نحو تصور حضاري شامل للمسألة المصطلحية


مقدمة في الواقع الحالي للاهتمامات المصطلحية

المصطلح عنوان المفهوم، والمفهوم أساس الرؤية، والرؤية نظّارة الإبصار التي تريك الأشياء كما هي؛ بأحجامها وأشكالها وألوانها الطبيعية، أو تريكها على غير ما هي: مصغَّرة أو مكبَّرة، محدَّبة أو مقعَّرة، مشوهة النسق والخلقة، أو ملونة بألوان كالحمرة والزرقة. وما عهد قراءة الغرب بعينيه لتراثنا ببعيد. وما أثر نظارتيه الزرقاء والحمراء فينا بخفي.

ولقد كان مدار وحي الرحمن جل وعلا، مُذْ آدم حتى محمد عليهما الصلاة والسلام، على حفظ مصطلح الذكر من أن يصيب مفهومه تغيير أو تبديل؛ فتفسد الرؤية، ويقع الإفساد في الأرض {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}(الحجر: 9). والتطابق بين الكتاب وأم الكتاب في الملأ الأعلى تام {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}(الزخرف: 4) والتطابق بين الكتاب، ودين الله، وفطرة الله، وخلق الله، في الكون تام {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم}(الروم: 30) ومن غيّر فقد أفسد {ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحـها}(الأعراف 56 و86).

وإنما مدار عمل الشيطان وحزبه، مذ إبليس إلى قيام الساعة، على محاولة تغيير المفهوم وتبديل المصطلح، أي تغيير الدين، والفطرة، والخلق.{ولآمرنهم فليغيرن خلق الله}(النساء: 119)، وفي الحديث القدسي : >خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم..< (أخرجه مسلم في كتاب الجنة، باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار).

وما الجهود التي بذلها المستكبرون في الأرض، المعبِّدون الناس للطاغوت، قديما وحديثا، إلا صور من تلك المحاولات لتغيير المفهوم وتبديل المصطلح. وهذا فرعون ومومن آل فرعون في القديم، يتنازعان مفهوم مصطلح “سبيل الرشاد” {قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد} (غافر: 29)، {وقال الذي آمن يا قوم اتبعوني أهدكم سبيل الرشاد}(غافر: 38). وها هو اليوم مصطلح شريف كالجهاد، يغير مفهومه المتكبرون في الأرض، ويبدلون مصطلحه ليصير إرهابا، بعد أن غيروا مفهوم الإرهاب ليصير فعلا بعد أن كان حالا، ومكروها بعد أن كان مطلوبا. وكذلك الأمر في أغلب المصطلحات التي تقوم عليها الحياة؛ كالخير والشر، والعدل والظلم، والحق والباطل، والسلام والإجرام،.. غيّر مفاهيمها العالون في الأرض أصحاب الأهواء، ولووا أعناقها كما لوى فرعون عنق مفهوم الفساد، وهو يقول عن موسى عليه الصلاة والسلام {إني أخاف أن يبدل دينكم وأن يظهر في الارض الفساد}(غافر: 26).

وكأني بجميع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين في المنطق الإبليسي مفسدون، وكأني بهم في المصطلح الإبليسي المعاصر إرهابيون.

ألا ما أحوج الأسماء كلها التي عُلِّمها أبونا آدم عليه الصلاة والسلام إلى من يصونها ويحميها؛ بحراسة مفهومها، وصيانة استعمالها وتنزيلها.

وألا ما أحوج الأرض اليوم إلى من يقيم فيها مصطلح الذكر كما أنزل، لتستدير من جديد كهيأتها يوم خلق الله السماوات والأرض، ويقام الميزان والوزن بالقسط، فيقال للحق حق، وللباطل باطل.

ألا إن شأن المصطلح العام لعظيم، وتغييره أو تبديله مما يحسبه الناس هينا وهو عند الله عظيم، ومسه بسوء مس بالنظام العام للكون والحياة والإنسان.

ولذلك ينبغي النظر إلى واقع الاهتمام المصطلحي في الأمة اليوم من هذا الموقع، ولذلك قيل عن ذلك في نظرة سابقة في المصطلح والمنهج ما نصه:

“الاهتمام بالمسألة المصطلحية اليوم حيثما كان، في أمتنا، قد ولى وجهه كلية، أو كاد، شطر المصطلح الوافد، لا تشذ -أو لا تكاد تشذ- عن ذلك مؤسسة أو فرد، من مجامع إلى جامعات، ومن معاهد إلى لجن ومنظمات، كلها تتسابق، بتنسيق أو بدون تنسيق، متنافسة في تلقي المصطلح الوافد.

