الإعلان عن التوقيت الصيفي الجديد يثير بلبلة لدى العديد من المواطنين الذين تعودوا على ربط أوقات الصلوات بالتوقيت العادي، بل إن العديد من الشرائح الاجتماعية تربط نشاطها اليومي بالتوقيت العادي، ولذلك فإن العديد من هؤلاء وخاصة في المناطق القروية لا يغيرون وقت ساعاتهم، بل يحتفظون بالتوقيت العادي، لأن التوقيت الصيفي “يزعجهم كثيرا” على حد تعبير العديد منهم.
ولعل الجهات المنظمة والمرتبة لهذا التوقيت تدرك بشكل واضح هذا “الإزعاج” ولذلك تعلن كل مرة أن هذا التوقيت ينتهي مع بداية شهر رمضان المبارك. والتعليل الذي قُدم في السنة الماضية لتوقيت العمل بالتوقيت الصيفي مع بداية شهر رمضان، يمكن أن يقرأ كما يلي “عدم إزعاج الناس بهذا التوقيت لأن شهر رمضان شهر عبادة، عبادة الصوم وعبادة الصلاة، وكلاهما مرتبط بالتوقيت فينبغي أن يكون هذا التوقيت عاديا”.
وللمرء أن يسأل : هل العبادة فقط في شهر رمضان؟ ماذا عن العبادة اليومية التي نص عليها القرآن الكريم مرات عديدة، وهي عبادة الصلاة؟ ماذا عن صلاة الجمعة التي نص القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة على وجوب أدائها، وعدم الانشغال عنها بأي شيء من أمور الدنيا في ذلك الوقت مهما كان شأنه، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من التخلف عن الجمعة بدون سبب شرعي، أما أقواله صلى الله عليه وسلم في الحث على التبكير في الذهاب إليها، وما تقرأه عن سيرة السلف الصالح الذين كانوا يحرصون على الجلوس في الصف الأول وما يدعو إلى ذلك التبكير، فأمر مشهور ومتواتر، ومع ذلك قد يبدو في ضوء ضوضاء العصر وزحمة وقته أن كل تلك الأقوال المأثورة من قبيل الخيال الذي يصعب على الكثير التفكير فيه، بله تطبيقه.
ومن الأكيد أن الذي هو واقع عند الجميع، وتحرص الأمة على تطبيق الحد الأدنى منههو عدم التفريط في الصلاة، حتى وإن حدث التهاون في التبكير إليها.
وإذا كان الأمر كذلك، فأين نحن الآن من أداء هذه الشعيرة في وقتها وخاصة في ضوء التوقيت الجديد، حيث سيكون وقت أداء الصلاة بعد الساعة الثانية، أي أن المؤسسات التعليمية بجميع مستوياتها، التي يبدأ فيها الدخول على الساعة الثانية، لن يصلي لا تلامذتها ولا أساتذتها ولا إداريوها صلاة الجمعة، وسيُحرمون من أدائها بقوة القانون!!!!
فهل هذا ما يُراد من مؤسساتنا التعليمية؟؟
هل هذه هي القيم الدينية التي يراد الحفاظ عليها والتي نصت عليها أكثر من مادة من المواد المنظمة والمؤسسة للتعليم؟. لماذا لا تستفيد المؤسسات التعليمية من”التسهيلات” التي تمنح لموظفي الإدارات العمومية، فيكون استئناف الدراسة بعد الزوال على الساعة الثالثة بدل الثانية؟ وهذا أضعف الإيمان!!.
لقد مضى زمن المطالبة بجعل يوم الجمعة عطلة أسبوعية رسمية وأصبح الحديث عن ذلك من قبيل الأحلام، خاصة في زمن نشبت العولمة أظفارها في كل شيء، وتم الارتباط بالغرب في كل كبيرة وصغيرة، حتى التوقيت الصيفي لا يمكن أن يفسر إلا بذلك.
إنه من العجيب حقا أن ترتبط برامجنا وأعمالنا ومواعدنا ومواقيت أعمالنا بتنظيم مادي لا أثر فيه للقيم الدينية على الإطلاق، حتى في أكبر شعيرة تميز المسلمين عن غيرهم، وهي صلاة الجمعة. وكأننا أمة لا ينص دستورها على أن الإسلام هو الدين الرسمي للبلاد.
وفي المقابل نرى الدين عند غيرنا حاضرا في كل شيء حتى في الأعياد الوطنية. فمنذ أيام احتفل الكيان الصهيوني بقيام دولته المغتصبة لأرض فلسطين، وكان حفل الذكرى حسب التوقيت العبري، لا حسب التوقيت الميلادي. وفي ذلك دلالة وأي دلالة، فهل نأخذ العبرة من أعدائنا ونجعل لديننا مكانا في حياتنا؟؟!!