مجرد رأي – ألا إني قُسِّمْتُ يوم قُسِّمَ السودان…!!!


هي مقولة – سيأتي علينا حين من الدهر غير بعيد- سنرددها بكثير من الحسرة وغير قليل من الألم والغبن. لقد بدأ بالفعل منذ صباح الأمس العد التنازلي للعملية القيصرية لبلقنة الدول العربية والإسلامية وجعلها كيانات صغيرة جدا لا تكاد تظهر على خارطة دول الاستكبار العالمي. وإنه لأمر دبر بليل منذ سنوات، منذ أن بشرت الآنسة كندي (كونداليسا رايس وزيرة خارجية أمريكا على عهد جورج بوش) بما أسمته وقتها بالفوضى الخلاقة. فهاهي ذي الفوضى الخلاقة تعمل مبضعها في السودان كخطوة أولى قد تليها خطوات أشد وأنكى ما لم يستفق العرب والمسلمون لما يراد ويحاك ضدهم.

والبدء بالسودان لم يأت اعتباطا  وإنما جاء نتيجة لتخطيط مدروس ومكيدة محكمة إحكاما شديدا  تولى كبره  أمريكا وإسرائيل من جهة والاتحاد الأوروبي المسيحيمن جهة ثانية.

وما دام الأمر كذالك، فلماذا السودان وليس أي دولة عربية أو إسلامية أخرى؟؟!!

فاختيار السودان  تحكمت فيه عوامل شتى أحصرها في أربعة عوامل أساسية :

أولا :  فالغرب المسيحي بشقيه الأوروبي والأمريكي كان دائما يخشى من انتشار الإسلام في وسط وجنوب إفريقيا، وقد تم التعبير عن هذه المخاوف صراحة في المؤتمر الإرسالي العالمي بأدنبرة سنة 1910، حيث قال يومها رئيس الأساقفة  (إن أول ما يتطلب العمل به إذا كانت أفريقيا ستكسب لمصلحة المسيح أن نقذف بقوة تنصيرية قوية في قلب أفريقيا لمنع تقدم الإسلام)، فبتقسيمه للسودان إلى شمال مسلم وجنوب مسيحي سيضمن الغرب المسيحي ومعه الكيان الصهيوني أمورا ثلاثة :

* وقف الزحف الإسلامي نحوالوسط والجنوب الإفريقي.

* منع أي دعم أو تواصل بين المسلمين في الشمال وإخوانهم المضطهدين في وسط وجنوب إفريقيا.

* إضعاف دول الشمال المسلم وإبقائها فريسة لدوامة الهلع والخوف وعدم الاستقرار من خلال تصدير كل أنواع الاضطرابات  والفتن والقلاقل انطلاقا من الدولة المسيحية الهجينة التي يراد خلقها في خاصرة السودان لجعلها مرتعا خصبا لأجهزة الاستخبارات العالمية على اختلاف ألوانها وأشكالها ومكائدها.

ثانيا : إن للبترول المكتشف حديثا في جنوب السودان لجاذبية خاصة بالنسبة للوبيات البترول عبر  العالم وبالأخص في أمريكا التي قال عنها جورج بوش ذات غزو للعراق (AMERICA IS ADDICTED TO PETROL)

بمعنى أن أمريكا مدمنة على البترول. فهذا البترول الموجود بكميات وافرة في جنوب السودان (350 ألف برميل يوميا) يسيل لعاب كبريات الشركات العالمية في دول الاستكبار الصليبي، وإذا أضفنا إلى ما سبق وجود كميات كبيرة من الأورانيوم  بدارفور، سنفهم وقتها  ما ينتظر المنطقة من مشاريع تقسيم وبلقنة جديدة وسنفهم أيضا معنى القصعة التي وردت في الحديث الشريف.

ثالثا : تقسيم السودان سيمكن دول الاستكبار المسيحي ومعه إسرائيل من السيطرة على منابع النيل وبالتالي الضغط الشديد على كل من مصر وشمال السودان سياسيا وبالتالي سيصبح مصيرهما مرهونا بالدول المسيطرة  لتتم مقايضة مواقفهما إزاء القضايا المصيرية للأمة أمرا واردا في كل لحظة وحين. هذا علاوة على أن جزءا غير يسير من هذه المياه العذبة ستجد طريقها إلى إسرائيل حتى تروي ظمأ مستوطنيها  وهو ما كانت إسرائيل تحلم به كخطوة أولى تمهيدا لتحقيق الحلم الأكبر (من النهر إلى النهر).

رابعا : تهدف دول الاستكبار المسيحي  من وراء تقسيم السودان إلى العمل على الاستفادة من خصوبة أراضيه الجنوبية وترجمة مقولة الخبراء بـ(أن السودان سلة غذاء إفريقيا) إلى واقع ملموس من أجل توفير الغذاء لكل الدول المشاركة في هذه الجريمة مع الإبقاء على شمال السودان المسلم في دائرة الجوع والفاقة وإغراقه بالفتن والحروبالأهلية -لا قدر الله- وما خفي أعظم وإنا لله وإنا لله راجعون.

>    ذ. عبد القادر لوكيلي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>