بداية لا أريد الخوض في أحداث تونس لأن الكل على علم بما جرى وما يجري، بل أريد التركيز على العلاقة الجدلية بين ثورتين، كلتاهما اختارت رمزا نباتيا للتعبير عن حالة الغضب تجاه السلطة المتنفذة، فالتونسيون وهم يواجهون الرصاص الحي كانوا يقدمون باقات الياسمين للجنود ويعلقونها لهم في فوهات البنادق، وعندنا في منطقة تاونات كان الفلاحون يتظاهرون لحرمانهم من زراعة “الكيف” وهم يلوحون بباقات السم الأخضر في وجه رجال الدرك والسلطات المحلية… فمن الظالم ومن المظلوم؟.
إن السلطات المغربية وهي تحارب المهربين المحليين والدوليين للمخدرات إنما تقوم بما يمليه عليها حقها وضميرها تجاه سلامة الوطن والمواطنين، بينما فلاحو المناطق المنتجة لهذه الآفة، يرون أن السلطات تصادر مصدر رزقهم، وهنا تكمن الإشكالية؟!.. من جهتنا كإعلاميين ومثقفين لا يسعنا إلا أن نحيي ما تقوم به السلطات من درك وجمارك وغيرها في محاربة تجار المخدرات، ومصادرة كل هذه الأطنان من مادة الشيرا التي هي من مستخلصات القنب الهندي، غير أن السؤال المحير هو كيف تمت زراعة كل هذه الهكتارات من هذه الآفة في غفلة من السلطات المحلية؟ إنه من سابع المستحيلات أن لا تكون السلطات على علم بهذه المساحات الشاسعة التي تزرع في واضحة النهار، وتنمو وتتطاول على مرأى من الكل.. إن محاربة ثورة القنب الهندي يجب أن تأخذ منحيين، المنحى الأول المقاربة والمصاحبة، أي المقاربة الاجتماعية لأوضاع الفلاحين وذلك بتشجيع الزراعات البديلة وتمويلها من طرف الدولة وإعفاء القروض المقدمة لهم من الفوائد، والمصاحبة بتثقيف الفلاحين ومواكبة مشاريعهم حتى لا تنتهي بالفشل والهجرة إلى المدن، والمنحى الثاني : الضرب بيد من حديد على أيدي أباطرة المخدرات ومحاصرة نشاطهم التخريبي، ومعاقبة كل من تورط في شبكات المهربين مهما كان موقعهم ومهما كانت سلطتهم.. فهل تكون ثورة القنب الهندي، ثورة ضد القهر الاجتماعي والفساد السياسي والإداري؟!.. وتنخرط فيها جميع الفعاليات، سلطوية وثقافية وسياسية..
نتمنى أن تلتقي إرادة الغيورين في هذا الوطن، مع إرادة أبطال ثورة الياسمين في إصلاح ما أفسده المفسدون حتى وإن كانت أهداف الثورتين مختلفة.
ذ. أحمد الأشـهـب