ومن رجالها من يستقبله استقبال الفاتح المنقذ؛ بقلبه وقالبه، معنى ومبنى.

ومن رجالها من يُلبسه الزّي العربي كيفما كان؛ لاعتبارات شتى، دون أي مس لمفهومه.

ومن رجالها -وهم القلة النادرة- من يقفونه في حدود الأمة الحضارية للسؤال، والتثبت من الهوية، وحسن النية، ودرجة النفع، وقد يتعقبونه في مختلف المجالات والتخصصات التي قد يكون عشش فيها، أو باض وفرخ بغير حق”. (أخبار المصطلح ع: 2، شعبان 1416هـ يناير 1996م).

أما الاهتمام بمصطلح الذات الذي هو خزان الممتلكات، والذي يجب أن يكون على رأس الأولويات، فلا يكاد للأسف يحظى بأدنى التفات. وذلك وحده دليل على أن الأمة لماّ تقدر أمر المصطلح قدره، ولما تفقه طبيعة الإشكال المصطلحي، ولما تتصور المسألة المصطلحية التصور المطلوب.

مفهوم المسألة المصطلحية :

الذي يتبادر إلى الذهن أولا، هو هذا الهم المصطحي الذي حُمّله مكتب تنسيق التعريب في العالم العربي، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الأليكسو)، التابعة لجامعة الدول العربية، وما يُنسق، أو يُفترض أن ينسق، بينه من مجامع لغوية، ومعاهد ومؤسسات، ولجن عليا أو دنيا للترجمة والتعريب.

والمفهوم الذي يستخلص من هذا الهم للمسألة المصطلحية ببساطة هو أنها: قضية الترجمة والتعريب للمصطحات الأجنبية اليوم في العالم العربي.

فالمصطلح الذي هو في البؤرة هو المصطلح الأجنبي، أي مصطلح غير الذات، الذي دخل حديثا، أو يريد الدخول إلى الذات، بسبب الاستعمار وما لحقه من موجات التحديث والعصرنة والتقدم والتنمية…

والإشكال الذي يعالَج هو إشكال التعريب للتعليم والإدارة وما يتصل بهما من علوم أجنبية، أو يلحق بهما من بقية مجالات الحياة العامة المتأثرة بالاستعمار، وما لحقه من موجات.

والتصور الذي يقف خلف ذلك كله، هو أن الشرط الأساسي لنهضتنا عرباً وتسريعها، هو استيعاب ما لدى الغير من جديد بالعربية.

وهذا المفهوم -على وجاهته- عليه مآخذ، أهمها:

1- أنه يترك مساحات شاسعة من المسألة المصطلحية خارج الاعتبار، بل يترك الأهم والأولى بأن يكون هو الهمّ المقدم، وهو مصطلحات الذات؛ إذ على أساسها، وفي ضوء مفاهيمها، والرؤية الحاصلة منها، يجب استيعاب ما لدى الغير، واستقبال مصطلحات غير الذات.

2- أن الإشكال فيه جزئي، يقتصر على ما تعانيه الأمة في جعل ما تغرَّب لفظا معرّبا، ويهمل ما هو أدهى من ذلك وأمر؛ وهو ما تعانيه الأمة من أمر المصطلح الأصل، الذي به قامت، وعليه قامت، وله قامت. المصطلح الذي به كانت الأمة الوسط بين الناس، وبه كانت خير أمة أخرجت للناس، وبه كان رجالها شهداء على الناس: مصطلح القرآن والسنة البيان، إذ هي لا تفهمه اليوم حق الفهم، ولا تقوم به أو عليه أو له، ولا تقيمه كما أمرت، صدقا وعدلا كما ينبغي له.

ومثل ذلك يقال عما تعانيه من أمر المصطلح الفرع، الذي يمثل خلاصة تفاعلها مع التاريخ وفي التاريخ. المصطلح الذي يمثل كسبها وإسهامها الحضاري في مختلف المجالات: مصطلح العلوم والفنون والصناعات؛ لا تعلمه هو كذلك حق العلم، ولا تقوِّمه حق التقويم، ولا توظفه حق التوظيف.

3- أن التصور الذي يقف خلق هذا المفهوم لا يمثل حقيقة أولويات شروط النهضة؛ إذ قد يقع التعريب الكامل ولا تنتج عنه النهضة المطلوبة. وما مثال بعض الدول العربية التي عربت حياتها كلها منذ عشرات السنين عنا ببعيد.

