المنظمون تقديم كلمة في هذا المحفل الرهيب لم أتردد لسبب بسيط، لأن الرجل الأستاذ عبد اللطيف الحجامي أعطى لهذا البلد ولهذا الوطن الشيء الكثير، ويمكن لي أن أقول بدون أن أبالغ أننا تعلمنا منه الشيء الكثير سواء من قريب أو من بعيد، فالأستاذ عبد اللطيف الحجامي -بعد كل ما سمعناه وما رأيناه- هو مكافح ومناضل، وليس بغريب فهو ينتمي إلى عائلة أعطت الشيء الكثير،في مكافحة الاستعمار وأعطت الشيء الكثير في العمل الفكري والثقافي، وأيضا في العمل السياسي.
فالأستاذ عبد اللطيف الحجامي، شاءت الظروف أن أتعرف عليه في الثمانينات عندما بدأت الاشتغال في كلية فاس بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، وكنا مع مجموعة من الأساتذة في قسم الجغرافيا، شرعنا في الاشتغال لإنجاز أطلس المدينة القديمة بفاس كإسهام من كلية الآداب والعلوم الإنسانية في المشروع الوطني الكبير، الذي كان يهم إعادة الاعتبار وإنقاذ مدينة فاس.
فتعرفنا في الواقع ليس على المهندس، بل على الرجل الذي كان مسئولا بمدينة فاس عارفا بدقائقها متمكنا من مشاكلها، عارفا وعالما بتاريخها، متمكنا أيضا من كل ما يهم فاس ومن خلال فاس كما تفضل الإخوة السابقون، متمكنا في كل ما يتعلق بقضايا العمران الأصيل في المغرب وفي العالم الإسلامي.
فإليه يرجع الفضل في تأسيس مدرسة قائمة الذات.وأعتقد أنه عندما نتحدث عن مدرسة، فليس هناك أدنى مبالغة، فالأستاذ عبد اللطيف كان سباقا لإدراك أهمية المعمار الأصيل في بناء الهوية الوطنية المغربية وكان سابقا لعصره لأنه اشتغل دائما في وضع غير مريح، بل كافح وقاوم وأعطى الشيء الكثير ليقنع المسئولين والمهتمين بأهمية الأخذ بعين الاعتبار القضايا العمرانية الأصيلة، فبصماته لا زالت واضحة بقوة في أول تصميم مديري لمدينة فاس.
فإليه يرجع الفضل في وضع المدينة الأصيلة في قلب المخطط العمراني لمدينة فاس.وأصدقاؤه الحاضرون معنا اليوم يذكرون كلهم مقاومته وكفاحه، وكم كان قادرا على الدفاع عن هذه المنهجية التي كان البعض يعتقد أنها ليست لها أهمية آنذاك، ولحسن الحظ أن التاريخ أثبت صحة ووجاهة اقتراحات الأستاذ عبد اللطيف آنذاك. وإليه يرجع الفضل في تصنيف مدينة فاس كتراث معماري عالمي، فهو الذي أشرف شخصيا على وضع الكتب وعلى إنجاز الملف الذي قدم آنذاك لمنظمة اليونسكو، وكنا نعرف جميعا أنه لم يكن يتوفر علىإمكانيات كبيرة، وأنه كان يشتغل في مناخ لم يكن دائما مناخا ملائما. وإليه كذلك يرجع الفضل في كل ما أنجز على أرض الواقع بمدينة فاس، وإليه يرجع الفضل في بناء وتشكيل المدرسة الوطنية اليوم، التي تهتم بقضايا العمران الأصيل والعمران التقليدي.
فالوقت لا يسمح ببسط وتقديم كل ما قدمه الأستاذ عبد الطيف الحجامي لهذا البلد ولهذا الوطن،فيكفيه فخرا أن طلبته وأبناءه وأحباءه، والكثير من محبيه وأصدقائه يسيرون اليوم على نفس الدرب والخطى التي ناضل عبد اللطيف حجامي من أجل إثباتها ومن أجل بنائها.
هذه هي الكلمات التي أردت أن أسهم بها في هذا الحفل،وأطلب من الله تبارك وتعالى أن يرحمه وأن يجعله إن شاء الله بين الأنبياء والصديقين. وأن يجعلنا أن نكون في مستوى الاستمرار في ما بناه وفيما أسسه، عمرانا، وأخلاقا وسلوكا وعملا، وشكرا لحسن استماعكم.
———
(ü) كلمة قدمت في الحفل التأبيني الذي نظمته الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين المجلس الوطني واللجنة الجهوية لمدينة فاس بالرباط يوم 26 مارس 2011.
د. محمد عامر الوزير المنتدب المكلف بالجالية المغربية بالخارج