10- الاستعمالات الخاطئة تفقد اللغة قيمتها التعبيرية


تغليب التأنيث على التذكير في الحياة العامة (2 )

سبق لنا في الحلقة الماضية أن أوردنا مجموعة من الكلمات التي نرى أن تأنيثها لا يخضع لضوابط التقعيد المعمول به في نظام قواعد اللغة العربية. وقد قسمنا تلك الكلمات إلى قسمين :

- أحدهما أضيفت إلى آخره تاء التأنيث فقط، ومنه العاملة والساكنة.. وثانيهما أضيف إلى آخره شيئان اثنان هما الياء أولا، ثم التاء ثانيا. ومنه : الانتاجية، والتنافسية، قد لاحظنا أن الخطأ المحتمل في النوع الثاني مركب من شيئين اثنين : خطأ يتعلق بإضافة ياء النسب إلى آخر الاسم دون أن يتوافر فيه مواصفات النسب، وقد ناقشنا هذا الجانب في الحلقة الماضية. وخطأ يتعلق بإضافة تاء التأنيث بعد الياء إلى آخر الاسم دون أن يدل الاسم الذي أضيفت إليه على أي معنى من المعاني التيتدل عليها الأسماء التي تضاف إليها تأء التأنيث، غير دلالتها على المؤنث -كما سياتي ذكره بحول الله- ولذا علينا أن نناقش دلالة التاء التي تزاد بعد ياء النسب في هذا النوع من الكلمات. والاحتمال الوارد لقبول استعمال هذا النوع من الكلمات (التنافسية. الخ) أحد أمور ثلاثة نوردها كما يلي :

> أولا : يفترض أن تكون هذه الأسماء المنسوبة مؤنثة فعلا، وفي هذا الحال تضاف إليها تاء التأنيث بعد ياء النسب كما إذا أردنا أن ننسب أنثى إلى بلد أو مكان مّا، فنقول فيها هذه فتاة مغربية، أو صحراوية، أو مصرية، أو فرنسية إذ الملاحظ أن المنسوب إلى هذه الأماكن قبل إضافة التاء إليه هو مغربي، وصحراوي، ومصري، وفرنسي. ولما كان المنسوب مؤنثا أضفنا التاء بعد ياء النسب للفرق بين الجنسين، والسؤال هل هذه الأسماء التي نناقشها (الظرفية، والاشكالية، والتنافسية..) مؤنثة؟!

الجواب : لا، لأنها لا تحمل دلالةالمؤنث بطبعها حتى تضاف إليها التاء، فالظرف، والإشكال، والإنتاج… أسماء مذكرة.

وبخصوص إضافة التاء بعد ياء النسب إذا كان المنسوب مؤنثا، يقول عباس حسن : >إذا كان المنسوب مؤنثا وجب الإتيان بتاء التأنيث للدلالة على تأنيثه، فيقال : قرأت بحوثا علمية، وأدبية لفتيات عربيات فيهن المغربية والمصرية والسورية..<(النحو الوافي 686/4).

> ثانيا : في قواعد اللغة العربية كلمات تختم بياء النسب وتاء التأنيث لتدل على معاني معينة، وهي مصوغة صناعة (أي في صناعة قواعد اللغة) من أصول معينة احتراما لنظام قواعد اللغة العربية، وهذا ما يسمى بالمصدر الصناعي، و>هو اسم تلحقه ياء النسبة مردفةً بتاء التأنيث للدّلالة على صفة فيه.

ويصاغ إمّا من اسم الفاعل مثل عالِمية (بكسر اللام لأن اسم الفاعل منه هو عالِم، أضيفت إليه الياء والتاء ليدل على هذه الصفة في الموصوف به). أو من اسم المفعول مثل معْذُورَّية، أو من أفعل التفضيل مثل أسبقيه، أو من الاسم الجامد مثل انسانية، وحيوانية، أو من المصدر الميمي مثل المصدرية وما أشبه ذلك…<(القواعد الأساسية للغة العربية ص 308).

والسؤال مرة ثانية هل الكلمات التي تناقشها (الظرفية…الخ) مصادر صناعية فهل هي دالة على صفات كما هو الحال فيما هو مصدر ميمي، وهل هي مصوغة من أحد الأصول التي يصاغ منها المصدر الميمي مثل اسم  الفاعل، واسم المفعول، واسم التفضيل..؟! أو بعيارة أخرى هل الظرف، والانتاج، والتنافس، والإشكال والعائد، وارد على صيغة اسم الفاعل مثل (عالِم) أو اسم المفعُول مثل (معذور) أو اسم تفضيل مثل أسبق قبل أن تضاف لأحدها الياء والتاء؟!

> ثالثا : قد يَردُ الاسم المنسوب على هذا الشكل أي مختوم بياء وتاء ويقصد به الجماعة، وفي هذا يقول ابن يعيش وهو بصدد الحديث عن أنواع الاسم المنسوب >وكذلك المنسوب قد يؤنث على إرادة الجماعة >كالبصرية، والكوفية، والمروانية< في المنسوب إلى مروان بن الحكم >والزبيرية< في المنسوب إلى الزبير…(شرح المفصل لابن يعيش 100/5).

والسؤال مرة ثالثة هل يقصد بهذه الأسماء المؤنة جماعة مّا؟! -يتبع-

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>