ذلكم ما يتبادر إلى الذهن أولا، وذلكم ما يستخلص منه، بما له وما عليه، وليس هو المفهوم المراد من المسألة المصطلحية. فما المفهوم المراد؟

لقد قيل في نظرات سابقة ما نصه :

“المسألة المصطلحية في هذه النظرات، ليست هي تعريف اللفظ المصطلح، ولا وضع المصطلح المقابل لمصطلح، ولا اقتراح مصطلح جديد لمفهوم جديد ازدان به فرش عالم المصطلح. وكل ذلك من البحث في المصطلح.

والمسألة المصطلحية في هذه النظرات، ليست هي أيضا تعريف علم المصطلح، ولا البحث في قضايا علم المصطلح، ولا دراسة مصطلحات علم المصطلح. وكل ذلك أيضا من صميم البحث في المصطلح.

إنما المسألة المصطلحية في هذه النظرات، هي تلكم المسألة التي تستلزم كل ذلك، وتوظف كل ذلك وغير ذلك، مما له صلة بذلك، في تعريف الذات الحضارية المستعملة للمصطلح: ماذا كانت؟ وماذا هي الآن؟ وماذا ينبغي أن تكون؟ إنها المسألة المصطلحية الحضارية بالمفهوم الشامل، لا بالمفهوم العلمي الخاص أو الأخص. إنها المسألة التي تبحث مصطلح الماضي، بهدف الفهم الصحيح، فالتقويم الصحيح، فالتوظيف الصحيح. وتدرس مصطلح الحاضر بهدف الاستيعاب العميق، فالتواصل الدقيق، فالتوحد على أقوم طريق. وتستشرف آفاق مصطلح المستقبل، بهدف الإبداع العلمي الرصين، والاستقلال المفهومي المكين، والتفوق الحضاري المبين”. (نظرات في المسألة المصطلحية ص: 3).

ومن هذا النص يستفاد:

1- سعة المفهوم، حتى لا يخرج منه أي اهتمام من اهتمامات المصطلح، أو همّ من همومه؛ سواء تعلق بأصل الذات، أو بالنابت من الذات، أو بالوافد على الذات.

2- كلية الإشكال الذي يعالجه وعمقه وخطورته؛ لأنه “يتعلق ماضيا بفهم الذات، وحاضرا بخطاب الذات، ومستقبلا ببناء الذات”. (من كلمة افتتاح “ندوة المصطلح النقدي وعلاقته بمختلف العلوم” مجلة كلية الآداب بفاس عدد خاص (4)، 1409هـ، ص: 12).

3- شمولية التصور الذي يقف خلفه وحضاريته؛ لمسه الأبعاد والجوانب كلها في الأمة، واستهدافه توظيفها جميعها في نقل الأمة من الواقع المهين، إلى الموقع المكين بالأفق المبين.

أبعاد المسألة المصطلحية :

للمسألة المصطلحية في التصور الحضاري الشامل أبعاد ثلاثة متكاملة: بعد الماضي وبُعْدُ الحاضر وبُعْدُ المستقبل:

1- علاقة المسألة المصطلحية بماضي الذات:

“وهي علاقة الفهم فالتقويم فالتوظيف، وضرورة ذلك بينة لذي عينين؛ لأسباب أهمها:

أن تراثنا هو ذاتنا؛ إذ المستقبل غيب، والحاضر علميا لا وجود له، فلم يبق إلا الماضي الذي هو مستودع الذات وخزّان الممتلكات، بما لها وما عليها من ملحوظات وملاحظات. فكيف نعرف إذن الذات إذا لم نفقه التراث؟

أن مفتاح التراث هو المصطلحات، وإنما توتى البيوت من أبوابها، وأبواب كل علم مصطلحاته، بل إنها خلاصة البحث فيه في كل عصر ومصر؛ ببدايتها يبدأ الوجود العلني للعلم، وفي تطورها يتلخص تطور العلم.

أن مفتاح المفتاح هو الدراسة المصطلحية للمصطلحات؛ ذلك بأنها تُعرّف غير المعرّف، وهو الأغلب، وتدقّق تعريف ما عرف فلم يعرف، وهو الأقل، وتصحح أخطاء أصحاب النظارات الملوّنة، أو الذين يدرسون التراث بالطائرة، أو الذين لا يقوم منهجهم على الإحصاء، فتند عنهم أشياء وأشياء..

لكن تلك الضرورة لا تلبَّى بأسرع ما يمكن، ولا بأضبط ما يمكن، إلا إذا قام منهج الدراسة المصطلحية على ثلاث دعائم:

أولا: العلمية؛ وأساسها الإحصاء، فالدراسة المعجمية، فالنصية، فالمفهومية، على نمط خاص يكفل الوصول إلىنتائج يمكن علميا أن يطمأن إليها، ولا تكون من قبيل رأي ربيعة بن حذار في شعر الزبرقان بن بدر أنه: “كلحم أسخن، لا هو أُنْضج فأُكل، ولا هو تُرك نَيّئا فينتفع به”. (الموشح للرزباني ص: 107)

ثانيا: المنهجية؛ وأساسها تقديم الدراسة الوصفية بشروطها على الدراسة التاريخية بشروطها، حين يحين أوانها.

