نافذة على التراث


موعظة غالية

قال العتبي : تنازع إبراهيم بن المهدي هو وبختيشوع الطبيب بين يدي أحمد بن أبي داود القاضي في مجلس الحكم في عقار بناحية السواد، فزرى عليه ابن المهدي وأغلظ له بين يدي أحمد بن أبي داود. فأحفظه ذلك، فقال: ياإبراهيم، إذا نازعت أحداً في مجلس الحكم فلا أعلمن أنك رفعت عليه صوتاً، ولا أشرت إليه بيد؛ وليكن قصدك أمماً، وطريقك نهجاً، وريحك ساكنة. ووف مجالس الحكومة حقوقها من التوقير والتعظيم والتوجه إلى الواجب، فإن ذلك أشبه بك، وأشكل لمذهبك في محتدك وعظم خاطرك. ولا تعجل، فرب عجلة تهب ريثاً، والله يعصمك من الزلل، وخطل القول والعمل، ويتم نعمته عليك كما أتمها على أبويك من قبل، إن ربك حكيم عليم.

فقال إبراهيم: أصلحك الله، أمرت بسداد، وحضضت على رشاد، ولست بعائد إلى ما يلثم مروءتي عندك، ويسقطني من عينك، ويخرجني عن مقدار الواجب إلى الاعتذار، فها أنذا معتذر إليك من هذه البادرة اعتذار مقر بذنبه، باخع بجرمه؛ فإن الغضب لا يزال يستفز بمودة فيردني مثلك بحلمه، وقد رهبت حقي من هذا العقار لبختيشوع، فليت ذلك يقوم بأرش الجناية، ولن يتلف مال أفاد موعظة. وبالله التوفيق

أنواع من الفتن

حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أشعث بن سليم، قال: سمعت رجاء بن حيوة يحدث، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه. قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب والفضة، ولبسن رياط الشام وعصب اليمن، فأتعبن الغني وكلفن الفقير ما لا يجد.

> حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني

 ثلاث ممقوتة

حدثنا أبو بكر بن مالك، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني أبي، حدثنا عبد القدوس بن بكر، عن محمد بن النضر الحارثي رفعه إلى معاذ بن حنبل، قال: ثلاث من فعلهن فقد تعرض للمقت، الضحك من غير عجب، والنوم من غير سهر، والأكل من غير جوع.

>حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني

العلم والعمل

حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد بن حيان، حدثنا محمد بن أبي بكر، حدثنا بشر بن عباد، حدثنا بكر بن خنيس، عن حمزة النصيي، عن يزيد بن يزيد بن جابر، عن أبيه، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “تعملوا ما شئتم إن شئتم أن تعلموا، فلن ينفعكم الله بالعلم حتى تعملوا”.

> حلية الأولياء لأبي نعيم الأصفهاني

أقوال ومواقف زاهدة

قيل ليحيى بن معاذ: ما بال أبناء الدنيا يحبون الزاهدين وهم يفرون منهم؟ قال: ذلك كالدباغ يستروح إلى العطار، والعطار يفر من ريحه.

وقال ابن أبي الورد: إبليس يقول من ظن أنه نجا مني فبجهله وقع في حبائلي.

ومر داود الطائي برطب فقال لبائعه: انسئني بدرهم لغد. فأبى. فتبعه رجل وعرض عليه المال فوجده يقول: يا نفس تريدين الجنة وأنت لا تساوين درهماً. وأبى قبول المال. وقال: إنما أردت أن أعرف نفسي قدرها.

وقال بعضهم: ازهد في الدنيا ودع أهلها، وكن مثل النحلة، إن أكلت أكلت طيباً، وإن أطعمت أطعمت طيباً، وإن وقعت على عودة لم تنكسر.

وقالت امرأة العزيز: الحمد لله الذي جعل العبيد بطاعته ملوكاً والملوك بمعصيته عبيداً.

وقيل: المحسن في معاده كالغائب يرد إلى أهله مسروراً، والمسيء كالآبق يرد مأسوراً.

