استطاعت تركيا أن تتخلص من مرتبة العالم الثاني إلى مرتبة الدول المتقدمة في ظل إدارة حزب العدالة والتنمية وما تزال حركة الصّعود دائبة وقد عرف الشعب التركي لذة التقدم مما جعله يضاعف الجهود، ولعل العرب يتأثرون بما يشاهدون من جيرانهم وقد بذلت إندونيسيا وماليزيا جهوداً مشابهة وحققتا من طموحهم الشيء الكثير.
ولما شاهدت ما حققه الشعبان من تقدم والعثرات التي اعترضتْهما صِرْت أسأل وأتساءل عن الأيدي الخفية التي تكمن وراء هذه المُعوّقات فوجدت أنها الأيدي الظاهرة والخفية ممن يملكون البنوك ومصادر المال يسْتغلون أموال المسلمين ويضربون بها المسلمين وقد زرت البلدين الشقيقين وشاهدت وسمعت طرفاً من مؤامرات تلك الأيدي، وقد بينت تركيا الجديدة أنها ما تزال تمثل العالم الإسلامي ممّا تراكم لديْها من تجارب حضارية وحسن استفادتها منها وكانت حركة سعيد النورسي من الحركات المباركة التي أسْهمت بقوة رائدة في يقظة هذا العالم بل في توسيعه وانطلاقه؛ لقد بذل العرب جُهودا مضنية لتحقيق مثل هذه الانطلاقة ولكن مقاومتها كانت شديدة ومتواصلة، وقد استطاع شباب تركيا من حزب العدالة والتنمية أن يجددوا حركة زعيمهم أربكان رحمه الله وأن يطبقوا كثيراً من مبادئه ودعوته.
وعلى العالم العربي أن يدرس تجارب الشرق الإسلامي حتى يلحق به دون حاجة إلى رفع شعاراته وقد شاهدت في ماليزيا كيف يغير الفرد الماليزي ومجتمعه دون إراقة الدماء مثل ما وقع في بعض البلدان الإسلامية التي لم تزدد بثوراتها إلا تخلفا وانحطاطاً وقد عشنا هذه الثورات وعرفنا بدايتها ونهايتها لأنهم اعتمدوا على “العسكر” التي وقع بعضها تحت النفوذ الاستعماري الجديد.
لقد حققت تركيا نهضات في مجالات اجتماعية وعلمية وهي لا تزداد إلا قوة وتقدما في مجالات علمية واجتماعية وصناعية. وليت العرب اتجهوا نحو تركيا للتعاون معها لأنها أعظم دولة إسلامية متقدمة وعلى استعداد لمساعدة المسلمين.
أ.د. عبد السلام الهراس