لعل أكثر الدول تأثرا بسقوط النظام في مصر هوالكيان الصهيوني، فسقوط مبارك وما استتبع ذالك من أحداث أزعج إسرائيل وقذف في قلوب شعبها وحكامها المجرمين رعبا غير مسبوق لأنهم بدءوا فعلا يشعرون بأن العد العكسي لانهيار كيانهم قد بدأ فعلا بسقوط الطاغية مبارك -لا بارك الله فيه-.
فمبارك هذا كان يمثل بالنسبة لإسرائيل أكبر دركي في المنطقة يسهر على حماية أمنهم واستقرار أبنائهم في أرض فلسطين المغتصبة. فالرجل لم يأل جهدا ولم يدخر جهدا من أجل تأمين الحدود بين بلاده وغزة حتى لا تهرب من خلالها الأسلحة والمؤن الغذائية إلى كتائب القسام وباقي حركات المقاومة في قطاع غزة , وتشديد الحصار الظالم على أزيد من مليون ونصف المليون فلسطيني. يقف الرجل على بوابة رفح بكل صلف وجبروت يمنع رغيف الخبر وحليب الأطفالودواء المرضى والمواد (المشبوهة) حتى لا يتمكن المقاومون من صنع أسلحة رغم بدائيتها ترعب العدو وتقض مضجعه. لقد كان يفتخر ويتباهى -من حين لآخر- بأن مخابراته اليقظة تمكنت من ضبط كميات من الأسلحة والعتاد كانت في طريقها إلى حركة المقاومة، أوتمكنت من تدمير معابر كثيرة كان أهل (الإمارة الإسلامية) -كما كان يسميهم- يهربون من خلالها رغيف أبنائهم وحليب أطفالهم ودواء مرضاهم، لقد ظهر ذالك جليا خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة المحاصر أصلا. لقد شاهد الجميع كيف كان مبارك يمنع المرضى والمصابين والمتضامنين والصحافيين والمتطوعين من عبور معبر رفح من أجل تقديم العون والدعم لأهل غزة، وكل من طوعت له نفسه عبور الحدود في غفلة عن حراسها الساهرين على أمن إسرائيل كان جزاؤهم السجن والتنكيل كما وقع لعدد من الصحافيين المصريين.
سقوط الطاغية مبارك يعني كذالك سقوط اتفاقيات كامبديفد وكل ما تناسل عنها من تسويات واتفاقيات لم تزد الشعب الفلسطيني ومعه كل الشعوب العربية والإسلامية إلا ذلا ومسغبة وخنوعا.
لقد استحق الطاغية مبارك أن يدخل بحق كتاب گينبس للأرقام القياسية كصاحب أقذر وأبشع عمل غير أخلاقي في التاريخ الحديث والمتمثل في بناء أضخم حاجز فولاذي بعمق ثلاثين مترا تحت الأرض على طول الحدود الفاصلة بين رفح المصرية وقطاع غزة لتيئيس أهل غزة في التفكير أصلا في حفر معابر من أجل تهريب ما يحتاجون إليه، وكان لهذا الحاجز الجهنمي مآرب أخرى منها أنه أثر بشكل كارثي على الفرشة المائية لأهل غزة وهم يعانون أصلا من ندرة المياه، فيزداد الخناق عنهم وتزداد مآسي الحصار الظالم بين عدو يتجهمهم وصديق ملكه الله أمرهم. فأسلمهم للفقر والمسغبة قبل أن يسلمهم لعدوهم من أجل تحطيم صمودهم وتكسير إرادتهم الخرافية. فمبارك بعمله القذر هذا إنما يوفر الأمن والاستقرارلشداد الآفاق الصهاينة، ويعمل على إطالة احتلالهم لأرض فلسطين الحبيبة على حساب تجويع وقتل الآلاف من أطفال وشيوخ ونساء ومجاهدي أهل غزة الشرفاء. للوقوف على حجم العمالة التي كان مبارك يقوم بها عن تخطيط وسبق إصرار لصالح إسرائيل والاستكبار العالمي، دعونا نتأمل هذه الأرقام : قبل معاهدات كامب ديفيد كانت وزارة الدفاع الصهيوني تلتهم 30% من الناتج القومي لشراء الأسلحة والمعدات الحربية. بعد هذه المعاهدة مباشرة نزلت هذه النسبة إلى 8% فقط وهذا يعني أن المعاهدات أوبالأحرى مبارك الذي حرص على تطبيقها بدقة متناهية وفر لإسرائيل ما يقارب من عشرين مليار دولار سنويا استفادت منها من أجل تطوير صناعة الأسلحة الفتاكة وتطوير أجهزة مخابراتها، والرفع من النفقات الاجتماعية المختلفة للترفيه على أبنائها. هكذا نفهم حجم العمالة والجرم الذي كان الطاغية يقوم به ضد الأمة عامة والرعية التي استرعاه الله إياها خاصة. إن المصير الحتمي لمثل هذا الرجل وغيره ممن يستمرئون الخيانة والعمالة للعدو هومزبلة التاريخ مع الاعتذار لمزبلة التاريخ هته.
لا تأس على غدر الزمان فلطالما
رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تظن برقصها تعلو على أسيادها
تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
ذ. عبد القادر لوكيلي