قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ اَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الـمُتَّقِينَ لَئِنْ بَسَطْتَّ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ اَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الاَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ مِنْ اَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ اوْ فَسَادٍ فِي الاَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ اَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الاَرْضِ لَمُسْرِفُونَ}(المائدة: 27- 32).
إن من أهم المشاهد المؤثرة في هذه القصة، مشهد الغراب، وهو يبحث في التراب، ليبلغ إلى ابن آدم القاتل رسالة سيكون لها ما بعدها. وإن هذا الأمر سيستقر في البشرية إلى آخر الدهر، فيكون هذا الغراب معلما للبشرية جمعاء.
وها نحن نستعرض الفوائد انطلاقا من ألفاظ القصة وأجواءها:
1- تدبير الله تعالى شؤون خلقه:
يستفاد من إسناد فعل البعث إلى الله عز وجل، أن البشرية وما يحدث فيها من أحداث كبيرة أو صغيرة كلها تجري على عين الله تعالى، فهو سبحانه مطلع على كل ما يحدث في الخلق، {عَالِم الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الارْضِ وَلا أَصْغَرُ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}(سبأ: 3).
لقد كان الله سبحانه عز وجل ينظر إلى أحوال هذا القاتل وأخيه المقتول بكل تفاصيلها، الظاهرة منها والباطنة. ومنها أن القاتل بعد أن انهزم أمام داعي الشر وطوعت له نفسه قتل أخيه، أصبح حائرا لا يدري ما يفعل بأخيه.
وواضح أنه بقي مع أخيه المقتول مدة لم يهتد فيها إلى أحسن الطرق في التعامل مع جثمان أخيه. ولا شك أن القاتل -فضلا عن أنه لم يستفد أي فائدة من وراء قتل أخيه- قد عاش حالة من العذاب النفسي وهو ينظر إلى أخيه ميتا يتغير شكله ورائحته وسائر أحواله. ولذلك نادى بالويل {قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ اكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ}، “والسوأة هي التي يسوء الإنسانَ أن يراها بارزة، فالسوءة ما يسوء ظهوره، ورؤية جسد الميت، ولا سيما المقتول، يسوء كل من ينظر إليه ويوحشه”. (المنار لرشيد رضا).
فكان بعث الغراب حلا للإشكال والحيرة التي استحكمت في نفس القاتل وعقله.
وقد قال ابن عاشور في معنى البعث هنا: “البعث هنا مستعمل في الإلهام بالطيران إلى ذلك المكان، أي فألهم الله غرابا ينزل بحيث يراه قابيل”.
2- غراب يعلم الإنسان:
وفي وجه اختيار الغراب من سائر الحيوان ثم من سائر الطير. يقول ابن عاشور: “كأن اختيار الغراب لهذا العمل إما لأن الدفن حيلة في الغربان من قبل، وإما لأن الله اختاره لذلك لمناسبة ما يعتري الناظر إلى سواد لونه من الانقباض بما للأسيف الخاسر من انقباض النفس. ولعل هذا هو الأصل في تشاؤم العرب بالغراب، فقالوا: غراب البين” ا.هـ. (التحرير والتنوير)
وهذا الكلام يجعل الغراب قطعة سوداء تزيد مشهد القتل والموت والظلم والخسران والندم سوادا وظلاما.
فهذا من جهة ما يناسب المقام، وانسجام عناصر المشهد؛ لكن حين ننظر إلى القصة من زاوية التربية والتوجيه والتعليم فإن الأمر يأخذ أبعادا أخرى. كأن سؤالا يرد، وهو كيف علَّم الغراب الإنسانَ؟
وفي الجواب عن هذا السؤال اختلفت أقوال المفسرين، فذهب بعضهم إلى أن غرابين اقتتلا وهو ينظر إليهما، فقتل أحدهما الآخر، ثم بحث في الأرض حتى أحدث فيها حفرة، ثم ألقاه فيها وأهال عليه التراب. ونسب رشيد رضا هذا القول إلى جمهور المفسرين قال: “وما جاء هذا إلا من الروايات التي مصدرها الإسرائيليات، على أن مسألة الغراب والدفن لا ذكر لها في التوراة، وفي هذه الروايات زيادات كثيرة، لا فائدة لها ولا صحة” ا.هـ. (المنار لرشيد رضا).