وقال الحسن: يا ابن آدم تحب الصالحين وتفر من أعمالهم وتبغض الفجار وأنت منهم؟

وعن بعضهم أنه قال: ما معي من الصلاح غير حبي لأهله.   ؟؟محاضرات الأدباء الأصفهاني

فائدة في علوم القرآن

قال بعض الأقدمين: أنزل القرآن على ثلاثين نحواً، كل نحومنه غير صاحبه، فمن عرف وجوهها ثم تكلم في الدين أصاب ووفق، ومن لم يعرف وتكلم في الدين كان الخطأ إليه أقرب. وهو: المكي والمدني، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، والتقديم والتأخير، والمقطوع والموصول، والسبب والإضمار، والخاص والعام، والأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحدود والأحكام، والخبر والاستفهام، والأبهة والحروف المصرفة، والإعذار والإنذار، والحجة والاحتجاج، والمواعظ والأمثال والقسم.

قال: فالمكي مثل: واهجرهم هجراً جميلاً. والمدني مثل: وقاتلوا في سبيل الله. والناسخ والمنسوخ واضح. والمحكم مثل: ومن يقتل مؤمناً متعمداً.. الآية. ومثل: إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً ونحوه مما أحكمه الله وبينه. والمتشابه مثل: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا.. الآية، ولم يقل ومن فعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً، كما قال في المحكم، وقد ناداهم في هذه الآية بالإيمان ونهاهم عن المعصية ولم يجعل فيها وعيداً، فاشتبه على أهلها ما يفعل الله بهم. والتقديم والتأخير مثل: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية.. التقدير: كتب عليكم الوصية إذا حضر أحدكم الموت. والمقطوع والموصول مثل: لا أقسم بيوم القيامة. ولا مقطوع من أقسم، وإنما هو في المعنى: أقسم بيوم القيامة، ولا أقسم بالنفس اللوامة، ولم يقسم. والسبب والإضمار مثل: واسأل القرية: أي أهل القرية. والخاص والعام مثل: يا أيها النبي، فهذا في المسموع خاص. إذا طلقتم النساء، فصار في المعنى عاماً. والأمر وما بعده إلى الاستفهام أمثلتها واضحة. والأبهة مثل إنا أرسلنا، نحن قسمنا، عبّر بالصيغة الموضوعة للجماعة للواحد تعالى تفخيماً وتعظيماً وأبهة. والحروف المصرفة: كالفتنة تطلق على الشرك نحو: حتى لا تكون فتنة. وعلى المعذرة نحو: ثم لم تكن فتنهم أي معذرتهم. وعلى الاختبار نحو: قد فتنا قومك من بعدك. والإعذار نحو: فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم اعتذر إنه لم يفعل ذلك إلا بمعصيتهم، والبواقي أمثلتها واضحة.

> الإتقان في علوم القرآن  للسيوطي

رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

…هــرم بـن حـيـان العبدي

كان ثقة وله فضل وعبادة روى عنه الحسن البصري.

قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدثنا سفيان عن هشام عن الحسن عن هرم بن حيان أنه كان يقول: أعوذ بالله من زمان يمرد فيه صغيرهم، ويأمل فيه كبيرهم، وتقترب فيه آجالهم.

وقيل له أوصنا: فقال: أوصيكم بخواتيم سورة البقرة.

وقيل له أوص، قال: ما أدري ما أوصي، ولكن بيعوا درعي، فاقضوا عني ديني، فإن لم يتم فبيعوا فرسي، فاقضوا عني ديني، فإن لم يتم فبيعوا غلامي. وأوصيكم بخواتيم سورة النحل: أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة إلى آخر السورة إن الله مع الذين أتقوا والذين هم محسنون.

وعنه أنه قال: إياكم والعالم الفاسق. فبلغ عمر بن الخطاب فأشفق منها، فكتب إليه هرم بن حيان والله يا أمير المؤمنين ما أردت به إلا الخير، يكون إمام يتكلم بالعلم ويعمل بالفسق فيشبه على الناس، فيضلوا.

وأراد قومه استعماله، وظن أنهم سيأتونه، فأمر بنار فأوقدت بينه وبين من يأتيه من القوم. فجاء قومه، فسلموا عليه من بعيد، فقال مرحبا بقومي، ادنوا. فقالوا: والله ما نستطيع أن ندنو منك، لقد حالت النار بيننا وبينك. قال فأنتم تريدون أن تلقوني في نار أعظم منها في جهنم. قال: فرجعوا.

قال أخبرنا أحمد بن أبي إسحاق عن مخلد بن حسين قال: سمعت هشاما يذكر عن الحسن، قال: مات هرم بن حيان في غزاة له في يوم صائف، فلما فرغ من دفنه، جاءت سحابة فرشت القبر حتى تروى لا تجاوز القبر منها قطرة واحدة ثم عادت عودها على بدئها.

> الطبقات الكبرى  لابن سعد

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>