لقد حث الإسلام دين الله الخالد الذي يستمد أصوله وثوابته وتعاليمه وأحكامه من القرآن الكريم والسنة النبوية على العمل والإنتاج والجد والاجتهاد وعلى كل الأعمال والأنشطة التي فيها الخير والنفع للفرد والمجتمع والأمة الإسلامية من زراعة وفلاحة وصناعة و تجارة وغيرها من المهن والحرف المهمة نظرا للحاجة الملحة لكل هذه الأنشطة مجتمعة. قال تعالى : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون}(التوبة : 105) وقال أيضا : {وآخرون يضربون في الارض يبتغون من فضل الله}(المزمل : 20) وقال كذلك : {فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه}(الملك : 15). وقال رسول الله : >ما أكل أحد طعاما قط خير من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود \ كان يأكل من عمل يده<(رواه البخاري في صحيحه). وقال أيضا : >ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهمية إلا كان له به صدقة<(رواه البخاري ومسلم في الصحيحين) وقال كذلك : >التاجر الأمين الصدوق المسلم مع الشهداء يوم القيامة<(رواه ابن ماجة والحاكم). فكل هذه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وغيرها كثير دعوة صريحة للعمل والإنتاج والتنقيب عن وسائل الكسب والرزق المختلفة في الأرض من زراعة وتجارة وصناعة وغيرها من الأعمال والأنشطة الاقتصادية التي فيها فائدة ونفع للفرد والمجتمع المسلم.
وقد اعتبر علماء وفقهاء الأمة الحرف والصناعات وأنواع الزراعات والأنشطة التجارية من فروض الكفايات لأنه لا يقوم أمر الدين والدنيا إلا بها وتركها فيه إهلاك ومفسدة. ويلزم أن يقوم بها من تحصل الكفاية بفعله وإلا أثمت الأمة. وهكذا جعل الإسلام العمل ومضاعفة الإنتاج واجبا على كل مسلم مهما كانت حالته المادية ومهما كان ميسورا. فلا يجوز لأحد أن يركن إلى ما عنده من مال ورزق ولا يجوز أن يدعي أنه ليس في حاجة إلى عمل بل عليه في كل الأحوال سواء كان فقيرا أو غنيا أن يعمل ويجد ويجتهد ويضاعف الإنتاج لأن العمل في ديننا نوع من أنواع العبادة، والطاعة لله يؤجر عليها الإنسان المسلم العامل في الآخرة إذا أخلص النية والتوجه لله تعالى، وسيحاسب عليها أمام الله عز وجل يوم القيامة إن هو فرط فيها مصداقا لقوله جل وعلا : {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمومنون}(التوبة : 105).
فالإنسان المسلم يعمل ويكد ويجتهد وينتج لينفع نفسه وأسرته ومجتمعه وأمته وليكون عضوا فاعلا ونافعا وليسهم في عمارة الأرض بالأعمال الصالحة والأنشطة النافعة ويعمل على ازدهار الاقتصاد الإسلامي وتطويره وتنميته وتحقيق الرفاهية والعيش الكريم له وللناس، فعمارة الأرض لا تحصل إلا بالجد والعمل لا بالتواكل والكسل.
ذ. عمر الرماش