ثالثا: التكاملية؛ وأساسها التنسيق؛ حتى لا يركب الباحثون بعضهم بعضا، ولأجل ذلك أسس معهد الدراسات المصطلحية… لو يجد على همه ظهيرا، فيقدر على إيصال الغذاء إلى كل الأنحاء”. (نظرات في المسألة المصطلحية ص: 3-4).

2- علاقة المسألة المصطلحية بحاضر الذات:

وهي كما تقدم علاقة الاستيعاب، فالتواصل، فالتوحّد، ودون ذلك -كما يقال- خرط القتاد؛ إذ الانصراف شبه تام عن الاستيعاب لمصطلحات التراث، والانصراف شبه تام إلى استقبال مصطلحات غير الذات، والعجز شبه تام عن التواصل الدقيق بين أجزاء الذات، والعجز شبه تام عن إنتاج الخطاب الموحَّد الموحّد للذات، والعجز شبه تام أيضا عن استيعاب ما يجري في الذات أو خارج الذات.

ومن أهم أسباب ذلك، مما ذكره الذاكرون أو غفل عن ذكره الغافلون:

1- انعدام الإدراك الشامل للمسألة المصطلحية بأبعادها الحضارية، أو شبه الانعدام.

2- تعدد مصادر الوضع المصطلحي.

3- انفصال مصادر الوضع وجهة التنسيق، عن جهات القرار والتنسيق. (نظرات في المسألة المصطلحية، ص: 5- 6).

3-  علاقة المسألة المصطلحية بمستقبل الذات:

وهي كما تقدم أيضا استشراف آفاق مصطلح المستقبل، وتتلخص في ثلاث:

1- ضرورة الإبداع المصطلحي لبناء ذات المستقبل أو مستقبل الذات. ولا إبداع مصطلحي بغير الإبداع العلمي، وإنما يُسَمِّي مَنْ وَلَد، ولا ولادة طبيعية بغير أبويين: اللغة الأم، والتراث الأب، ومن شذ شذ في الضياع، وإنما يأكل ذئب التاريخ من اجتهادات الأمم القاصية.

2- ضرورة الاستقلال المصطلحي لحوار الذات لغير الذات. ولا استقلال للمصطلح بغير استقلال مفهومه، وإنما يُحَاوَر من له اعتبار، ولا اعتبار للنُّسخ إلا بمقدار شدة مطابقتها للأصل.

ولذلك لابد من التأكد من النَّسَب في تدوين المصطلح في سجل مصطلحات العرب.

3- ضرورة التفوق المصطلحي كيفا وكما، لشهود الذات على غير الذات. ولا تفوق للمصطلح بغير تفوق أهله. وإن السماء لا تمطر تفوقا ولا إمامة.. بل لابد من السبق في عالم الأسباب، وإتيان البيوت من الأبواب، وإلا رغمت أنوف العرب، – ومن في حكمهم – في التراب حتى يراجعوا الحساب”. (نظرات في المسألة المصطلحية ص: 6-7).

مجالات الدراسة المصطلحية:

المجال المألوف في التصور العادي المعروف للمسألة المصطلحية، هو مجال العلوم المادية، وأقصى امتداد له ينتهي عند نهاية مجال العلوم الإنسانية. لأنهما -بهذا الترتيب- مظنة الحضور الطبيعي للمصطلح الوافد الذي هو في البؤرة.

أما في التصور الحضاري الشامل للمسألة المصطلحية فإن المجالات تصير ثلاثة، وبهذا الترتيب المخالف للمألوف!: مجال الشرع وعلومه، ثم مجال الإنسان وعلومه، ثم مجال المادة وعلومها.

فأما مجال الشرع وعلومه، فهو رأس الأمر وعموده وذروة سنامه، ومصطلحه المصطلح الشريف، وأشرفه مصطلح القرآن، ثم مصطلح السنة البيان، ثم مصطلح العلوم المستنبطة منهما والخادمة لهما. وعلى قدر حاجة الأمة إلى تجديد التدين، تكون حاجة المصطلح في هذا المجال إلى تجديد الفهم والتبيُّن. و”لئن كان في الأفق منهج يلوح وكأن به بعضا من خصائص عصا موسى عليه الصلاة والسلام في إبطال السحر وإحقاق الحق في الفهم، فهو منهج الدراسة المصطلحية؛ ذلك بأنه يتصدى أساسا لضبط المفاهيم المكونة لأي نسق، والدين في جانبه المعنوي التصوري نسق من المفاهيم، أصلها في كتاب الله عز وجل، وبيانها في بيانه السنة. من تمكن من تلك المفاهيم، ومن نسقها العام، تمكن من الصورة الصحيحة لهذا الدين، ومن تشوّه لديه شيء منها أو منه، تشوهت لديه الصورة العامة لهذا الدين”. (أخبار المصطلح ع: 4، رمضان 1418هـ يناير 1998م).

