صحا قلبها، يصرخ بداخلها بقوة.. لم تعد الدنيا بكل بهرجها تغريها.. تغبط صويحباتها على تسترهن عن أهاليهن… إلا هي، فيعرف أبواها وإخوتها طريقها…!
كان ترديها في الهاوية، حين طردها أبوها ذات ليلة.. أقسم ألاّ ينفق عليها، فقد كبرت، والفتيات في سنها -حسب قوله- يجنين الأموال الطائلة!
لم تجد ملجئا إلا إلى “صالون تجميل” بجوارها.. ومن هناك ألقيت في جب الرذيلة… كان عالما سحيقا، مظلما، مقززا… فقدت فيه كل ذرة من كرامتها وإنسانيتها.. والأغرب أن أباها لم يسألها أي سؤال حين عادت صباحاً تحمل مبلغا كبيراً من العملة الصعبة…!
عاشت معه سنين.. ثري عربي… شقة وسيارة فاخرتان ورصيد بنكي… والداها وإخوتها كل يبتزها بلا رحمة… كانت تتمنى لو حدثوها يوما عن الحلال والحرام… لو عيروها.. لو ضربوها… لو… ولكن، لا حياة لمن تنادي.. كرهتهم كلهم… كرهت نفسها.. فاتحت خليلها في الأمر : إما الزواج منها أو فراقها… لكن هيهات.. هيهات… هي مجرد “شيء” يمتلكه مما يمتلك!
فقدت كل إحساس بالحياة.. اكتأبت… تخلت له عن كل ما وهبها، ولم ترضخ لمغرياته المادية، ولا لتوسّط أسرتها بعدم التخلي عنه… هربت بعيداً.. هجرته وهجرت أسرتها.. وهاجرت إلى الله عز وجل… عملت عملا شريفا بأجر زهيد… لكنه حلو.. لأنه حلال… وعاشت حياة بسيطة، لكنها سعيدة مطمئنة… لأنها في كنف الله عز وجل، وفي مرضاته… فاستعادت إنسانيتها وكرامتها، وأصبحت تحس بقيمة الحياة وعذوبتها…!
> ذة. نبيلة عـزوزي