أصبحت عصبية، غاضبة، مترددة.. هل تصارحه؟! هل تنتقم منه بطريقتها؟! هل تذهب إلى أهلها؟! هل تطلب الطلاق.. هل؟!
أرقتها الحيرة.. فذلك الشيخ الوقور الحاج فلان لا يمكن أن يكذب!
شاع الخبر كالدخان.. استشارت ابنتها الكبرى : فقالت لها بحكمتها المعهودة : أبي لا يمكن أبدا أن يغضب الله.. فإن كان قد أخفى عنك زواجه، فلأنه يقدرك ويحترم مشاعرك.. بالعكس، تعاملي معه عادية وكأنك لم تسمعي شيئا!
تناست الأمر، لكن الوساوس تحفر بداخلها أخاديد ألم وحزن..
في مناسبة عائلية، همس ذلك الشيخ في أذنها : انظري هناك.. تلك الشابة هي التي أخذت منك زوجك.. أقسم أني رأيتهما في تلك المدينة البعيدة، يتجولان يدا في يد كعاشقين!
ذهلت المرأة.. صاح الشيخ أمام الحاضرين : حرام عليك.. مع منْ..؟! مع صبية في عمر ابنتك؟!
قهقهت الزوجة.. قهقه الحاضرون!
فمن تكونالشابة؟!
إنها ابنتهما الكبرى!
بكت المرأة سعادة، لأن الله هداها وألهمها رشدها، ولم تشتت شمل أسرتها.. وكانت كلما سيطرت عليها الوساوس، فرت إلى الله بالدعاء.. واستغفرته كثيرا، فإن بعض الظن إثم. كانت تعيش جحيما، وهي تنقب عن دليل إدانة لزوجها، تشك في حركاته وسكناته، وتعد له العدة للانتقام منه.. لكن الصبر عقلها، والدعاء لجم لسانها عن أي كلمة تهدم أسرتها..!
حين همت بالاعتذار لزوجها.. أخبرها أنه، بدوره، تحمل عذابا لا يطاق، فقد تحمل القذف مدة طويلة.. فكان كلما التقى قريبا له، أنَّبه متهما إياه بالزنا.. وهناك من هجره وشهر به.. وكان بدوره يدعو الله أن يثبت زوجته ويحفظ أسرته من التشتت.. وكان يعرف أنها لم تنج من تلك الإشاعة.. غير أنه كان يزداد كل لحظة حبا وتقديرا لها، لأنها كانت تتسلق قمم التسامي رغم الألم!.
ذة. نبيلة عـزوزي