وأما مجال الإنسان وعلومه، فحاجة المصطلح فيه إلى الجمارك الحضارية شديدة، لغلبة المصطلح الوافد على مساحات كبيرة منه؛ ذلك بأن البحث في هذا المجال “قائم الآن برؤية الآخر ومنهاج الآخر؛ قائم على الانطلاق من مفهوم مادي للإنسان، ورسالة مادية للإنسان، وعلاقات ونشاط مادي للإنسان، ومن ثم لا يمكن أن يُدرس إلا بمنهج مادي، ولا يُتصور له إلا تاريخ ومستقبل مادي…

إنه في النظر القديم حيوان ناطق، وما هو بحيوان، ولكنه إنسان.

وإنه في النظر الحديث ابن قرد، وما هو بابن قرد، ولكنه ابن آدم عليه السلام.

وإن مفرق الطريق هو هذا المنطلق؛ فشتان بين من يدرس نفس الإنسان، ومجتمع الإنسان، وتاريخ الإنسان… على أنه حيوان من الحيوان (كان ابن قرد أو لم يكن ابن قرد) ومن يدرس نفس الإنسان، ومجتمع الإنسان، وتاريخ الإنسان… على أنه إنسان، هو ابن آدم النبي عليه الصلاة والسلام؛ له خصوصية الخلق، وخصوصية الوظيفة، وخصوصية التكريم والتفضيل، وخصوصية العلم والعبادة، وخصوصية النفس والمجتمع والتاريخ والمصير…

وإن الأمة المرشحة لإنصاف الإنسان، هي هذه الأمة التي أُنزل إليها الكتاب والميزان، وأمرت بإقامة الوزن بالقسط وعدم إخسار الميزان، وبهذه القوَّامية بالقسط كانت وتكون لها الشهادة على الناس، وبها يجب أن يتم على يدها إنصاف البشرية، بإعادة الآدمية المسلوبة للعلوم الإنسانية كلها؛ فيصير علم النفس، علم نفس الإنسان لا الحيوان، ويصير علم الاجتماع، علم اجتماع الإنسان لا الحيوان… وهكذا في مختلف المجالات والتخصصات. وعندئذ تفرح البشرية بعودة آدميتها، إليها وتخسأ القردة والخنازير وعبد الطاغوت”. (مجلة الهدى، ع: 33، ص: 35).

وأما مجال المادة وعلومها فهو مجال السيادة للمصطلح الوافد؛ ويقصد به المجال الذي اتخذ المادة موضوعا له “كانت صلبة أو سائلة أو غازية، كعلوم الفزياء والكمياء، وعلوم طبقات الأرض وأجواز الفضاء، وعلوم الهندسة والصيدلة… وغير ذلك. (مجلة الهدى ع: 33 ص: 35).

وهو هو المجال الذي انصرف إليه جل الاهتمام كما تقدم، لكنه ما زال بعيدا عن أن يتم في مصطلحه الحسم، لأسباب كثيرة تقدمت في علاقة المسألة المصطلحية بحاضر الذات.

ولا شك أن قدرا ما -وإن قلَّ- من مصطلح هذا المجال سيكون متأثرا بالتوجه الحالي لعلوم المجال “وهي مسخرة الآن للإنسان الحيوان..، بميزانه يصرفها كيف يشاء، وبميزانه حسب مفهومه للنفع والضر، ينفع بها من يشاء ويضر بها من يشاء، ويبني بها ما يشاء ويهدم بها ما يشاء؛ لا حرج عليه أن تُحرق آلاف الأطنان من الحبوب، ولو مات آلاف البشر جوعا في الجنوب، من أجل أن تستقر الأسعار..، ولا حرج عليه أن ينفق كثيرا من الأموال والطاقات والأوقات، من أجل أن يكون قادرا على تدمير أكبر قدر من الكائنات في أسرع الأوقات!!!

