عقدة الأجنبي مرض عضال أصيب به العرب ورغم أن الله تعالى الذي أنزل الداء أنزل معه الدواء إلا أن أصحاب القرار وصناعه يبدو أنهم قد تعايشوا مع هذا المرض وفقدوا الأمل في العلاج منه لأنهم صنعوا معوقات وهمية حالت دون طلب العلاج والبحث عنه.
هذا المرض المزمن في نظرهم جعلهم يصدقون أن الأجنبي وحده القادر على صناعة الأمجاد وتحقيق الانتصارات ووضع البرامج والخطط وتنفيذ المشاريع بدءا من مدربي الفرق الرياضية .
فمدرب المنتخب الوطني لكرة القدم غيريس البلجيكي الجنسية هو الذي يستحق أن يتقاضى راتبا شهريا مقداره 250 مليون سنتيم دون الحديث عن المسكن الفاخر والسيارة الفارهة والتعويضات الخيالية فضلا عن مبلغ مليون دولار وهو قيمة الشرط الجزائي الذي دفعته المملكة المغربية لنادي الهلال السعودي مقابل فسخ عقدته مع المدرب (غيريس) هذه الصفقة التي يرى رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب محمد طارق السباعي في تصريح للجزيرة نت أن استفادة مدرب أجنبي من هذا المبلغ يمثل هدراً لا مبرر له “وتضييعاً” للاستثمار الداخلي، مع أن التاريخ يشهد بأن أفضل النتائج التي حققها الفريق الوطني في العقد الأخير كانت بقيادة المدرب الوطني بادو الزاكي الذي بلغ بالمنتخب إلى نهاية كأس إفريقيا في تونس سنة 2004.
ومن الرياضة تنتقل العدوى إلى مجال المال والأعمال حيث بيعت نسبة كبيرة من شركة اتصالات المغرب للأجنبي الذي جنى من ورائها 9 ملايير ونصف مليار درهم، في سنة 2010.
كما بيعت مؤسسات توزيع الما ء والكهرباء في كبرى المدن المغربية للأجنبي وكذلك مؤسسات النظافة والنقل…
والعجيب الغريب أن هذه المؤسسات لازالت تحتفظ بنفس العمال والموظفين والأطر مما يؤشر على أن الأزمة أزمة تسيير وتدبير، وإذا كان لابد من الأجنبي فلماذا لا يحتذى بالجامعة الملكية لكرة القدم في استقدام كفاءات أجنبية تدير هذه المؤسسات من فوق وهي أولى من الرياضة بدل بيعها بالكلية للأجنبي وبذلك نحفظ لبلدنا مؤسساته ومصادر ثروته وأموال شعبه؟! ولماذا لا نستقدم حكومة كاملة من اليابان أو ماليزيا أو تركيا أو أي بلد أجنبي آخر ناجح ومتقدم، ما دامت حكوماتنا المتناوبة لا تستطيع حل المشاكل واقتراح الحلول ووضع الخطط المناسبة والسهر على تنفيذها خصوصاً عندما يكون التعيين لمجرد الانتماء للحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية أو للعائلة. دون مراعاة مبدأ الرجل المناسب في المكان المناسب.
إن عقدة الأجنبي مرض عضال ولكن له دواء في صيدلية الإسلام، دواء وصفه سيدنا عمر رضي الله عنه لأبي موسى الأشعري عندما استكتب نصرانيا فكتب له عمر : اعزله، واستعمل بدله حنيفيا، فكتب له أبو موسى : إن من غنائه وخيره وخبرته كيْت وكيت، فكتب له عمر : ليس لنا أن نأتمنهم وقد خونهم الله، ولا أن نرفعهم وقد وضعهم الله، ولا أن نستنصحهم في الدين وقد وترهم الإسلام، ولا أن نعزهم وقد أمرنا أن يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، فكتب أبو موسى : إن البلد لا يصلح إلا به.
فكتب إليه عمر: مات النصراني والسلام!!
إنه الدواء الشافي لكل من سيطرت عليه عقدة الأجنبي واحتقر رأس ماله فأكله.
صدقت أيها الفاروق وبررت.
فأبو موسى اعتقد أن قدراته محدودة وأن حاجته إلى النصراني ملحة ولكنك وجَّهْتَه إلى ضرورة البحث عن البديل من بين بني جلدته وديانته وأن حجته في استعمال النصراني غير قوية، وإلا فماذا يفعل لو أن النصراني مات؟
لا شك أنه سيبحث عن بديل وفي أسوإ الأحوال سوف يعمل على تدريبه وتأهيل من يقوم مقامه…
وختاماً فإنا لا نتمنى موت النصراني حقيقة وإنما نتمنى على الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفينا من عقدة الافتقار إلى الأجنبي في كل صغيرة وكبيرة.
وأن يوفقنا للبحث عن الطاقات الوطنية فبلدنا فيها من الطاقات الخير الكثير، وعاشت الكفاءات الوطنية والسلام.
عبد الحميد الرازي