وذهب بعض آخر إلى أن المبعوث غرابٌ واحدٌ، وهو المتبادر من الآية، قال أبو حيان: “والظاهر أنه غراب بعثه اللّه يبحث في الأرض ليري قابيل كيف يواري سوءة هابيل، فاستفاد قابيل ببحثه في الأرض أن يبحث هو في الأرض فيستر فيه أخاه” ا.هـ (البحر المحيط).
ويفسر رشيد رضا لفظ البحث فيقول: “فبحث في الأرض، أي حفر برجليه فيها، يفتش عن شيء، والمعهود أن الطير تفعل ذلك لطلب الطعام، والمتبادر من العبارة أن الغراب أطال البحث في الأرض، لأنه قال “يبحث” ولم يقل بحث، والمضارع يفيد الاستمرار، فلما أطال البحث أحدث حفرة في الأرض، فلما رأى القاتل الحفرة، وهو متحير في أمر مواراة سوءة أخيه، زالت الحيرة، واهتدى إلى ما يطلب، وهو دفن أخيه في حفرة من الأرض. هذا هو المتبادر من الآية” ا.هـ. (تفسير المنار).
وهذا المعنى الأخير متناسب مع ما ركبه الله تعالى في الإنسان من قدرة على التحليل والاستنتاج، والانتقال من المعلوم إلى المجهول. فتعليقه بقوله: {أعجزت أن اكون مثل هذا الغراب؟} إحساس منه بالتفوق في معرفة الأشياء وكيفية التصرف فيها. ومعروف أن هذه الحالة تتكرر كثيرا، في حياة العقلاء والعلماء فضلا عن الدهماء والجهلاء، وهي أن المعلومة تكون قريبة جدا من الباحث عنها ولكنه يعجز عن الوصول إليها إلا بمصادفة أو جهد بالغ.
وفي المسألة قول ثالث، وهو لأبي مسلم، قال: “إن من عادة الغراب دفن الأشياء، فجاء غراب فدفن شيئا، فتعلم منه ذلك” ا.هـ. (انظر تفسير الرازي والقرطبي). قلت: وهذا معروف من عادة عدد من الحيوانات أنها تواري طعامها عن منافسيها لتعود إليه لاحقا.
3- وفرة في المعلومات فهل من مستفيد؟؟؟
لاشك أن الغراب مذكور هنا لحكمة خاصة. ولكن هذا لا يمنع من اعتباره نموذجا لمصادر المعلومات الغزيرة المبثوثة في الكون، كيفما كانت طبيعة تلك المصادر: حيوانا أم جمادا، كبيرة أم صغيرة في الأرض أم في السماء.
وفي الكون عجائب وغرائب تحير الألباب. وقد رأيت بأم عيني في أدغال أفريقيا، طائرا صغيرا، يقتات على حشرة يفصل بين ميلادها وموتها ثوان معدودة، حيث يقف على غصن شجرة قصيرة منتظرا خروجها منالأرض طائرة بأجنحتها، حتى إذا خرجت انقض عليها. وقد كنت أنظر إلى الأرض فإذا بالرمل ينزاح شيئا فشيئا لتخرج هذه الحشرة محلقة في الهواء. فمنها من يأتيها أجلها عند أول لقاء لها بالسماء، ومنها من تمهل لبضع سنتيمترات ومنها من تمهل أمتارا، ومنها من ينجو، ومنها… ومنها…. ورأيت في بعض البرامج الوثائقية طائرا عجز عن كسر بيضة لطائر آخر، فكان يحمل الحجر بمنقاره ويضرب به البيضة. ورأيت آخر على ضفة بركة يلقي بالحشرة فوق الماء ثم ينتظر صعود السمكة التي تريد الحشرة فينقض عليها…. ورأيت. .. ورأيت…
وهاهنا تفاصيل:
3.1- إن تعليم الله تعالى للإنسان بمختلف الوسائل نعمة امتن بها عليه فقال: {اقرأ بسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم عَلَّمَ الْانسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}.
قال أبو السعود: {عَلَّمَ الْانسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} هو “بدل اشتمال من {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} أي علمه به وبدونه من الأمور الكلية والجزئية والجلية والخفية ما لم يخطر بباله. وفي حذف المفعول أولا وإيراده بعنوان عدم المعلومية ثانيا من الدلالة على كمال قدرته تعالى وكمال كرمه والإشعار بأنه تعالى يعلمه من العلوم ما لا تحيط به العقول ما لا يخفى”. (إرشاد العقل السليم). ويلاحظ في سياق النص ذكر الخلق من فعل الله تعالى والكرم من صفته، وأن تعليم الإنسان من تجليات القدرة والإكرام. وهذا قريب من مطلع سورة الرحمن حيث ذكر الخلق والرحمة، فسبحان الخالق الأكرم الرحمن الذي وسعت رحمته كل شيء.