يا لعظمة الإنسان الحيوان! بل يا لعظمة الحيوان المتخفي في صورة إنسان!!..ألم يان لهذه الأمة أن تصنع أئمة العلوم لتحدد وظيفة العلوم: كل العلوم، فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض؟ وتحمي العلوم من سلطة السحرة والكهان والمُخْلدين إلى الأرض…

ويومئذ تفرح البشرية بانتصار “ابن آدم” على “ابن القرد”، وبانتصار الصلاح على الفساد في وراثة الأرض، وباستدارة الزمان، -ومنه زمان العلم- كهيأته يوم خلق الله السماوات والأرض؛ فتكون السيادة في الأرض للعلم، وتكون الإمامة في الأرض لأهل العلم، و{إنما يخشى الله من عباده العلماء}(فاطر 28).” (مجلة الهدى ع: 33، ص: 35- 36).

المسألة المصطلحية والشهود الحضاري للأمة

قال الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}(البقرة : 143).

فموقع الأمة هو الشهادة على الناس، وهو جَعْلٌ من الله رب الناس، ملك الناس، إلاه الناس، كما جعل آدم في الأرض خليفة، وكما جعل إبراهيم إماما للناس، وكما جعل البيت مثابة للناس، وكما جعل وجعل…

ولا شهادة بغير أهلية للشهادة، ولو في الأمور الصغيرة {وأشهدوا ذوي عدل منكم}(الطلاق: 2) {ممن ترضون من الشهداء}(البقرة: 282)، فكيف بالشهادة على الناس كل الناس؟

وشروط الأهلية في الآية:

أولا: أن تكونوا أمة؛ ولا أمة بغير وحدة ما يُؤَمّ، ولا وحدةِ من يَؤُمُّ ومن يُؤَمّ. إذ مدار الأَمّ كله في اللغة على القصد، ومدار الأمة كلها على الوحدة في ذلك القصد.

ثانيا: أن تكونوا وسطا؛ ولا وسطية بغير خِيَرة، كما نصت الآية الأخرى: {كنتم خير أمة}(آل عمران: 110). ولا خيرة بغير قوة وأمانة {إن خير من استأجرت القوي الأمين}(القصص: 26). وإنما توسد الأمانة للأقوياء لا للضعفاء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : >يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة <(أخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب النهي عن طلب الإمارة والحرص عليها).

ومع ذلك، كل ذلك لا يكفي لأداء الشهادة، إذ لابد  من الشهود أي الحضور لأداء الشهادة. وحين تكون الشهادة بالخيرة؛ أي بالحال أساسا قبل المقال، ومن أمة لا من أفراد، وعلى الناس جميعا لا على بعضهم،  فإن الشهود والحضور لا بد أن يكون حضاريا، أي حضورًا بالإمامة  في كل المجالات، وعلى جميع المستويات، وفي كل الأوقات.

هذا الشهود الحضاري، هذا الموقع العلي، كيف يتصور المسير والمصير إليه من هذا الواقع الدني؟ كيف تنتقل الأمة الأشلاء من مشهودية الواقع إلى شاهدية الموقع؟ كيف تنتقل من الجمود والجحود إلى الاجتهاد والشهود؟ كيف وكيف وكيف؟..

“عبثا نحاول إصلاح الحال قبل إصلاح العمل، وعبثا نحاول إصلاح العمل قبل تجديد الفهم، وعبثا نحاول تجديد الفهم قبل تجديد المنهج.. وما أشق ذلك في الأمة اليوم!! لكثرة الموانع وقلة الأسباب؛ فكم من ترسبات منهجية فاسدة أفرزتها وراكمتها قرون الضعف والانحطاط في الأمة لا تزال مستمرة التأثير!، وكم من مقذوفات منهجية صبَّها الغرب صَبًّا على رؤوس نابتة الأمة، أو نفثها في روعها، فهي فاعلة فيها فعل السحر!، وليس في الواقع -للأسف- اتجاه عام، أو شبه عام، إلى صنع كواسح الركام والألغام، ولا اتجاه جاد، أو شبه جاد، إلى تصنيع ما يخلص العباد من سحرة فرعون ذي الأوتاد، الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد”. (نحو منهج لدراسة مفاهيم الألفاظ القرآنية، ص: 4).

إنه لا بد من منهج لفهم الذات لاكتشاف الذات.

ولابد من منهج لخطاب الذات لتوحيد الذات.

ولابد من منهج لتجديد الذات لشهود الذات على غير الذات.

وكل ذلك مما يدخل في التصور الحضاري الشامل للمسألة المصطلحية، ويسهم -بكفاءة وقوة- في حل معضلاته المنهج العام والخاص للدراسة المصطلحية.

