العلامة المجاهد سعيد مَلاَّ الكردي
“يا جِنِرالُ سَوْفَ نُصَفِّي حِسابَنَا يَوْمَ الحِسَابِ الأخير”
حين أعلن أتاتورك إلغاء الخلافة في سنة 1924 ثار ضده الشيخ سعيد ملا سنة 1925 واندفعت معه الجماهير المسلمة تحت راياته الخضراء التي كتب عليها ّلاإله إلا الله محمد رسول الله” وتمكن بجيش متطوع من الأكراد من السيطرة على مناطق شاسعة، وحين وصل إلى “ديار بكر” حاصرها وكاد يسيطر عليها لولا أن أتاتورك سخَّر ثماني فرق عسكرية كاملة التجهيز أَمْطرتْ ديار بكر نيرانا وحُمَمًا، واستعملت كل أساليب البطش والتنكيل، فاضطر الشيخ سعيد ملا إلى التراجع للجبال الوعرة ليبدأ من هناك شَنَّ حرب عصابات ضد أتاتورك، فأحكم أتاتورك الحصار حول الشيخ ومنع وصول الإمدادات إليه، مع استعمال كل وسائل الإغراء وأساليب الخيانة للقبض عليه.
وفي ميدان ديار بكر الرئيسي، انعقدت محكمة الظلمة لمحاكمة الشيخ سعيد ملا وإخوانه، فحكمت بإعدامه مع إخوانه، وأمر أتاتورك أن تبقى أجسادهم الطاهرة معلقة على أبواب مسجد ديار بكر الكبير.
وكان الشيخ سعيد ملا قد أظهر رباطة جأش ـ أثناء المحاكمة ـ لا يقدر عليها إلا الأبطال، حيث توجه إلى رئيس المحكمة العسكرية التي حكمت بإعدامه قائلا :
“سَوْفَ نُصَفِّي حِسَابَناَ ياجِنِرَالُ يَوْمَ الحِسَابِ الأخيرِ” ثم توجه إلى قائد الحملة التي هزمته، وقال : “يا أميرَ اللِّواَءِ تَعَال وَدِّعْ غَريمَكَ” ثم تقدم من منصة الإعدام، وأمسك حبل المشنقة بيده، وساعد الجلاد في وضعه حول عنقه.
إلا أنه شاء ألا يودِّع حتى يصرخ بلا إله إلا الله محمد رسول الله بين أظهرهم، حيث : إن صَوْته شق عنان السماء بشموخ المومن وكبرياء العزة الإيمانية “لا إله إلا الله محمد رسول الله”. ثم تدَلَّى الجسد الطاهر على أبواب مسجد ديار بكر شاهد صدق على أن جماهير الشعب التركي المسلم قدمت القوافل المتتالية من الشهداء دفاعا عن دينها، ووفاء لعهدها مع الله”(1)
——
1- مواقف بطولية من صنع الإسلام ص 44- 48، نقلا عن سكب العبرات 440/1، لسيد بن حُسين العَقّابي.
ذ. المفضل فلواتي رحمه الله تعالى