وقد جعل سبحانه وتعالى الإنسان قادرا على الاستيعاب، وجعل مخلوقاته في الكون مهيأة لإرسال ما هو بحاجة إليه من المعلومات، فجمع الله تعالى له في ذلك بين القدرة على معرفة الأشياء وتَبَيُّنِها، والتعريف بها وبيانها، مع استعداد هائل لاستيعاب كمٍّ هائل من المعلومات التي يصل إليها بالتفاعل مع الكون واستحضارها بسرعة فائقة عند الحاجة، وإرسالها بكيفية متوائمة مع غيره ليحدث التواصل والتفاهم والتعارف.
3. 2- بين حركة الإنسان نحو المعلومة، وحركة المعلومة نحو الإنسان:
قد سبق من كلام ابن عاشور ما يفيد أن قول الله تعالى {فبعث الله غرابا ليريه} أنه ألهمه بأن ينزل بحيث يراه قابيل. ومعنى ذلك أن القاتل كان ثابتا في مكانه بجنب جثة أخيه. أي أن المعلومة هي التي جاءته، ولم يسع هو إليها. وجاءته من مصدر غير متوقع إطلاقا. فقد كان يعرف الغراب، ولكنه لم يكن يعيره أي اهتمام، حتى اضطر إليه، وألجأته الحاجة وهو يبحث عن مخرج، فوقعت عينه مصادفة على الغراب وهو يفعل ما يفعل. وأنت ترى ما في كلامه من التهوين من أمر الغراب حين قال: {أعجزت أن اكون مثل هذا الغراب}.
وإن من ثمرات ما سبق أن نستخلص جملة قواعد وثمرات منها :
> قاعدة في التعامل مع خلق الله عز وجل وهي: “لا تحقرن شيئا من خلق الله تعالى”.
> أن الإسلام بتوجيهاته الكثيرة جدا، ينبه الإنسان على أن يكون طالبا للمعلومة، مبادرا إلى استثمار ما هو مبثوث في هذا الكون الفسيح. حتى يكون ممن مدحهم الله تعالى بقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ والاَرض وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الالْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْاَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(آل عمران : 190- 191). ولا ينطبق عليه قوله تعالى {وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالاَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}(يوسف : 105). أو قوله تعالى {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالارْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمُ النُّارُ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (يونس: 5- 8).
> أن من مقاصد التربية في الإسلام، ألا تقدم المعلومة جاهزة، إذا عُلمت قدرةُ المتعلم على التحليل والاستنتاج. بل ينبغي فقط إثارة عقله ودفعه إلى الاجتهاد. ولذلك قال الله تعالى { وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالابْصَارَ وَالافْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُوْمِنُونَ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُم مِّن جُلُودِ الانْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ اصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا الَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِلاَلاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ}(النحل : 78- 82). بالسمع والبصر يكون الاستيعاب وبالفؤاد يكون التحليل والتعليل والتركيب والاستنتاج.
> ومن أهم ما يستفاد من فعل الغراب، الذي بعث بأمر الله عز وجل هو أن التعليم ينبغي أن يهتم بالتأسيس الذي يصمد أمام الزمن مهما امتد أو اتسع. فإن حركة الغراب التي ألهمت عملية الدفن، ستستقر في البشرية وتصير عرفا ثابتا عند الجميع باستثناء بعض الأقوام الذين يلجؤون إلى الحرق أو غيره. وهي قلة بالمقارنة مع اتساع البشرية وامتدادها في الزمان وفي المكان.
ومعنى ذلك أن التخطيط للتعليم ينبغي أن يقوم به عقلاء الأمة وعلماؤها الخبراء بتاريخها وأصولها ومقوماتها وخصائصها، وأن يكون عملهم مبنيا على مشاريع حضارية وتربوية تنظر إلى الماضي بعمق، وإلى الحاضر باستيعاب، وإلى المستقبل ببصيرة ثاقبة، ليعرف ما كان وما هو كائن وما ينبغي أن يكون.
نسأل الله تعالى أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا، وهو سبحانه المستعان.
د. مصطفى فوضيل