المسألة المصطلحية وتحديات العولمة

العولمة أضخم غول، وأشرس غول، أمكن لعبدة العجل إنتاجه: رأسه عجل جسد له خوار، وجذعه الذي يحمل رأسه ويغذيه التكتلات والشركات المتعددة الجنسيات العالمية الضخمة. وأذرعه التي يبطش بها البنوك والمنظمات الدولية؛ كالبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومجلس الأمن وغيرها. وأسلحته ذات الرؤوس النووية المدمرة للحضارات والثقافات والديانات هي المصطلحات. أجل، المصطلحات؛ بها يهيء الأجواء في الأرض والسماء، وبها يخيف الضعفاء والأقوياء على السواء، وعلى أساسها يقرب البعداء ويبعد الأقرباء، وحماية لها -بزعمه- يضرب ما يشاء، بما يشاء، كما يشاء، في الزمن الذي يشاء، والمكان الذي يشاء، وكأن حاله يقول: أنا ربكم الأعلى، وأليس لي ملك الأرض، وهذه الشعوب تبكي من تحتي؟

ومن أبرز تلك المصطلحات التي أعدها ويعدها لسحق ومحق الديانات والثقافات والحضارات، تمكينا لدين العجل، وثقافة العجل، وحضارة العجل: مصطلح حقوق الإنسان، ومصطلح الشرعية الدولية، ومصطلح الديمقراطية، ومصطلح النظام العالمي الجديد الذي تطور حسب المرحلة إلى العولمة. ويلحق بها، مما هو دونها، كثير..

ولا شك أن أقوى سلاح مصطلحي حتى الآن، صنع له الأجواء، ليعد به الأجواء، للضرب من الأرض ومن السماء، هو مصطلح الإرهاب. هو الذريعة الفعالة الآن للتدخل في الخصوصيات للقضاء على كل الخصوصيات، ولو كانت دينية أو ثقافية أو حضارية. هو الذريعة الفعالة الآن لفعل فَعلة فرعون: تذبيح الأبناء واستحياء النساء، خشية ولادة موسى. وإن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا.

فالحرب المصطلحية الآن أخطر من الحرب النووية، والمستهدف الأول فيها هو الإسلام؛ ذلك بأنه وحده الذي يملك المصطلحات القادرة على افتراس مصطلحات السحرة وتلقُّف ما يافكون. وإنما تحتاج إلى أخذها بقوة، وإلقائها بقوة: {فأوجس في نفسه خيفة موسى، قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى، وألق ما في يمينك تلقف ما صنعوا، إنما صنعوا كيد ساحر، ولا يفلح الساحر حيث أتى}(طه: 69).

فهل المسلمون اليوم قادرون على أخذ مصطلحاتهم بقوة، وإلقائها بقوة؟!

ذلك هم الهموم في التصور الحضاري الشامل للمسألة المصطلحية.

ومما يأخذ باليد، في اتجاه ذلك الأخذ، أن يعلم:

1) أن للمصطلح الإسلامي، في أصله القرآني، خصوصية مفهومية غير قابلة للتغيير والتبديل، وذلك بسبب الطريقة التي استعمل بها اللفظ في القرآن الكريم، والسياقات التي وضع فيها؛ حتى إنك لو حاولت تغيير دلالة لفظ لَفَظَك القرآن خارجه. وهذا من إعجازه المصطلحي، فهو كتاب يحمل معجمه فيه، ويحمي معجمه به، ولا سبيل إلى التمكن من معجمه من خارجه {وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته}(الأنعام: 115).

2) أن طبيعة المصطلح الإسلامي، في أصله القرآني، عالمية، لا تحتاج إلى عولمة، وذلك من إعجاز القرآن الكريم أيضا، فلو أخذت مثلا معلقة لبيد، أو أي معلقة من المعلقات، وهن هن المختارات، وقارنتها بسورة العلق مثلا، لوجدت في المعلقة الإنسان المعيّن، والمكان المعيّن، والزمان المعيّن، بينا في السورة لا تجد أثراً لمعيَّن: الإنسان مطلق، وبلفظ الإنسان نفسه، والزمان مطلق، إلا زمن الأفعال التي أطلقت بحذف مفاعيلها، والمكان غائب البتة. مع أن أول السورة مسرحه غار حراء، وما بعده مسرحه المسجد الحرام. وذلك جعل المصطلحات التي وردت بالسورة لا أثر فيها للمحلية؛ فمصطلح الخلق، ومصطلح الإنسان، ومصطلح التعليم، ومصطلح الطغيان، ومصطلح الاستغناء، ومصطلح الصلاة، ومصطلح الهدى، ومصطلح التقوى، ومصطلح الطاعة، ومصطلح السجود، ومصطلح الاقتراب… كلها عالمية منذ البداية، لا أثر فيها لمكة، أو قريش، أو بني هاشم، أو بني مخزوم، أو الحجاز، أو العرب. والسبب في ذلك أنها من الله جل جلاله، رب الناس، ملك الناس، إلاه الناس، جميعا.

3) أن طبيعة مفهوم المصطلح الإسلامي، في أصله القرآني، شمولية. يصغر أمامها كل كبير، وتمتد إلى آفاق وأعماق، ليس من السهل أن تذاق، بله أن تطاق. وذلك معنى القول السابق: إن الإسلام وحده الذي يملك المصطلحات القادرة على افتراس مصطلحات السحرة. وإنما تحتاج إلى من يأخذها بقوة، ويلقيها بقوة، فإذا هي تلقف ما يأفكون. ولنأخذ مثالا وقع لأحد الأساتذة المغاربة، وقد دعي ليحاضر بجامعة أمريكية عن التسامح، فكان أن ابتلع المصطلح القرآني الذي اختاره وهو التعارف، المصطلح الغربي الذي هو التسامح، في قصة مثيرة لافتة للانتباه، دافعة إلى الاعتبار. ولو سمح المقام لَبُسط فيها الكلام. وحسبنا أن يتقرر أن شتان بين مفهوم اختاره بأهوائهم البشر، ومفهوم اختاره، بفضله ورحمته، رب البشر. ويا ليت قومي يعلمون.

خاتمة في مستعجلات المسألة المصطلحية

وأحسب أن أهمها تسع:

1- ضرورة التصور الحضاري الشامل للمسألة المصطلحية.

2-  ضرورة حل معضلة النص التراثي في مختلف العلوم، توثيقا وتحقيقا وتكشيفا.

3- ضرورة اعتماد منهج الدراسة المصطلحية، في الكشف عن مفاهيم المصطلحات.

4- ضرورة إنجاز المعجم المفهومي للقرآن الكريم. ويراد به المعجم الذي يحدد مفاهيم ألفاظ القرآن الكريم ومواقعها في النسق المفهومي الكلي للقرآن الكريم، ليمكن الوصول إلى الفهم الكلي النسقي للقرآن الكريم.

5- ضرورة إنجاز المعجم التاريخي للمصطلحات العلمية العربية.

6- ضرورة التزام منهجية مستوعبة لما لدى الذات وغير الذات في وضع المصطلحات. وقد قيل عن هذا في نظرة سابقة، ما نصه: “إن المصطلح الوافد -السائد أو غير السائد- لا يواجه -ولا ينبغي أن يواجه- بمنهج “العثور”. إنه لابد من خطة علمية شاملة حاسمة، لمواجهة ما أسماه بعضهم بـ “الطوفان المفهومي”، خطة تقوم:

أولا: على إحصاء ممتلكات الذات، ثم تقوم:

ثانيا: على استيعاب ما لدى الآخر من علم بعلم، في مختلف التخصصات، ثم تقوم:

ثالثا: على الاقتراض الحضاري بعلم، من خارج الذات، حسب حاجات الذات.

وذلك يعني فيما يعني صرف الجهد في:

مجال النص التراثي أولا؛ لأنه مَجْلى الذات وخزَّان الممتلكات.

ثم مجال لغة النص ثانيا، ولاسيما الاصطلاحية؛ لأنها المدخل الوحيد للتمكن من الفهم السليم للمفاهيم، الذي عليه ينبني التقويم السليم، فالاقتراض الحضاري السليم.

ثم مجال منهج دراسة النص مقاما ومقالا ثالثا؛ لأنه الهادي إلى استنباط الهدى اللازم للحضور والشهود الحضاري، مما لا حاجة إلى اقتراض الأمة له من خارج الذات.

ثم مجال الوافد من خارج الذات رابعا، واستيعابه عند أهله، بالتخصص فيه، بلغات أهله، ثم بتتبع آثاره فينا بالدرس العلمي لا بالخَرْص؛ لأن ذلك الذي يمنعنا من أن نَظلم أو نُظلم، ويؤهلنا للشهادة على الناس بعلم”. (نظرات في المسألة المصطلحية ص: 7-8).

7- ضرورة توحيد جهة البت في الوضع والاستعمال للمصطلحات.

8- ضرورة إلزام الإدارة والإعلام والتعليم والثقافة بالمصطلح الإسلامي للوقاية من أخطار العولمة وغيرها.

9- ضرورة إنشاء جهاز داخلي للتمشيط المصطلحي (بلغة العسكريين) في مختلف العلوم، وتأسيس مكاتب جمركية، في كل نقط التماس الحضاري، تأمينا لسلامة الذات.

وإلا تفعلوه، تكن فتنة في الأمة وفساد كبير، أكبر مما هو.

{ويقولون متى هو، قل عسى أن يكون قريبا}.

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

بقلم : د. الشاهد البوشيخي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>